التماس عدالة، باسم الجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساواة والحزب الشيوعيّ الإسرائيليّ

في أعقاب سياسية حظر المُظاهرات بشكل كُلّي خلال الحرب على غزّة، وقرار منع تنظيم الحزب الشيوعيّ لمُظاهرتين في أم الفحم وسخنين، قدّم مركز عدالة، يوم الإثنين المُوافق 6 تشرين الثاني /أكتوبر، التماسًا للمَحكمة العليا باسم الجبهة الديموقراطيّة للسلام والمساواة والحزب الشيوعيّ الإسرائيليّ حول قرارات الشرطة. بعد إرجاء إصدار قرارها بشأن الالتماس، رفضت العليا في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر، التماس المركز، مُعلّلةً ذلك بمعقوليّة ادّعاءات الشرطة حول النقص في القوّات المطلوبة من أجل ضمان السلامة والأمن العامّ. 

 

الاثنين|06.11.2023| قَدَّمَ مركز عدالة التماسًا، باسم الجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساواة والحزب الشيوعيّ الإسرائيليّ، بعد أن رفضت الشرطة طلب سكرتير الحزب الشيوعيّ في أم الفحم، وسكرتير الحزب الشيوعيّ في البطوف، بإصدار تراخيص لتنظيم مُظاهرتين في أُم الفحم وسخنين. في الالتماس طالبَ مركز عدالة، بإلغاء قرار الشرطة في هاتين الحالتين بشكل عينيّ، وبإلغاء قرارها الذي يُمنَع بناءً عليه تنظيم مُظاهرات ضدّ الحرب على غزّة بشكل عام؛ وهو ما انعكسَ في قمع المُظاهرات واعتقال المُتظاهرين في حيفا وأُم الفحم من قبل. وجاء في الالتماس الذي قَدَّمَهُ المُحاميان د. حسن جبارين ود. سهاد بشارة من مركز عدالة، أنّ القرار الجارف الصادر عن مُفوّض الشرطة بمنع المُظاهرات ذات الطابع السياسيّ خلال الحرب، هو قرار غير قانونيّ لما فيه من تجاهل للحقوق الدستوريّة للمُلتمسين. عدا عن أنّ هذا القرار يمسّ بالحقّ في حرّيّة التعبير عن الرأي والحقّ بالتظاهر كما حُدِّدَ في  قرارات سابقة أَصدرتها المحكمة العُليا بشأن المُظاهرات؛ وهو حقّ من الضروريّ الحفاظ عليه بالأخص في أوقات الطوارئ. 

 

الثلاثاء|07.11.2023| في ردّها، أشارتْ الشرطة والنيابة العامّة بأنّها لا تُعارض المُصادقة على طلب الأطراف المُدّعية (أي الجبهة والحزب الشيوعي) بعقد مُظاهرة، لكنَّ رفضها جاء نتيجة تخوّفاتها من انضمام أطراف أُخرى للمُظاهرتين، هدفها التحريض، ما قد يُؤدّي إلى نشوب أعمال عُنف وإخلال بالأمن العام. وَبيّنت الشرطة أنّ انتشار وتجنّد قوّاتها لمُواجهة الحرب، كانَ قد أَضَرَّ بقدرتها على التعاطي مع المُظاهرات أو أيّ أعمال شغب قد تنشأ عنها الأمر الذي يبرر، بحسبهم، منع التظاهرة من أصلها. في ترافعه أمام المحكمة، أشارَ د. حسن جبارين أنّ قرار الشرطة ينطوي على ادّعاءات عُنصريّة والتي تُتيح حقّ التظاهر في البلدات اليهوديّة مُقابل منع تامّ وشامل لمُمارسة هذا الحقّ في البلدات العربيّة. هذا و اقترحت المحكمة على المُدَّعين إمكانيّة تنظيم الاحتجاجات في أمكنة مُغلقة، إلّا أنّ المُدّعين رفضوا هذا الاقتراح. لذلك، أرجأت المحكمة اتّخاذ قرارها بالالتماس. 

 
تصوير: محمّد خليليّة

 

الأربعاء|08.11.2023| ثلاثة قضاة في العليا، يترأسّهم القاضي يتسحاك عميت، يَرفضون التماس الجبهة والحزب الشيوعيّ لترخيص التظاهر ضدّ الحرب، وذلكَ على الرغم من إقرارها بأنَّ فرض منع جارف ومُسبق على تنظيم المُظاهرات لا يقع ضمنَ صلاحيّات مُفوّض الشرطة. وأضافت المحكمة، أنّ حقّ التظاهر لا يفقد من أهمّيّته في فترة الطوارئ والحرب. بالرغم من موقفها هذا، إلّا أنّ المحكمة رَفضت الالتماس، مُعلّلةً ذلك بمعقوليّة ادّعاءات الشرطة حول النقص في قوّاتها خلال الحرب ، الأمر الذي يَحِدُّ من قُدرتها على تكليف عناصر من قوّاتها لحفظ السلامة والأمن العامّين خلال المُظاهرات، وهو ما دفعها بالتالي لرفض الطلب لهاتين المُظاهرتين بشكل عينيّ. وأضافت المحكمة، أنّ مفعول قرارها هذا يسري في هذا التوقيت حصرًا وعلى المُظاهرتين العينيّتين اللتين كان من المُزمع إقامتهما في أم الفحم وسخنين لا غير، ممّا يعني أنّه من حقّ المُلتمسين تقديم طلبات جديدة للحصول على ترخيص، وعلى الشرطة أن تنظرَ فيها بشكل جدّي وعينيّ وفقًا للمعايير التي تحترم حرّيّة التظاهر.

 

 

موقف عدالة 
تُشكِّل القَرارات التعسُّفيّة للمحاكم والشرطة بحظر المُظاهرات المُندّدة بالعدوان على غزّة مُحاولةً لفرض رقابة مُسبقة على التعبير السياسيّ المَشروع، بالاعتماد على اعتبارات مضمون المظاهرة فقط، وما يروق أو لا يروق للشرطة لأسباب أيديولوجيّة وسياسيّة. إنّ ضمان الحقّ في التظاهر والحقّ في التعبير عن الرأي، يُصبح ضرورة ماسّة وهامّة في أوقات الطوارئ بشكل خاصّ أكثر منها في أوقات السلم، ولكنَّ سياسات إسرائيل منذُ السابع من أكتوبر، هي العكس تمامًا من ذلك. إذ يهدف التضييق المفروض على المجتمع الفلسطينيّ في الداخل إلى إسكات وقمع مواقف أفراده، وحتّى نزع الشرعيّة عن أيّ احتجاج قانونيّ يودّون تنظيمه. أضف إلى ذلك، أنّ سياسات الشرطة وقرار المحكمة بشأن الالتماس هي إشكاليّة من الدرجة الأولى، ذلكَ أنّ الادّعاءات والمعايير التي قدّمتها الشرطة والمحكمة لرفض الالتماس هيَ ادّعاءات عُنصريّة وتمييزيّة، ترى بالمُجتمع الفلسطينيّ مُجتمعًا عنيفًا وعدوًّا يسعى إلى التحريض على إسرائيل وتخريب الحيّز العامّ، ولذلك لا بُدَّ من توخّي الحيطة والحذر بشأنه، وقمعه مُسبقًا تجنُّبًا لحدوث "الأسوأ". مُقارنةً بذلك، لا تُطبِّق المحاكم والشرطة هذا الحظر للمُظاهرات في البلدات اليهوديّة أو مع المُجتمع اليهوديّ. وعليه، يُصرّ مركز عدالة على مُتابعة نهج الشرطة في التعامل مع الطلبات الجديدة لتنظيم مُظاهرات، وعلى تحدّيها قانونيًا في حال اقتضت الحاجة.

 

 

 

 

مُستندات:

  • لقراءة التماس عدالة، باسم الجبهة والحزب الشيوعي (باللغة العبريّة)، اضغط\ي هنا.
  • لقراءة قرار المحكمة العليا في التماس عدالة، باسم الجبهة والحزب الشيوعي (باللغة العبريّة)، اضغط\ي هنا.