عدالة يقدّم تقريره للجنة التحقيق الدوليّة في الحرب على غزّة

منظومة التحقيق الداخليّة للجيش الإسرائيلي فشلت بتطبيق أي من المعايير الدوليّة المطلوبة؛ استقلاليّة التحقيق، النزاهة، والشفافيّة.

 

 

 

قدّم مركز عدالة هذا الأسبوع تقريرًا خاصًا للجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن الحرب في غزّة عام 2014. ويساهم التقرير في عمل اللجنة التي، رغم كل العقبات التي تواجهها، تجمع أدلّة وحقائق حول الحرب التي استمرت 51 يومًا، كما وتتواصل مع الضحايا من أجل الوصول إلى الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

 

ويأتي تقديم هذا التقرير في ظل استقالة رئيس لجنة التحقيق، بروفيسور بيل شاباس، على خلفيّة استشارةٍ قانونيّة كان قد قدّمها في السابق لمنظّمة التحرير. ويأمل مركز عدالة أن لا تعوّق استقالته العمل الهام الذي تجريه اللجنة وصدور التقرير الذي حُدد موعد تقديمه للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ليوم 23 آذار 2015.

 

 

إخفاقات جديّة في منظومة التحقيق الإسرائيليّة

وجاء في تقرير عدالة أن التحقيقات الإسرائيليّة بعمليّة "الجرف الصامد" اتّسمت بقصورٍ جديّ قياسًا بالمعايير الدوليّة في هذا المجال وعلى رأسها الاستقلاليّة، النزاهة، الشفافيّة، الفوريّة والنجاعة. بالإضافة لذلك يُفيد التقرير أن القانون الإسرائيليّ المحليّ لا يحتوي على تشريعات خاصّة بجرائم الحرب كما لا يحوي قانون العقوبات الإسرائيليّ على امكانيّة تحميل المسؤوليّة الجنائيّة للقيادات العسكريّة والسياسيّة على انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. ويقتبس التقرير مصادر إسرائيليّة رسميّة مثل وزير الأمن، موشي ياعلون، الذي أصدرت تصريحات ضد فتح أي تحقيقات بشأن الحرب. أما عن التحقيقات الإسرائيليّة فهي تؤدّي بالأساس، بحسب التقرير، إلى إحباط التحقيق الجنائيّ، ولا تؤدي إلى محاكمات أو عقوبات بحقّ مرتكبي جرائم الحرب ضد الفلسطينيين في غزّة.

 

في خلاصاته، جاء في التقرير أن الفشل الإسرائيليّ في التحقيق الناجع بجرائم الحرب، تحوّل إلى نمطٍ متّبع، وهو ما أشير إليه في تقرير لجنة غولدستون للتحقيق بعمليّة "الرصاص المصبوب" عام 2009. وكذلك في تقرير اللجنة الحكوميّة الإسرائيليّة – طيركل- والتي أصدرت 18 توصية تشير إلى قصورات التحقيق الإسرائيلي. تجدر الإشارة إلى أنه، وبعد سنتين على صدور توصيات طيركل، إلا أن الحكومة الإسرائيليّة لم تف بالتزامها تطبيق هذه التوصيات.

 

في هذا القسم من التقرير، قدّم مركز عدالة مستندات تثبت أن المحكمة الإسرائيليّة العليا رفضت بشكلٍ دائم أي تدخّل يُجبر المدّعي العسكري العام على فتح التحقيقات، أو يغيّر من قراره بإغلاق ملفّات التحقيق، كما لم تصدر المحكمة أي أمر لمدّعي العسكري بتقديم أي شخصٍ للمحاكمة بتهمة ارتكابه جرائم حرب في غزّة. حتّى على صعيدٍ مبدئيّ، فالمحكمة لم تضع أبدًا أي توجيهات حول التحقيق الجنائيّة في حالات انتهاك القانون الدولي الإنساني.

 

 

إسرائيل تتعمّد إفشال دعاوى التعويضات المدنيّة التي يقدّمها الضحايا الغزيين

 

في جزئه الثاني وضّح تقرير عدالة الوسائل التي تستخدمها إسرائيل لعرقلة دعاوى التعويضات المدنيّة التي يقدّمها الغزّيون ضحايا العدوان أمام المحاكم الإسرائيليّة، حيث تتعمّد إسرائيل وضع عقبات عسيرة من ضمنها منع الفلسطينيين من الدخول إلى إسرائيل للتوجّه للمحاكم، تقليص الفترة المتاحة لتقديم الدعاوى، ومطالبة المدّعين الفلسطينيين بوضع كفالات ماليّة باهضة جدًا لا يمكن لهم تحمّل عبئها. كذلك، سنّت إسرائيل تشريعات استطاعت من خلالها منع وتقييد قدرة الفلسطينيين تحصيل التعويضات على الأضرار التي تسبب بها الجيش خلال عدوانه.

 

كذلك شدد عدالة في تقريره على تناقض المصالح في قضايا التعويضات، حيث أن الطرف المدّعى ضدّه، وهو الجيش الإسرائيليّ هو ذاته الطرف الذي يتحكّم بدخول المدّعين والشروط إلى إسرائيل للتوجّه للمحكمة، وهو قادر بهذا على منعهم من الدخول وإفشال الدعوى بحجّة عدم مثول المدّعين والشهود.

 

في قرارها الصادر يوم 16 كانون أوّل/ ديسمبر من العام 2014، أيّدت المحكمة الإسرائيليّة العليا تعليمات المستشار القضائي للحكومة التي منعت أهالي غزّة من الدخول إلى إسرائيل لتقديم الدعاوى القضائيّة. وأشارت عدالة في هذا السياق إلى أن هذه التعليمات تحتوي على تصريحٍ واضحٍ لمكتب المستشار القضائي يوصي بتسهيل الإجراءات أمام الفلسطينيين المدّعين فقط في الحالات التي لا يضر فيها هذا التسهيل بموقف الدولة في القضيّة.

 

هذا وأكّد تقرير عدالة أن هذه التعليمات تتناقض حتّى مع قرار المحكمة العليا الصادر عام 2006، والذي يدعم الحقّ الدستوريّ للفلسطينيين بالدخول لإسرائيل لإتمام الإجراءات القضائيّة في قضايا التعويضات. على أرض الواقع، ضربت إسرائيل قرار المحكمة بعرض الحائط، حتّى أن قرار المحكمة الذي صدر نهاية العام 2014، يحول دون تنفيذ قرار العام 2006 على أرض الواقع، وهو بذلك يؤسس لانتهاكٍ جسيمٍ إضافيّ لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنسانيّ.