الكنيست تتّجه نحو تمديد إعفاء المخابرات الإسرائيليّة من توثيق التحقيقات ضد الفلسطينيين

تمديد الإعفاء "يعرقل بشكلٍ واضحٍ أيّ إمكانيّة للرقابة القانونيّة على إجراءات التحقيق وعلى صحّة الأدلّة والاعترافات التي تُقدّم للمحكمة".

بعد المصادقة عليه بالقراءة الأولى، تنظر لجان الكنيست الإسرائيليّة هذه الأيّام باقتراحٍ حكوميّ لتمديد بند القانون المؤقّت الذي يُعفي جهاز المخابرات الإسرائيليّة (الشاباك) والشرطة الإسرائيليّة من توثيق التحقيقات بالصوت والصورة، حين تتعلّق التحقيقات بتهمٍ تعرّفها إسرائيل على أنّها "أمنيّة". وقد توجّه مركز عدالة في رسالةٍ للمدّعي العام وللمستشار القضائي للحكومة الإسرائيليّة، يطالبهم فيها بالاعتراض على اقتراح التمديد الذي اعتبره عدالة "مسًا بالغًا بحقوق المعتقلين؛ حقّهم بالإجراء القضائي العادل وحقّهم بالكرامة" كما أكّد عدالة أنّ تمديد الإعفاء "يعرقل بشكلٍ واضحٍ أيّ إمكانيّة للرقابة القانونيّة على إجراءات التحقيق وعلى صحّة الأدلّة والاعترافات التي تُقدّم للمحكمة".

 

ويأتي هذا الاقتراح بعد أن أقرّ البرلمان الإسرائيلي في العام 2002 قانونًا يُجبر الأجهزة الأمنيّة على توثيق التحقيقات ضد كل من تُوجّه ضده تهم تبلغ عقوبتها السجن الفعليّ لعشر سنواتٍ وما فوق. إلا أنه وفي الوقت ذاته، احتوى هذا القانون على بندٍ مؤقّت ("أمر ساعة"  لستّ سنوات) يُعفي المحققين من توثيق التحقيقات بالتهم "ذات الطابع الأمنيّ" – وعليه فإن المتضرر الأساسيّ من هذا البند هم الأسرى الفلسطينيين. في العام 2008 مددت الكنيست أمر الساعة حتّى العام 2012، ومن ثم مدّدته حتّى العام 2015. في هذه الأيّام، عشيّة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب (26.6.2015)، تسعى الحكومة الإسرائيليّة جاهدة إلى تمديد هذا الإعفاء لخمس سنواتٍ إضافيّة، قبل نفاذ موعد الإعفاء الجاري حتّى الرابع من تمّوز المقبل.

 

في رسالته، أكّد المحامي نديم شحادة من مركز عدالة أنّ توثيق التحقيقات بالصوتِ والصورة من شأنه أن يمنع ممارسة التعذيب ضدّ المعتقلين الفلسطينيين ويمنع استخدام الأساليب غير المشروعة التي لا زالت تمارَس في غرف التحقيق الإسرائيليّة من أجل انتزاع الاعترافات. تمديد الاعفاء من التوثيق، بحسب المحامي شحادة، "كفيل باستمرار استخدام وسائل غير مشروعة مثل الضرب المبرح، الشَبِح، واستخدام الأقارب كوسيلة ضغطٍ على المعتقل."

 

وأضاف المحامي شحادة في رسالته أنّه حتّى لو لم يتم استخدام وسائل التعذيب التقليديّة الممنوعة، فإنّ المعتقل لا يزال "معرضًا للإدلاء باعترافات كاذبة بتهمٍ لم يرتكبها، بحيث أنّ عملية التحقيق بحدّ ذاتها، حتّى من دون التعذيب، تضع المتّهم في حالةٍ صعبة، مهينة، تتعدّى على خصوصيّته وعلى نفسيّته وتثقل عليه بشكلٍ بالغٍ يؤدّي بالضرورة إلى ضغوطات خطيرة".

 

كذلك ذكر عدالة أنّ توثيق التحقيقات بالصوت والصورة له أهميّة بالغة خاصةً وأن التوثيق المكتوب للتحقيقات يُكتب باللغة العبريّة، وهي ليست اللغة التي يتحدّث بها المعتقلون ولا هي اللغة التي يُجرى بها التحقيق، ولذلك فهناك أهميّة بالغة للتأكد من دقّة ترجمة ما قيل في تحقيقات خطيرة قد تكلّف المعتقل سنوات سجنٍ طويلة.

 

ويأتي تمديد الاعفاء الإسرائيليّ رغم المواثيق الدوليّة التي تطالب باتخاذ كلّ الإجراءات الممكنة من قبل الحكومات لأجل التأكد من منع التعذيب والمعاملة غير الإنسانيّة اتجاه المعتقلين، ورغم تقرير لجنة طيركل الإسرائيليّة، والتي عادت وأكّدت، ضرورة توثيق التحقيقات بالصوت والصورة. في شباط 2013، شطبت المحكمة الإسرائيليّة العليا التماس مركز عدالة ومنظّمات حقوقيّة أخرى لإلغاء هذا الإعفاء بعد أن التزمت وزارة القضاء بفحص إجراءات بديلة ممكنة. من مركز عدالة جاء أن اقتراح القانون الحالي لا يحمل أي تعديلات.