عرض حالة: "أنصحكِ بعدم القدوم إلى الحرم الجامعي": عميد جامعة بن غوريون في النقب يرضخ لاحتجاج الطلبة الإسرائيليّين بشأن “العُقوبةً المُخفّفة” بحقّ طالبة فلسطينيّة

أدانت اللجنة التأديبيّة في جامعة بن غوريون إحدى الطالبات الفلسطينيّات بإنكار جزء من أحداث السابع من أكتوبر في أعقاب نشرها لمقطع فيديو على مواقع التواصل االاجتماعيّ ينفي حدوث بعضها. في قرارها، اختارت اللجنة توبيخها وفرض أربعين ساعة من العمل التطوّعيّ كعقابٍ بها على نشر مقطع الفيديو المذكور أعلاه لأنّه "يَمُسّ بمشاعر الطُلّاب والجامعة واحترامهما". إلّا أنّ قرار اللجنة هذا لم يُلاقي استحسان بعض الطلبة الإسرائيليّين في المُؤسسة، الذينَ رَأَو بالعقوبة المذكورة أعلاه عُقوبةً مُخفّفة، ما دفعهم إلى تنظيم احتجاج داخل الحرم الجامعيّ على إثر ذلك، للمُطالبة بتشديد العقوبة عليها. لم يكتفِ الطلبة عندَ هذا الحدّ، بل وصلَ بهم الأمر إلى حدِّ استخدام التهديد لدفع الجامعة بالرضوخ إلى مطالبهم، قائلين: "لن نسمح بعودتها إلى مقاعد الدراسة - إن استكملت تعليمها كأنّ شيئًا لم يكن، لن نسمح بافتتاح السنة الدراسيّة - سنُغلق الجامعة".


نتيجةً للضغوطات المُمارسة عليها، أعلنت الجامعة في السابع من كانون الثاني 2024، عن قرارها بالاستئناف على العقوبة "المُخفّفة"؛ فيما أرسلَ عميد الجامعة رسالةً إلى الطالبة جاءً فيها: "أرى بأنّهُ في أعقاب إدانتك من قبل اللجنة التأديبيّة، لا يُمكنك العودة لمقاعد الدراسة وكأنّ شيئًا لم يكن. أنصحُكِ بعدم الحضور إلى الدوام الدراسيّ غدًا أو في الأيّام القريبة، وَمُتابعة دروسك في المكتبة أو في أي مكان آخر ترينه مناسبًا". كذلك، أشارَ العميد على أنّه يعمل لاكتشاف الوسيلة الأكثر مُلاءَمة لدمجها في الجامعة من جديد، وبالتالي هو يأمل أن تقبل توصيته وأَلَّا تحضر إلى الحرم الجامعيّ في الأيّام القريبة. 

 

في جلسة الاستماع الثانية، استدعت اللجنة المسؤولة عن المسار التعليميّ الذي تدرس به الطالبة، هذا على الرغم من أنّها قد أَدلَتْ بالفعل بشهادتها في الجلسة الأولى، وعلى الرغم من معارضة فريق الدفاع. سردت المسؤولة في شهادتها الجديدة عن الضغوطات التي مارسها الطلبة الإسرائيليّون ضدّها، وبالتالي فإنّها ترى بأنّ الحل المُناسب هو توقيف الطالبة عن التعليم.

 

في دفاعه، أشارَ طاقم الدفاع إلى أنّه لا يجوز للجنة الاستئنافات التدخّل في القرار الأوّل الصادر عن لجنة الطاعة، ذلكَ أنّ تدخّلات من هذا النوع، تجوز فقط في حالات نادرة وعندَ إثبات أنّ القرار السابق غير جائز بالمرّة. وعلى الرغم من تبيين طاقم الدفاع إلى أنَّه لا يُمكن إدراج هذه الحالة ضمن الحالات الاستثنائيّة والنادرة، إلّا أنّ لجنة الاستئناف قبلت بطلب الجامعة وأَقرَّت تشديد العقوبة بحقّ الطالبة. لم تكتفي لجنة الاستئنافات بذلك، بل وضعتْ عقوبةً أكثر شِدَّة ممّا طلبته الجامعة، إذ أبقتْ على العقوبة الأولى، وأضافت إليها التوقيف المُؤقّت عن التعليم لمدّة فصل دراسيّ كامل. بالطبع، لم تكترث اللجنة إلى حقيقة أنَّ مُعظم المساقات في المسار التعليميّ الذي تدرس به الطالبة هي مساقات سنويّة، ممّا يعني أنّ توقيفها لمُدّة فصل واحد سيُترجم على أنّه توقيف لمُدّة عام كامل على أرض الواقع.  

 

بطبيعة الحال، أنكرت الجامعة أنّ قرارها هذا جاءَ نتيجةً للضغط الطُلّابيّ عليها، بل وادّعت أنّها ستسعى إلى مُحاسبة مُنظّمي الاحتجاج من الطلبة الإسرائيليّين؛ إِلَّا أنَّ الهُجوم الإعلاميّ الذي شنّته إدارة الجامعة ضدّ الطالبة وضدّ قرار اللجنة التأديبيّة، يُثبت حاجة الإدارة إلى استرضاء الطلبة المُشتَكِين والمُحتَجّين على حدِّ سواء. ممّا لا شَكَّ فيه بأنّ هذه الحالة تُشكِّلُ إحدى مظاهر الكراهيّة ومُعاداة الطلبة الفلسطينيّين في المُؤسسات الأكاديميّة، بل ورضوخ هذه المُؤسسات للدعوات العُنصريّة والتهديدات من أوساط الطلبة الإسرائيليّين، وغياب قيم النزاهة والعدل في التعامل مع قضايا الطلبة.