عدالة يدافع عن سفينة "أسطول الحرّيّة - مادلين" والنشطاء الدوليّين اللذين كانوا على متنها

تولى المركز الحقوقيّ - عدالة الدفاع عن النشطاء الدوليّين الذين كانوا على متن سفينة "أسطول الحرية - مادلين" الساعية لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 17 عامًا وحرب إبادة مفروضة عليهم منذ أكثر من 21 شهرًا.

 

تقرير مفصّل حول اعتراض سفينة مادلين واحتجاز النشطاء الدوليين 

 

أبحرت سفينة أسطول الحرية "مادلين" بتاريخ 1 حزيران 2025 من صقلية - إيطاليا، ضمن إطار مهمة إنسانية تهدف إلى إيصال مساعدات ضرورية إلى قطاع غزة، شملت معدات طبية، حليب أطفال، ومستلزمات لتنقية المياه. كما سعت الرحلة إلى فتح ممر بحري شعبي وآمن نحو غزة، في محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليها منذ أكثر من 17 عامًا، في ظل الاتهامات الموجهة لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من 21 شهرًا، والتي تسببت في كارثة إنسانية متفاقمة.

 

خلال الرحلة، تعرّضت السفينة للتهديد والاعتداء من قبل القوات البحرية الإسرائيلية في عدة مناسبات، رغم تواجدها في المياه الدولية، وذلك من خلال استخدام طائرات مُسيّرة وتشويش على أنظمة الملاحة البحرية. وفي اليوم التاسع من الإبحار، وتحديدًا بتاريخ 9 حزيران/يونيو 2025، عند الساعة 03:00 فجرًا، تمّت محاصرة السفينة من قبل البحرية الإسرائيلية والطائرات بدون طيار، وذلك أثناء تواجدها في المياه الدولية، دون أن تدخل المياه الإقليمية الإسرائيلية إطلاقًا، كما لم تكن تلك المنطقة ضمن مسارها المخطط. فقد كانت مادلين متجهة نحو المياه الإقليمية التابعة لقطاع غزة ضمن حدود دولة فلسطين، كما هي معترف بها بموجب القانون الدولي. وعليه، فإن إسرائيل لم تكن تملك أي ولاية قانونية لاعتراض السفينة أو توقيف من على متنها.

 

فور وقوع الاعتقال، وجّه المركز الحقوقي "عدالة" رسالة عاجلة إلى السلطات الإسرائيلية طالب فيها بالكشف الفوري عن أماكن تواجد من كانوا على متن السفينة، وعددهم 12 ناشطًا دوليًا، جرى احتجازهم قسرًا بعد استيلاء البحرية الإسرائيلية على السفينة، في خطوة تُعدّ غير قانونية بموجب القانون الدولي.

 

وجاء في الرسالة أن اعتراض السفينة واعتقال النشطاء المدنيين العزّل، الذين كانوا يسعون لإيصال مساعدات إنسانية، يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، إذ أن الحصار المفروض على غزة يُعتبر حصارًا غير قانوني يُستخدم كسلاح عسكري لتجويع السكان المدنيين، ويشكّل عقابًا جماعيًا محظورًا بموجب القانون الدولي الإنساني، كما يُعد انتهاكًا للتدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية (جنوب إفريقيا ضد إسرائيل).

 

أفادت التقارير الإعلامية، أنه فور الاستيلاء على السفينة، باشرت القوات الإسرائيلية بسحبها إلى ميناء أشدود، وبدأوا في إجراءات نُقل جميع النشطاء إلى مراكز الاحتجاز، دون أي إعلان رسمي عن وضعهم الصحي والقانوني، ودون تمكينهم من الاتصال بمحامين. وبناءً على ذلك، قدّم مركز عدالة خلال اليوم نفسه، بتاريخ 9 حزيران/يونيو 2025، عدة مطالبات للسلطات الإسرائيلية بالكشف الفوري عن مكان احتجاز النشطاء الـ12، وتوضيح وضعهم القانوني، وضمان حصولهم على التمثيل القانوني اللازم لعرض قضاياهم أمام القضاء.

 

مع تصاعد هذه التطورات، توجه الطاقم القانوني لمركز عدالة، المتمثل بالمحاميات لبنى توما، ناريمان شحادة زعبي، وهديل أبو صالح، إلى ميناء أشدود بانتظار وصول النشطاء الدوليين. إلا أن السلطات منعت المحاميات من البقاء في الميناء أو استقبال المحتجزين عند وصولهم.

 

رغم المراسلات المتكررة التي أرسلها طاقم عدالة، بقي مصير النشطاء مجهولًا لأكثر من 18 ساعة، دون تقديم أي معلومات رسمية من السلطات حول أماكن احتجازهم. وأكد مركز عدالة في مخاطباته المتعددة، أن الادعاء ببقاء النشطاء تحت عهدة السلطات الإسرائيلية في عرض البحر لا يكفي، وطالب بالسماح الفوري للمحامين بلقائهم.

 

وفي ساعات المساء الأولى من يوم 9 حزيران/يونيو، ردت السلطات الإسرائيلية بأن سفينة "مادلين" لا تزال في عرض البحر ويتم سحبها قسرًا إلى ميناء أشدود. وقد برّرت هذا الإجراء باستمرار الحصار البحري المفروض على غزة. وأُفيد بأن السفينة ستصل في وقت لاحق من اليوم إلى ميناء أشدود، حيث سيتم نقل الركاب إلى مركز احتجاز تمهيدًا لترحيلهم.

 

وجاء في رد المستشارة القانونية للبحرية الإسرائيلية على مركز عدالة: "في كانون الثاني/يناير 2009، فرضت دولة إسرائيل حصارًا بحريًا على سواحل قطاع غزة، وذلك وفقًا للقانون الدولي. وقد تم الإعلان عن فرض الحصار من خلال قنوات دولية معترف بها." وأضاف الجيش: "في بداية الأسبوع الماضي، غادرت سفينة 'مادلين' سواحل صقلية وعلى متنها 12 شخصًا، من بينهم طاقم السفينة. وقد أعلن الركاب بشكل علني نيتهم خرق الحصار البحري، وصرحوا بأن السفينة تحمل كمية رمزية من المساعدات الإنسانية، رغم وجود قنوات معروفة ومعترف بها لنقل المساعدات إلى قطاع غزة." وأضاف: "خلال الرحلة، نشر الركاب عددًا من مقاطع الفيديو التي تؤكد نيتهم خرق الحصار. وفي الليلة الماضية، وبعد أن نادت القوات البحرية الإسرائيلية السفينة وحذرتها بأنها تقترب من منطقة الحصار ويجب عليها تغيير مسارها، لم تستجب السفينة واستمرت في مسارها. وبناء عليه، اقتحمت القوات البحرية الإسرائيلية السفينة لتغيير مسارها." وتابع الرد: "وفقًا للمعلومات المتوفرة، تلقى الركاب طعامًا وماءً، وخضعوا لفحوصات طبية أولية. ولا يوجد بينهم أي مصاب أو من هو بحاجة إلى علاج طبي في الوقت الحالي. وعند الوصول المتوقع مساء اليوم إلى ميناء أشدود، ستتسلم الشرطة الإسرائيلية الركاب وتنقلهم إلى مركز احتجاز تابع لهيئة السكان والهجرة، حيث سيخضعون لجلسة استماع تمهيدًا لإصدار أوامر ترحيل بحقهم، بموجب قانون الدخول إلى إسرائيل لعام 1952. ويمكن ترتيب لقاءات مع موكليكم بعد نقلهم إلى عهدة الهيئة”.

 

ورد مركز عدالة على هذا البيان بالقول: "تستخدم السلطات الإسرائيلية استمرار فرض الحصار غير القانوني على غزة كمبرر لاحتجاز نشطاء دوليين، من بينهم أطباء، صحفية، ونائبة في البرلمان الأوروبي من دول مختلفة. هؤلاء الأفراد نفذوا مهمتهم احتجاجًا على الجرائم غير المحتملة والمستمرة التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة. على الدول والمجتمع الدولي أن يطالبوا فورًا بالإفراج عن النشطاء الـ12 المحتجزين، وبالوقف الفوري للجرائم التي دفعتهم إلى التحرك."

 

اتّسمت الساعات الطويلة التي قضتها المحاميات في انتظار وصول النشطاء من البحر بعدم الشفافية، حتى بعد مرور أكثر من 18 ساعة على الاعتقال، وتحديدًا بعد الساعة 21:00، تلقّى مركز عدالة اتصالًا من السلطات الإسرائيلية تؤكّد فيه أن جميع النشطاء محتجزون حاليًا في ميناء أشدود، ويخضعون لإجراءات أولية تمهيدًا لنقلهم إلى هيئة الهجرة. وقد أبلغت السلطات المحاميات أنه في حال عدم موافقة النشطاء على مغادرة البلاد فورًا، فسيتم نقلهم إلى مركز احتجاز في الرملة. ورغم أن السلطات أشارت إلى إمكانية ترحيل من يوافق منهم الليلة نفسها عبر مطار تل أبيب، فإنها رفضت الكشف عن الشروط التي قد تُفرض عليهم، مثل توقيع مستندات أو التنازل عن حقوقهم.

 

وفي المقابل، شدّد مركز عدالة على وجوب تمكين الفريق القانوني من لقاء النشطاء والاستماع إلى شهاداتهم قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بترحيلهم أو نقلهم.

 

وبعد منتصف ليلة 10 حزيران/يونيو، تلقّى مركز عدالة معلومات تفيد بأن النشطاء في طريقهم إلى مطار بن غوريون، بدلًا من نقلهم إلى مركز الاحتجاز في الرملة، بهدف عقد جلسات استماع تمهيدًا لترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.

 

ورغم أن طاقم مركز عدالة كان قد تمركز في الرملة تحسبًا لأي تطور، فقد بادر فور ورود المعلومات بالانتقال إلى مطار بن غوريون، لتقديم الاستشارة القانونية للنشطاء المحتجزين، وتوثيق شهاداتهم حول ما تعرّضوا له منذ لحظة اعتقالهم حتى لحظة لقائهم بالمحامين.

 

جلسات المحاكم واحتجاز نشطاء سفينة “مادلين”

في صباح يوم 10 حزيران/يونيو 2025، قام مركز عدالة بالإعلان أنه، وبعد مرور أكثر من 24 ساعة على اعتراض البحرية الإسرائيلية لسفينة “مادلين” واحتجاز النشطاء الدوليين الذين كانوا على متنها في مهمة إنسانية إلى غزة، باشر الطاقم القانوني، المكوّن من المحاميات لبنى توما، ناريمان شحادة زعبي، وهديل أبو صالح، برفقة المحامية المستقلة أفنان خليفة، بتقديم الاستشارة القانونية لجميع النشطاء، وعددهم 11 ناشطًا دوليًا، إضافة إلى الصحفي عمر فياض من قناة “الجزيرة مباشر”، الذي مثّله محامي وكله مكاتب الجزيرة بشكل مستقل.

 

وبناءً على ذلك، غادر ثلاثة من النشطاء، إضافة إلى الصحفي عمر فياض، البلاد، بعد استكمال الإجراءات القانونية وتأكيد حجوزات سفرهم. أما النشطاء الثمانية المتبقّون، فقد رفضوا التوقيع على أوامر الترحيل، وتم احتجازهم بانتظار عرضهم على المحكمة في وقت لاحق من اليوم ذاته.

 

رافق طاقم “عدالة” القانوني النشطاء المحتجزين أمام المحكمة والسلطات الإسرائيلية، التي بحثت في مدى قانونية قرارات الترحيل الصادرة بحقهم. وأكد مركز عدالة أن هذا الاحتجاز والترحيل القسري يمثلان انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، ولا سيما بالنظر إلى الطبيعة الإنسانية والسلمية للمهمة التي كانت تهدف إلى كسر الحصار غير القانوني على غزة.

 

خلال ساعات نهار يوم الثلاثاء، 10 حزيران/يونيو، عُرض النشطاء الثمانية المتبقّون من أصل 12 على محكمة التوقيف في الرملة، وذلك بعد ترحيل أربعة آخرين في وقت سابق من اليوم ذاته. وقد نظرت المحكمة في أوامر الاحتجاز التي أصدرتها وزارة الداخلية بهدف الترحيل، رغم أن السلطات الإسرائيلية كانت قد نقلت النشطاء قسرًا من المياه الدولية إلى الأراضي الإسرائيلية، واعتبرتهم "متسللين غير قانونيين".

 

استغرقت الجلسات أكثر من خمس ساعات، وتولّت التمثيل القانوني عن النشطاء المحاميتان هديل أبو صالح ولبنى توما من مركز عدالة، والمحامية أفنان خليفة.

 

وأبلغت السلطات الإسرائيلية خلال الجلسات أنها فرضت على كل ناشط أمر منع دخول إلى البلاد لمدة 100 عام.

 

جادل الفريق القانوني بأن اعتراض السلطات الإسرائيلية لسفينة “مادلين” واعتقال من كانوا على متنها، هو انتهاك مباشر للقانون الدولي. وأكّد الفريق أن الحصار المفروض على غزة غير قانوني ويُعدّ جريمة تجويع جماعي للسكان المدنيين، وعقوبة جماعية محظورة، وخرقًا للتدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية في قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل.

 

وأكدت المحاميات أن النشطاء تصرّفوا ضمن حقوقهم المشروعة في كسر الحصار وإيصال المساعدات إلى المدنيين في غزة الذين يواجهون خطر المجاعة. وأن منع السفينة من الوصول واحتجاز من كانوا على متنها هو امتداد لسياسات الحصار وانتهاك للالتزامات القانونية الدولية.

 

كما شدد الفريق القانوني على أن السلطات الإسرائيلية لا تملك أي اختصاص قضائي في هذه الحالة، حيث تم اعتراض السفينة في المياه الدولية، ما يعني أن إسرائيل لا تملك صلاحية احتجازهم أو ترحيلهم.

 

وطالب الفريق بالإفراج الفوري وغير المشروط عن النشطاء، والسماح لهم بالعودة إلى السفينة لاستكمال مهمتهم الإنسانية، أو العودة إلى بلدانهم.

 

خلال الجلسة، صرّح النشطاء أنهم تعرضوا لـ"الاختطاف" ونُقلوا قسرًا إلى إسرائيل، مؤكدين أن هدفهم الوحيد هو كسر الحصار وتقديم المساعدات. كما أعلن الناشط تياغو أفيلا أنه بدأ إضرابًا عن الطعام والماء منذ الساعة الرابعة فجر اليوم السابق، بينما أبلغ آخرون عن ظروف احتجاز غير صحية في مراكز مصلحة السجون، من بينها تفشي حشرات الفراش، وعدم توفير مياه صالحة للشرب.

 

طالبت السلطات الإسرائيلية من المحكمة إبقاء النشطاء قيد الاحتجاز حتى تنفيذ أوامر الترحيل، وذلك بموجب “قانون الدخول إلى إسرائيل”، الذي يجيز احتجازهم لمدة 72 ساعة أو أكثر قبل تنفيذ القرار، في حال لم يوافقوا على المغادرة طوعًا.

 

طالب مركز عدالة بالإفراج الفوري عنهم وإعادتهم إلى بلدانهم. وكان من المتوقع صدور قرار المحكمة في وقت لاحق من نفس اليوم.

 

لاحقًا، قررت المحكمة الإسرائيلية الإبقاء على النشطاء الثمانية قيد الاحتجاز حتى تنفيذ قرار الترحيل، واعتبر عدالة أن هذا القرار غير قانوني ويشكّل غطاءً قضائيًا لاحتجاز تعسفي لأكثر من شهر، دون رقابة قضائية، في خرق واضح للقانون الدولي.

 

المحكمة التي أصدرت القرار كانت تابعة لقسم الاحتجاز في الرملة، وقد صدر القرار في وقت متأخر من ليل 10 حزيران، واستلمه المركز صباح يوم 11 حزيران.

 

بناءً عليه، بقي ثمانية من النشطاء رهن الاحتجاز، وهم: سوايب أوردو (تركيا)، ماركو فان رينس (هولندا)، باسكال موريراس (فرنسا)، ريفا فيارد (فرنسا)، ريما حسن (فرنسا)، تياغو أفيلا (البرازيل)، يانيس محمدي (فرنسا)، وياسمين أجر (ألمانيا).

 

أكّد مركز عدالة أن القانون الذي استندت إليه المحكمة – "الدخول غير القانوني إلى إسرائيل" – لا ينطبق على حالتهم، إذ لم يسعَ أي منهم لدخول إسرائيل، بل أبحروا من صقلية إلى المياه الإقليمية لقطاع غزة، ضمن أراضي دولة فلسطين وفق القانون الدولي، واعترضتهم البحرية الإسرائيلية في المياه الدولية واقتادتهم قسرًا إلى إسرائيل، ما يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوقهم.

 

رغم كل هذه الحجج القانونية، رفضت المحكمة جميع الطعون، واعتبرت أن الحصار البحري المفروض على غزة قانوني، وأن النشطاء خرقوه. ووفقًا للقانون الإسرائيلي، يمكن احتجاز من صدر بحقهم أمر ترحيل 72 ساعة أو أكثر، وحددت المحكمة جلسة مراجعة جديدة بتاريخ 8 تموز/يوليو 2025. 

 

في السياق ذاته، صعّدت السلطات الإسرائيلية تعاملها مع النشطاء، وقامت بعزل اثنين منهم: الناشط تياغو أفيلا، وعضو البرلمان الأوروبي ريما حسن، ونقلتهما إلى سجون منفصلة.

 

أفادت المحاميات أن تياغو أُرسل إلى سجن أيالون، وريما إلى سجن نفيه ترتسا، وهو مرفق للنساء. وتم وضع تياغو في العزل بسبب استمراره في الإضراب عن الطعام والماء منذ لحظة اعتقاله، وقد أفاد للمحامية توما بتعرّضه لمعاملة عدوانية دون أن تصل إلى الاعتداء الجسدي.

 

أما ريما حسن، فقد وُضعت في غرفة عزل صغيرة وقذرة لا تحوي نوافذ ومليئة بالثقوب، في سجن نفيه ترتسا، بعد أن كتبت عبارة “الحرية لفلسطين” على جدار في سجن جفعون، ومنذ ذلك الحين مُنعت من الخروج إلى ساحة الفورة.

 

أصدر مركز عدالة بيانًا للصحافة والديبلوماسية العالمية يصرّح فيه أن هذه الإجراءات تأتي ضمن سياسة ممنهجة تستهدف المنظمين والناشطين البارزين، وأن العزل والنقل إلى سجون منفصلة دون قرار قضائي يُعد انتهاكًا فادحًا. طالب مركز عدالة من خلالهم وقف فوري لإجراءات العزل والانتقام، والإفراج عن النشطاء وإعادتهم إلى سفينتهم لمواصلة مهمتهم الإنسانية، ومن ثم إلى بلدانهم.

 

وفي تطور لاحق، وبعد ضغوط دبلوماسية مارستها جهات دولية، تم إعلام المركز الحقوقي بأنه تم نقل ريما حسن من العزل وإعادتها إلى سجن جفعون، في حين بقي تياغو أفيلا في العزل الانفرادي حتى لحظة ترحيله.

 

في يوم 12 حزيران/يونيو 2025، وبعد مرور أكثر من 72 ساعة على احتجاز النشطاء الدوليين المتبقين الذين كانوا على متن سفينة "أسطول الحرية – مادلين"، والتي تم اعتراضها من قبل البحرية الإسرائيلية في المياه الدولية، أبلغت السلطات الإسرائيلية طاقم مركز عدالة القانوني بأنه قد تم نقل ستة من المتطوعين إلى مطار بن غوريون الدولي تمهيدًا لترحيلهم. النشطاء الستة هم: مارك فان رينس (هولندا)، سوايب أوردو (تركيا)، ياسمين أجر (ألمانيا)، تياغو أفيلا (البرازيل)، ريفا فيارد (فرنسا)، وريما حسن (فرنسا). وقد واجه الطاقم القانوني صعوبات في الحصول على إذن لزيارتهم في المطار قبل ترحيلهم.

 

بالتزامن، بقي اثنان من المتطوعين، هما باسكال موريراس ويانيس محمدي (كلاهما من فرنسا)، رهن الاحتجاز في سجن جفعون بمدينة الرملة، تحت إشراف مصلحة السجون الإسرائيلية، بانتظار ترحيلهم المقرر في 13 حزيران. تمكّن طاقم عدالة لاحقًا من زيارتهم وتوثيق شهاداتهم، حيث أفادوا بتعرضهم لسوء المعاملة، بما في ذلك ظروف احتجاز قاسية، وإجراءات عقابية، وتعامل عدواني. كما تم وضع اثنين من النشطاء لفترة في العزل الانفرادي، ما دفع مركز عدالة إلى توجيه عدة شكاوى رسمية للسلطات الإسرائيلية، مطالبًا بوقف هذه الممارسات غير القانونية، والإفراج الفوري عن جميع النشطاء المحتجزين، سواء لاستكمال مهمتهم الإنسانية نحو غزة أو للعودة إلى بلدانهم.

 

في صباح 13 حزيران، وبعد تنفيذ ترحيل خمسة من النشطاء، بقي في سجن جفعون ثلاثة متطوعين لم تُنفذ أوامر ترحيلهم: ماركو فان رينس، باسكال موريراس، ويانيس محمدي. وقد تعذّر ترحيلهم بسبب تصاعد الأوضاع الأمنية إثر إعلان إسرائيل الحرب على إيران في الليلة السابقة، وهو ما أدى إلى إغلاق المجال الجوي وتعليق الرحلات الجوية من وإلى البلاد، بما في ذلك رحلات الترحيل.

 

على ضوء هذه التطورات، حاول طاقم عدالة ترتيب زيارات قانونية للمحتجزين الثلاثة، إلا أن حالة الطوارئ والإغلاق الأمني منعت وصول المحامين إليهم. وتمكن محامٍ متعاون من "صندوق المدافعين عن حقوق الإنسان"، بالتنسيق مع عدالة، من إجراء اتصال هاتفي مع المحتجزين الذين أكدوا أنهم في حالة صحية مقبولة بالنظر إلى الظروف المحيطة.

 

بسبب استمرار الإغلاق وتعذر الوصول إليهم، بدأ مركز عدالة بدراسة خيارات قانونية بديلة، من بينها التماس للإفراج بكفالة أو فرض إقامة منزلية مؤقتة إلى حين مغادرتهم البلاد. وفي وقت لاحق، أبلغت السلطات الإسرائيلية مركز عدالة بالتوصل إلى تسوية تقضي بالإفراج عن المحتجزين الثلاثة صباح يوم 16 حزيران، ونقلهم إلى الأردن عبر معبر حدودي بدلًا من ترحيلهم جوًا.

 

وفعلًا، في صباح يوم الأحد، 16 حزيران، تم الإفراج عن النشطاء ماركو فان رينس، باسكال موريراس، ويانيس محمدي، حيث نُقلوا إلى المعبر الحدودي الأردني، وهناك استقبلهم ممثلو سفاراتهم تمهيدًا لترتيب سفرهم إلى بلدانهم الأم. وقبيل عبورهم إلى الجانب الأردني، التقت بهم المحامية لبنى توما من طاقم مركز عدالة، برفقة المحامية أفنان خليفة، للاطمئنان عليهم وجمع إفاداتهم حول ظروف احتجازهم.