عدالة بالتعاون مع الائتلاف الأهليّ يُطالب المُفوّض العامّ للشرطة بوضع حدّ لعمليّات التفتيش غير القانونيّة في أجهزة الهواتف لسكّان القدس الشرقيّة الفلسطينيّين

يوم الأحد، الرابع عشر من كانون الثاني للعام 2024، أبرقَتْ المُحامية هديل أبو صالح -عن مركز عدالة-، بالتعاون مع الإئتلاف الأهليّ للدفاع عن حقوق الفلسطينيّين في القدس؛ رسالةً عاجلةً إلى المُفوّض العامّ للشرطة الإسرائيليّة كوبي شفتاي، والمُستشارة القضائيّة للحكومة غالي بهراف ميارا؛ مُطالبَةً إيّاهما بالتحرّك الفوريّ من أجل وضع حدّ لعمليّات التفتيش غير القانونيّة والتمييزيّة، التي تُجريها الشرطة في أجهزة الهواتف لسكّان القدس الشرقيّة. ادّعى مركز عدالة في رسالته بُطلان مُمارسات رجال الشرطة هذه، ذلكَ لعدم التزامهم بمبدأ الشرعيّة الإداريّة الممنوحة لهم أو حصولهم على أمر قضائيّ ينصّ على إجراء التفتيش؛ ممّا يُعَدُّ انتهاكًا خطيرًا للحقوق الدستوريّة للفرد وحقوق الإنسان الأساسيّة؛ نخصُّ منها الحقّ في الخصوصيّة والحقّ في حرّيّة الحركة والتنقّل.

 

هذا وَمُنذُ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023، تكشفُ توجّهات سكّان شرقيّ القُدس وشهاداتهم الميدانيّة، عن توقيفهم وتعطيل حركتهم بشكل منهجيّ من قبل رجال الشرطة الإسرائيليّة، وبالأخصّ على حاجز حزما، حاجز قلنديا، حاجز هار جيلو، وبعض الحواجز المُؤقّتة التي تنصبها الشرطة في القدس الشرقيّة. لا يكتفي رجال الشرطة بذلك، بل ويشترطون إجراء عمليّات تفتيش واسعة لمُمتلكات الفلسطينيّين من أجل السماح لهم بمُواصلة طريقهم، بما في ذلك إجراء تفتيش لأجهزتهم المحمولة، والذي يشمل تفتيشًا لرسائلهم الشخصيّة في تَطبيقي واتسآب وتلغرام والاطّلاع على قنوات الأخبار التي يُتابعها صاحب الهاتف.

 

جاء في الرسالة أيضًا أنّ الهاتف المحمول والأجهزة الإلكترونيّة تُعَدُّ مخزنًا هائلًا من المعلومات الشخصيّة لمالكها، وعليه لا يجوز تفتيشها إلّا بموجب أمر قضائيّ  ينصّ على ذلك، ويُحدّد أغراض البحث وشروطه، مع تبيين طبيعة ونوع البيانات التي يُسمح بالانكشاف عليها أو استخراجها بهدف الحدّ من ضرر المسّ بخصوصيّة المُتّهم. لذلك، عادةً ما يتمّ توكيل شخص يتمتّع بالمهارة والمعرفة التقنيّة اللازمة لأداء هذه المُهمّة، وهوَ ما لا يحدث في القدس الشرقيّة. لذلك، يعتبر تفتيش رجال الشرطة للهاتف في الحيّز العام، انتهاكًا سافرًا لحقّ صاحبه بالخصوصيّة، ذلكَ أنَّهُ يُمكّنهم من وضع أيديهم على جميع المعلومات الموجودة في الهاتف، وكل ذلك بشكل يُنافي القانون.

 

علاوةُ على ذلك، شدّدت الرسالة على عدم قانونيّة تصرّف الشرطة عندَ إعاقتهم لحركة الفلسطينيّين في القدس الشرقيّة، ذلكَ أن تقييد حرّيّة الفرد الشخصيّة في التنقّل قانونيًَا، مَنوطة بتحديد توقيت التقييد والغرض منه بشكل مُسبق ومُدعّم بالدلائل، كالاشتباه في ارتكاب جريمة أو لمنع ارتكاب جريمة. بالطبع، هذا ليسَ الحال في هذه القضيّة، ذلكَ أن التقييد المفروض على سكّان القدس الشرقيّة هو تقييدًا اعتباطيًّا، ولا يستند لأي شبهات بارتكاب جرائم. 

 

ختامًا، ترقى سياسة المُماطلة والعرقلة المُتعمّدة والانتقائيّة لحركة الفلسطينيّين في القدس الشرقيّة إلى درجة التصنيف العرقيّ العنصريّ المحظور، بل وتُشكِّلُ عقابًا جماعيًّا لهم في ظل الظروف الراهنة. هذا بالإضافة لما في هذا التفتيش العلنيّ من انتهاكات لحقّهم في الكرامة الإنسانيّة واستقلال الفرد، ذلكَ أنّه يُوصم أمامَ أعينِ المارّة بتُهمة ارتكاب فعلٍ إجراميّ، على الرغم من أنّ رجال الشرطة لا تستعرض ولو عِلَّةً واحدة لتبرير تفتيشهم له.

 

وفي تعقيبها على هذه المُمارسات والسياسات الشُرطيّة العنصريّة، صرّحت المُحامية هديل أبو صالح بقولها "تنتهج شرطة القدس منذُ قرابة الأربع أشهر، سياسة تفتيشات عنصريّة وغير دستوريّة بحقّ سكّان القدس الشرقيّة من خلال عرقلة حركتهم وتفتيش هواتفهم دون أي مُبرّرات قانونيّة لذلك، بشكل يُخالف  القانون الدوليّ ساري المفعول في القدس الشرقيّة. عدا عن أنّ هذه السياسات تمسّ بالحقوق الأساسيّة للفرد وتنتهك خصوصيّته، فإنّها تقع أيضًا في إطار التصنيف العرقيّ العنصريّ، وتُسهم في موضعة سكّان القدس الشرقيّة في موضع المُتّهم. هذا كُلّه يعكس مُحاولات المُؤسسة الإسرائيليّة فرضَ عقاب جماعيّ ضدّ سكّان القدس كردّ فعل على الحرب الجارية، وذلكَ باعتبارهم امتدادًا للشعب الفلسطينيّ في كافّة المناطق الجغرافيّة".

 

لقراءة الرسالة