السياسة المُعلنة للشرطة بمنع المُظاهرات السياسيّة في المجتمع العربيّ

تصوير: محمّد خليليّة
 

تُعتبر سياسة الشرطة بمنع تنظيم المُظاهرات في المجتمع العربيّ تَرجمةً لإعلان المُفتّش العامّ للشرطة الإسرائيليّة، كوبي شبتاي، عن نيّته منع كُل تعبير فيه تعاطف مع غزّة وأهلها، عندما ظهر في مقطع فيديو رَفعته الشرطة الإسرائيليّة على حسابها الرسمي بالعربيّة على TikTok، في تاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأوّل 2023، مُدليًا بعدد من التصريحات العُنصريّة والتحريضيّة. بالإضافة إلى إصداره لتوجيهات وتعليمات غير قانونيّة حول رفض الشرطة لأيّ توجّه للمواطنين الفلسطينيّين، يُطالبون فيهِ بالحصول على ترخيص لتنظيم مُظاهرات مُناصرة للشعب الفلسطينيُ في غزة أو مُناهضة للعدوان عليها. من الجدير بالذكر أنّ شبتاي صرّح في خطابه هذا أنّ "من يودّ أن يكونَ مُواطنًا في مدينة إسرائيل، فأهلًا وسهلًا به، أمّا من يودّ التماهي مع غزّة فسوف أضعه الآن على متن الحافلات المتّجهة إلى هناك، وسأساعده في الوصول إلى هناك [إلى غزّة]". ردًّا على ذلك، أبرقت المُحامية د. سهاد بشارة من مركز عدالة رسالةً مُستعجلة إلى كلّ من المُفوّض العام للشرطة الإسرائيليّة، كوبي شبتاي، والمُستشارة القضائيّة للحُكومة، غالي بهراف-ميارا، مُطالبًة فيها بإبطال فوريّ لتعليمات الشرطة بهذا الشأن لما فيها من انتهاك سافر للحقوق الدستوريّة للمواطنين الفلسطينيّين، وخاصّةً الحقّ في حرّيّة التعبير عن الرأي والحقّ في التجمهر. أشارَت الرسالة كذلك، إلى أنّ قرار مُفوّض الشرطة فاقد للشرعيّة، إذ أنّ منع المُظاهرات بشكل قاطع وشامل لا يقع ضمنَ صلاحيّات المُفوّض العامّ للشرطة نصًّا وقانونًا. 

 

أضف إلى ذلك، أدانَت الرسالة التصريحات العنصريّة والتحريضيّة للمُفوّض ودعوته لاتّباع سياسة "اللا تسامح" ضدّ كُل من يُخالف التعليمات، من خلال اتّخاذ "عقوبات اقتصاديّة" ضدّهم أو حتّى ترحيلهم في باصات إلى غزّة وهو ما يرقى إلى دعوة إلى "الترانسفير"؛ ولأنّ تصريحات كهذه تنزع الشرعيّة عن أيّ احتجاج تضمانيّ مع أهل غزّة، وتحتوي على مُوافقة ضمنيّة لعناصر الشرطة بإمكانيّة تفعيل القُوّة المُفرطة وغير القانونيّة من أدوات قمع وترهيب لفضّ الاعتصامات والمُتظاهرين، ما قد يُفضي إلى إلحاق الضرر بسلامتهم الجسديّة أو حتّى بتهديد حياتهم. وبالفعل، قامت الشرطة بتطبيق هذه السياسة على أرض الواقع في أكثر من مُناسبة كما سنُبيّن لاحقًا.

 

بالإضافة إلى التصريحات المذكورة أعلاه، كشفت وسائل إعلام إسرائيليّة، في التاسع والعشرين من أكتوبر، عن مبادرة للشرطة الإسرائيليّة ووزارة الأمن القوميّ، برئاسة إيتمار بن غفير، تسمح لعناصر الأمن بإطلاق النار الحيّ على المُتظاهرين في حالات الطوارئ، بناءً على اعتباراتٍ ترى في تظاهرهم إخلالًا بالنظام العامّ، خاصّةً في حال إغلاق المُتظاهرين للطُرق. في أعقاب ذلك، أرسل مركز عدالة رسالة طارئة إلى كلّ من المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهراف-ميارا، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، مطالبًا إيّاهما بتجميد أيّ سيرورة لإخراج هذه التعليمات لحيّز التنفيذ، لما في ذلك من تجاوز لحقوق إنسان أساسيّة، منها الحقّ بالحفاظ على سلامة الجسد والحقّ في الحياة؛ كما ينصّ القانون الإسرائيليّ والدوليّ على حدٍّ سواء. علاوةً على ذلك، وضّح عدالة أنّ استخدام وسائل قاتلة ضدّ المُتظاهرين يُعدُّ مُخالفةً للقانون الجنائيّ، حيث أنّ إطلاق الرصاص الحيّ على المُتظاهرين (لإصابتهم أو قتلهم) لا يدخل ضمن نطاق الدفاع عن النفس، ذلك أنّ حالات كهذه لا تُشكّل خطرًا فوريًّا وحقيقيًّا على حياة عناصر الأمن. 

 

وأضافت الرسالة أنّ إنجاز هذه الخطوات، فيه استغلال لحالة الطوارئ الحالية من أجل تقنين ومَنْهجة قتل المواطنين الفلسطينيّين في إسرائيل، وترسيخ الصورة السائدة عنهم التي ترى فيهم، جميعًا، أعداءً للدولة ولسائر المواطنين فيها. وعليه، يرى عدالة أنّ في هذه السياسة والتوجيهات المُقترحة تعارضًا واضحًا مع استنتاجات لجنة "أور" والتي تمّ تشكيلها بعد أحداث هبّة أكتوبر للعام 2000، للبتّ بقتل 13 مواطنًا عربيًّا بالرصاص. في حينها خَلُصَتْ اللجنة إلى أنّ إطلاق الرصاص الحيّ لا ينبغي أن يُعتبر وسيلةً لتفريق الحشود ذلكَ أنّه يُعرِّض حياة المواطنين العرب للخطر، واتّخذت قرارًا بضرورة إجراء تغيير جذريّ في موقف الشرطة السلبيّ اتّجاه الأقلّية العربيّة في إسرائيل، وهوَ ما يُصوَّر أحيانًا على أنّه موقف عدائيّ منهم.

 

 

 

مُستندات:

لقراءة رسالة عدالة بشأن التعليمات غير القانونيّة برفض جميع طلبات المجتمع الفلسطينيّ لتنظيم مُظاهرات سياسيّة، اضغط\ي هنا.

لقراءة رسالة عدالة للمطالبة بتجميد التعليمات التي تسمح لعناصر الشرطة بإطلاق النار الحيّ على المُتظاهرين في حالات الطوارئ، اضغط\ي هنا.