Warning: include(/home/adalah/public_html/uploads/oldfiles/newsletter/ara/jun09/../../../ara/head.html): failed to open stream: No such file or directory in /home/adalah/public_html/uploads/oldfiles/newsletter/ara/jun09/14.php on line 10

Warning: include(): Failed opening '/home/adalah/public_html/uploads/oldfiles/newsletter/ara/jun09/../../../ara/head.html' for inclusion (include_path='.:/usr/lib/php:/usr/local/lib/php') in /home/adalah/public_html/uploads/oldfiles/newsletter/ara/jun09/14.php on line 10

مجلة عدالة الالكترونية
العدد رقم 61، أيّار 2009


مقابلة مع المحاميّة ليئة تسيميل1

حاورها: صلاح محسن، مركز الإعلام في "عدالة"

 

حتى صدور قرار المحكمة العليا الذي يمنع التعذيب عام 1999، تعرّض المعتقلون الفلسطينيون لشتى وسائل التعذيب في غرف التحقيق من محققي جهاز الأمن العام ("الشاباك"). لم يحدد القانون الإسرائيلي المسموح والممنوع في عمل الشاباك؛  حتى العام 1999، عمل محققو "الشاباك" بحسب توصيات لجنة لنداو، وهي لجنة تحقيق رسميّة أقيمت في أعقاب شكاوي عديدة على طرق التعذيب التي يستخدمها محققو الشاباك. قامت هذه اللجنة بفحص الوسائل التي يستعملها الشاباك، وقررت أنّ بعض هذه الوسائل غير مشروع وغير قانوني. مع ذلك سمحت هذه اللجنة لمحققي الشاباك  باستخدام "ضغط جسدي معتدل" في حالات معينة. في العام 1999، في أعقاب التماسات قدمتها مجموعة من مؤسسات حقوق الإنسان2، منها اللجنة ضد التعذيب وجمعية حقوق المواطن والمركز للدفاع عن حقوق الفرد، منعت المحكمة العليا "الشاباك" من استعمال طرق تعذيب معينة عند التحقيق مع الفلسطينيين.

بعد مضيّ عشر سنوات على قرار المحكمة العليا، تحدثنا إلى المحامية ليئه تسيمل، التي مثلت جزءًا من الملتمسين في هذا الملف.

 

- هل نجح قرار الحكم فعلاً في وقف التعذيبات في إسرائيل؟

 

"يتضمن قرار الحكم عدة أبعاد هامة: بادئ ذي بدء، اعتراف المحكمة بحقيقة وجود تعذيب في إسرائيل. جميع الادعاءات التي طرحناها على مرّ السنوات والمتعلقة بالهزّ والربط الوحشي وتغطية الرأس ومنع النوم وإجلاس الأسرى على كراسٍ واطئة وتعليقهم بطرق مختلفة وإسماع الموسيقا بصوت عالٍ والحبس في غرف مظلمة وغيرها، جميعها تلقت تصديقًا من المحكمة.

 

"النقطة الأكثر أهمية في قرار الحكم تتجسّد في قرار العليا بأنّ القانون الإسرائيليّ يمنع استخدام التعذيب أثناء التحقيق. من الجهة الأخرى، سمحت المحكمة بتعذيب المعتقلين تحت ادعاء "حماية الضرورة". وتعني "حماية الضرورة" أنه يمكن لـ "الشاباك" أن يعذّب المستجوَبين في حال اعتبروا "قنبلة موقوتة"، أي في حال كانوا يشكّلون، برأي "الشاباك"، تهديدًا فوريًا على سلامة الجمهور. وهكذا، في الواقع، أبقت المحكمة على خيار التعذيب. ومع هذا، يجب على محقق "الشاباك" الذي يبغي استخدام هذا الادعاء، أن يحصل على تصريح من المسؤولين عنه.

 

"عندما أقرّ قرار المحكمة العليا، قامت جميع تنظيمات حقوق الإنسان وجميع الناشطين في المجال بالاحتفال حقيقة ً. لقد ساد جوّ من الانتصار، جوّ مهرجانيّ ورضًا حقيقيّ. فالمرء لا يشهد كل يوم قرار محكمة من هذا القبيل."

 

- كيف أديرت المحكمة؟

 

"استمرّت المحكمة عشر سنوات. وفي الواقع، قامت المحكمة بضمّ ملفات كثيرة تطرّقت إلى التعذيب، في ضمن ملفّ واحد. وبرأيي، فإنّ محرّك التغيير الذي أدّى إلى هذه الخطوة كان الأكاذيب المتكررة الصادرة عن محققي "الشاباك" ورئيس الجهاز، حيث كانت هذه الأكاذيب تتطور وتُصقل على مرّ السنين. وقد وصلت المحكمة شكاوى كثيرة من جهات عديدة، تناولت جميعها وصف تلك التعذيبات بعينها. وقد وجد "الشاباك" دومًا الأعذار لممارسة التعذيب، وجرى عرضها بواسطة ماكينة أكاذيب مُنفرة فائقة التدبير. وأثارت طرق العمل هذه خشية المحكمة حيث أضاءت أضواء حمراء بصددها. وقد طوّر "الشاباك" التعذيبات بشكل منهجيّ، يكاد يكون علميًا. حتى إنهم حضروا إلى المحكمة مصطحبين قوائم منظمة تناولت بالتفصيل أنواع التعذيب ومدّتها وتوقيع المعذِّب. وقد أثارت كلّ هذه الأمور هلع القضاة وشعروا بأنّ عليهم فرض حدود ما.

 

"وعلى ما يبدو، فإنّ نظرية التعذيب المنمّقة استندت إلى استشارة نفسانية، أوضحت ماهية التقنيات التي يمكن أن تؤثر على المستجوَبين أكثر من غيرها، وأن تفتّ من عزائمهم وتؤدّي بهم إلى الاعتراف- وأحيانًا الاعتراف بأمور لم يقترفوها. وبرأيي، فإنّ "الشاباك" حصل على استشارة نفسانية استند عليها المحققون من أجل معرفة الأمور التي يمكن أن تؤلم أكثر من غيرها، وما هي الفترة الزمنية المسموحة لممارسة طريقة تعذيب معينة، وما هي الفترة التي يصبح الألم من بعدها غير محتمل وما هو السقف الأقصى لقدرة الانسان على الاحتمال."

 

- كيف تُدار التحقيقات بعد هذا القرار؟

 

"هناك فرق بين التحقيق مع معتقل من مواطني إسرائيل وبين التحقيق مع الفلسطينيين من المناطق المحتلة. فالمعتقل المواطن يُعرض بدايةً على قاضٍ. وتقوم الشرطة بعرض أدلة ظاهرية أمام القاضي، تربط المعتقل بالنشاطات الأمنية، ويقوم القضاة، عمومًا، بالرضوخ لطلب الشرطة ويمدّدون اعتقال المشتبه به لفترة غير قصيرة، وفي الواقع- لفترة طويلة. وإذا ما كان المعتقل فلسطينيًا من المناطق المحتلة فإنّ المحققين يتمتعون بما يكفي من الوقت. فلديهم إسبوعان إلى حين وجوب عرض المعتقلين أمام قاضٍ.

 

"وفي الحالتين يُطلب من المعتقل التوقيع على استمارة تتناول حقوقه بالتفصيل. وهذه الاستمارة هامة لأنها توفر الحماية لرجال "الشاباك". وفي حال لم يسلم المحققون للمعتقل تفاصيل حقوقه، فيمكن لاعترافه أن يكون لاغيًا. وتشكل استمارة الحقوق وملخص التحقيق سوية وثيقة مذكرة رسمية.

 

"ويخشى المستجوَبين من قراءة الاستمارة بتمعّن قبل التوقيع عليها، كي لا يُنظر إليهم على أنهم مختصون أو أنهم تلقوا تدريباتٍ ما. وفي غالب الحالات يقوم "الشاباك" بإبلاغ المعتقلين بالفعل بأنّ من حقهم الالتقاء بمُحامٍ. ولكن في اللحظة التي يطلبون فيها تمثيلاً قضائيًا يصدر "الشاباك" أمر منع التقاء بالمُحامي، مما يؤدي إلى عزل الأسير عزلاً تامًا.

 

"منذ قرار المحكمة العليا لا يقوم محققو "الشاباك" بضرب المشتبه بهم العاديين. ويتلقى المشتبه بهم القسم الأكبر من الضرب أثناء الاعتقال وأثناء نقلهم إلى المعتقل، على يد الجيش أو الشرطة. كما أنّ المحققين يقومون بعمليات تضليل وتدليس كثيرة؛ فهم يُغرقون المستجوَبين في بحر من المعلومات عن العائلة والأصدقاء والجيران ويُطلعونهم على الكثير من الصور لأبناء العائلة والبيت. وتُضاف إلى الصور تلميحات بأنهم سيهدمون بيت العائلة.

 

"يجلس المستجوَبون على كرسيّ عاديّ وليس على كرسيّ صغير وواطئٍ كما في السابق. ويجري تقييدهم إلى الكرسيّ ويسيطر المحققون عليهم بشكل مطلق، حتى على احتياجاتهم الجسدية. ويجري التحقيق مع المستجوَبين على يد محققين كُثُر ولساعات طويلة، إلى أن يزعزعوا قدرتهم على التحمل. ويستعين "الشاباك" كثيرًا بجهاز الكشف عن الكذب. وفي حال وجدوا أنّ الشخص لا يقول الحقيقة، فإنهم يواجهونه بهذا ويحققون معه مجددًا. وفي الواقع، فإنّ هذه وسائل تحقيق جديدة وأكثر ذكاءً من التعذيب.

 

"وإذا كان بالإمكان الادّعاء بأنّ شخصًا ما هو "قنبلة موقوتة"، فإنّ المحققين يطلبون تصريحًا من المستويات الأعلى لتعذيب المعتقل. ولا يتلقى المحققون مسؤوليات عن التعذيب من دون تصريح، إلا أنّه يمكن الحصول على التصاريح بسهولة نسبية. وبتقديري 10% من المعتقلين مُعرّفون على أنهم "قنبلة موقوتة" ويحصل الشاباك على تصريح بتعذيبهم بادّعاء "حماية الضرورة.

 

"وفي حال اعتقال شخص ما فإنّ "الشاباك" يملك الكثير من المعلومات عنه. ويجري جمع المعلومات من خلال التنصت على المحادثات الهاتفية بواسطة الأقمار الصناعية واستنادًا إلى عدد كبير من المتعاونين. وما يقوله المستجوَب عن مستجوَبين آخرين يصبح جزءًا من ملفاتهم. ومقابل كل أسير هناك وحش "شاباكيّ" ذكيّ يملك السيطرة على الكثير من المعلومات بما يخصّ أيّ شيء.

 

"المرحلة التالية هي الاستعانة بـ "العصافير"، وقد بدأت هذه بالتوسّع في الفترة الأخيرة قبل إصدار قرار الحكم، فيما اكتسبت الظاهرة تسارعًا وتوسعًا كبيريْن بعد قرار الحكم."

 

- ما هو "العصفور"؟

 

"‘العصافير‘ هم المُستَنطقون في داخل السّجن. وفي الغالب يكونون رجالا عربًا، يعمل قسم منهم مع "الشاباك" وقسم آخر منهم من الأسرى أو الأسرى السابقين يقومون بهذا العمل لقاء المال أو أية منافع أخرى. وينحصر عملهم في استخراج المعلومات من المستجوَبين، وهم يتمتعون بتدريب ممتاز. ويمكن الادّعاء بأنّ "الشاباك" وقف من وراء تأسيس المسرح الوطنيّ الفلسطينيّ في السّجون. إنه فنّ حقيقيّ. ويصل المستجوَبون إلى "العصافير" بعد ساعات طويلة من التحقيقات، من دون نوم، وفي أعقاب فترات طويلة من العزل. ولذلك يكونون في أمسّ الحاجة للحديث والتواصل مع الناس.

 

"وقد توصل "العصافير" إلى درجة كبيرة من التطوّر والتقدّم، بحيث أنّ الأسير الذي لا يعترف بشيء فإنه يخرج معترفًا في نهاية الأمر. الأسرى يعترفون بأمور لم يقترفوها ولم يفكّروا حتى في فعلها."

 

- وكيف يجري الأمر على أرض الواقع؟

 

"إنهم يعرفون سلفًا إلى أيّ تنظيم ينتمي المشتبه به. ثم يقدّمون أنفسهم على أنهم ينتمون إلى نفس التنظيم. كما أنّ بحوزتهم معلومات وافية عن التنظيم وعن أعضائه. كما تراهم يتحدثون كما لو أنهم قضوْا كلّ حياتهم داخل ذلك التنظيم، إلى أن يشعر الأسير بأنهم أعضاء في التنظيم فعلاً. بعدها، يمنحون الأسير شعورًا بأنه في خطر، بأنّهم يشكّون في كونه متعاونًا مع "الشاباك". ويجب على المشتبه به أن يثبت أنه ليس متعاونًا. ولذلك يروي الكثير من الأمور، اقترف بعضها والبعض الآخر لم يقترفه. ويقوم "العصافير" بتسجيله ويأتون للإدلاء بشهاداتهم ضده في المحكمة."

 

- هل تُعتبر الاعترافات التي ترد خلال أحاديث مع "العصافير" مقبولة في المحكمة؟

 

"تدّعي المحكمة أنّ الاستعانة بـ "العصافير" شرعية، بتسويغ أنه من المسموح اتباع الحيل في التحقيقات. أضفْ إلى ذلك أنّ نظرة عرضية على الملفات التي استعان بها الادعاء بتسجيلات من "العصافير" كأدلة ضدّ المشتبه بهم، تشير إلى أنّ المحكمة تتعامل مع هذه الأدلة على أنها أدلة قوية."

 

- هل هناك نقد على منح تصريحات بالتعذيب؟

 

"الأمر لا يتوقف عند عدم وجود أيّ نقد، بل إنّ المحكمة تتعامل مع هذا الأمر بارتياح وهدوء. القضاة يشعرون بأنّ "الشاباك" يعمل بشكل منظم: لا يعذبون المستجوَبين من دون تصاريح."

 

1مثلت المحامية ليئه تسيمل اللجنة الشعبية ضد التعذيب في إسرائيل في قضية "التعذيبات" في المحكمة العليا. الرسالة المعنونة إلى رجل الشاباك أيًا كان، أو إلى كل رجال الشاباك، كُتب رأسًا بعد قراءة قرار الحكم في أيلول 1999.  

2 يُنظر إلى قرار المحكمة العليا 5100/94، اللجنة ضد التعذيب في إسرائيل ضد الحكومة الإسرائيليّة، 53(4) ب.د. 817 (صدر القرار في 6 أيلول 1999).