أيمن عودة في مواجهة ملاحقة سياسية داخل الكنيست – وعدالة يتصدر الدفاع
في تاريخ 24 حزيران 2025، باشرت لجنة الكنيست في مناقشة طلب إقصاء النائب أيمن عودة (الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة) من عضوية الكنيست. وقد أكدت طريقة إدارة الجلسة بوضوح أن الحديث يدور عن حملة اضطهاد سياسي تهدف إلى التحريض ضد النواب العرب ونزع الشرعية عن التمثيل السياسي للفلسطينيين، بهدف إقصائهم التام من الحلبة البرلمانية في إسرائيل.
وجّه أعضاء كنيست من اليمين للنائب عودة خلال الجلسة المتوترة، عبارات فجة عنصرية ومليئة بالكراهية، وصلت إلى حد الدعوة الصريحة لإعدامه وإعدام نواب آخرين من القوائم العربية. في مستهل الجلسة، أوضح رئيس اللجنة، النائب أوفير كاتس (الليكود)، أن الجلسة تُعقد رغم الإعلان عن حالة الطوارئ في الجبهة الداخلية، ورغم تعليمات رئيس الكنيست بالاكتفاء بجلسات عاجلة، بادّعاء أن الموضوع "ملحّ على خلفية الوضع الحربي"، وقال: "بينما يقاتل الجنود على سبع جبهات، علينا إخلاء الجبهة الثامنة – وأيمن عودة هو جبهتنا الثامنة… فهو يعمل بشكل دائم على إضعاف إسرائيل، وتشويهها، وزعزعتها، وتقوية أعدائها."
أعضاء كنيست آخرون صرخوا خلال الجلسة في وجه النائب عودة ونواب عرب آخرين حضروا، بعبارات مثل: "ستستمر بالصراخ من داخل السجن"، و"يجب أن تذهبوا جميعًا إلى غزة". كما اتهموا عودة بترويج "أيديولوجية فلسطينية عنيفة"، ووصفوه بـ"العدو من الداخل".
وعندما كرّر النائب عودة خلال الجلسة تصريحه بأن الجيش الإسرائيلي يرتكب جرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة – وهو تصريح فرضت عليه لجنة السلوك في الكنيست عقوبات بسببه يوم أمس – هدّده النائب كاتس بالقول: "إذا واصلت تشويه سمعة جنود الجيش، فلن يكون من المسموح لك بالكلام هنا."
وقد عبّر أعضاء اللجنة من اليمين خلال الجلسة عن رفضهم الالتزام بتوجيهات المستشارة القانونية للكنيست، التي أكّدت أن النقاش القانوني يمكن أن يتناول تصريحًا واحدًا فقط – وهو تغريدة النائب عودة في كانون الثاني حول صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس. مع ذلك، عرض أعضاء كنيست تصريحات أخرى لعودة، من ضمنها تصريحات سابقة للدورة البرلمانية الحالية، سبق أن طُرحت ضمن محاولات لمنع ترشحه ولم تُقبل.
مدير عام مركز عدالة، د. حسن جبارين، الذي يمثّل النائب عودة في هذه الإجراءات، أشار إلى أن رفض أعضاء اللجنة الالتزام بتوجيهات المستشارة القانونية يمسّ بجوهر نزاهة الإجراء، ويجعله باطلًا من أساسه. أما بالنسبة لتصريحات عودة، فأكّد د. جبارين أنها شرعية ولا تُشكّل بأي شكل أساسًا للإقصاء، وبالأخص لا ترقى لمستوى "دعم كفاح مسلح ضد الدولة" كما ينص القانون.
وأوضح جبارين أن تصريح عودة لا يفي بالمعايير القضائية الصارمة التي حدّدتها المحكمة العليا، سواء من حيث المضمون أو من حيث مستوى الأدلة المطلوب لفرض عقوبة بحجم إنهاء ولاية نائب في البرلمان، وبالتالي على اللجنة رفض الطلب.
إن الإطار القانوني الذي ينظّم هذه الإجراءات معروف مسبقًا لأعضاء الكنيست، والقرار بالمضي قدمًا في بحث طلب الإقصاء رغم عدم استيفائه للمعايير القانونية، يكشف عن دوافعه غير النزيهة. وقد تأكدت هذه الدوافع من خلال الطابع العنصري والتحريضي الذي ميّز مجريات الجلسة، والتي بيّنت بوضوح أن الهدف هو تعميق نزع الشرعية عن التمثيل السياسي للفلسطينيين، ومنعهم من التعبير عن مواقف نقدية تجاه الاحتلال وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل.
تأتي هذه الجلسة بعد أن قرّرت المستشارة القانونية للكنيست أن اللجنة غير مخولة بمناقشة سوى تصريح واحد أدلى به النائب عودة، بينما رُفضت الشكاوى الإضافية لأسباب إجرائية، ومنها عدم استيفائها الحد الأدنى المطلوب من التواقيع لبدء إجراءات الإقصاء. وقد صدر هذا القرار بعد أن أرسل مركز عدالة رسالة عاجلة في 12 حزيران 2025 طالب فيها بإلغاء الجلسة، مشيرًا إلى أن طلب إقصاء النائب عودة لا يستوفي الشروط الإجرائية والجوهرية المنصوص عليها في "قانون أساس: الكنيست"، وأنه يُعد إجراءً غير قانوني، مسيّسًا، وتمييزيًا بامتياز.
قانون الإقصاء: أداة برلمانية تستهدف التمثيل السياسي للفلسطينيين العرب
تستند محاولة الإقصاء هذه إلى "قانون الإقصاء" الذي أُقر في عام 2016 كتعديل رقم 44 لـ"قانون أساس: الكنيست". وبموجب هذا القانون، يمكن لأغلبية من ثلاثة أرباع أعضاء الكنيست (90 من أصل 120) إقصاء عضو كنيست قائم استنادًا إلى أحد سببين، وهما: التحريض على العنصرية، ودعم كفاح مسلح ضد دولة إسرائيل. هذا ويمنع الشروع في إجراءات الإقصاء إلا بعد أن يقدّم 70 عضو كنيست طلبًا لرئيس الكنيست، على أن يشمل التوقيع من 10 أعضاء من المعارضة على الأقل. بعد ذلك، يجب أن تصوّت لجنة الكنيست على ما إذا كان ينبغي المضي قدمًا في الإجراء، بأغلبية ثلاثة أرباع أعضائها كحد أدنى. وإذا أيدت اللجنة الإقصاء، يُطرح الأمر للتصويت في الهيئة العامة للكنيست.
في عام 2016، قدّم مركز عدالة وجمعية حقوق المواطن في إسرائيل التماسًا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية ضد هذا القانون، مطالبين بإلغائه، باعتبار أنه من الممكن استخدامه كأداة اضطهاد أيديولوجي تمارسها الأغلبية ضد الأقلية. وأشاروا إلى أن القانون يفتح الباب أمام سيطرة الأغلبية البرلمانية على الكنيست، مما يخلق وضعًا يمكن فيه إقصاء أي نائب لأسباب سياسية دون وجود مسار قانوني موضوعي. وبالرغم من ذلك، أقرّت المحكمة العليا القانون في قرار صدر عام 2018.
ذريعة إقصاء النائب عودة
يعتمد الطلب الحالي لإقصاء النائب عودة على منشور واحد فقط على وسائل التواصل الاجتماعي، عبّر فيه عن موقفه من صفقة تبادل الأسرى، وأعرب عن أمله في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وكما سيؤكد مركز عدالة خلال الجلسة، فإن المنشور يندرج تمامًا ضمن إطار حرية التعبير السياسي المحمية دستوريًا.
محاولة سياسية لنزع الشرعية عن النائب أيمن عودة والتمثيل الفلسطيني في الكنيست
رغم أن مركز عدالة يعتبر أن "قانون الإقصاء" غير شرعي من حيث الجوهر، فإن الإجراء المتّخذ ضد النائب عودة، حتى وفقًا لشروط القانون ذاته، حيث يفتقر إلى الأساس القانوني الإجرائي والموضوعي. الطلب لا يستوفي المعايير القانونية الدنيا، ويستهدف خطابًا محميًا بموجب حرية التعبير، ويشكّل اضطهادًا مباشرًا يهدف إلى إسكات النائب عودة وتقويض مواقفه المناهضة للاحتلال.
تزعم الشكوى أن المنشور الوحيد الذي نشره عودة يشكل "دعمًا لكفاح مسلح ضد دولة إسرائيل"، إلا أن عدالة ستوضح خلال الجلسة أن هذه المزاعم سخيفة وتفتقر إلى أي أساس قانوني. وقد وضعت المحكمة العليا الإسرائيلية سابقًا معايير إثبات صارمة لمثل هذه المزاعم – معايير لا يمكن أن تنطبق في هذه الحالة. سبق للمحكمة أن قضت بأن الدعوة لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين لا تُعد دعمًا للكفاح المسلح. وعلى العكس، يعكس تصريح النائب عودة دعوة واضحة لإنهاء العنف، وهو موقف دأب على التعبير عنه باستمرار.
علاوة على ذلك، تتطلب السوابق القضائية الإسرائيلية وجود قاعدة أدلة قوية ومتماسكة لتبرير أي إجراء إقصاء – ومع ذلك، تنظر اللجنة حاليًا فقط في منشور واحد. تُعد هذه المحاولة جزءًا من حملة أوسع لقمع واضطهاد التمثيل السياسي للفلسطينيين العرب، ويجب فهمها في سياق جهود مستمرة لنزع الشرعية عن النائب عودة، لا سيما في أعقاب قرار لجنة السلوكيات في الكنيست – الصادر يوم أمس فقط – بفرض عقوبات وتعليق عضوية النائب عودة، إلى جانب النائبة عايدة توما-سليمان، بسبب اتهاماتهما للجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب، كما نُشر في وسائل الإعلام.
Photo by Chaim Goldberg/Flash90