المحكمة العليا الإسرائيلية تُجيز استمرار احتجاز جثمان الطفل وديع عليان (14 عامًا) لاستخدامه كورقة تفاوضية في صفقات مستقبلية

عدالة: قرار المحكمة يُشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ويُكرّس سياسة احتجاز جثامين الفلسطينيين لأغراض سياسية، بما في ذلك حرمان الأطفال من حقوقهم الأساسية حتى بعد الوفاة.

 

صادقت المحكمة العليا الإسرائيلية، في قرار صادر بتاريخ 31 تموز 2025، على مواصلة احتجاز جثمان الطفل الفلسطيني وديع شادي سعد عليان، البالغ من العمر 14 عامًا، من سكان شرقي مدينة القدس، والذي قُتل برصاص قوات حرس الحدود الإسرائيلية في 5 شباط 2024، قرب مستوطنة "معاليه أدوميم" في الضفة الغربية المحتلة – وذلك بعد مرور أكثر من عام ونصف على استشهاده.

 

لقراءة القرار (باللغة العبرية)

 

وتزعم السلطات الإسرائيلية أن وديع حاول تنفيذ عملية طعن ضد شرطي حرس حدود إسرائيلي، إلا أن مقطعًا مصورًا انتشر في حينه، أظهر إطلاق النار عليه من الخلف أثناء فراره من المكان ولا يشكّل أي خطرٍ على الشرطي. كما قدّمت العائلة للمحكمة مقطعًا إضافيًا يُوثق – على ما يبدو – إطلاق رصاصة ثانية قاتلة عليه بينما كان ملقى على الأرض عاجزًا عن الحركة. ومنذ مقتله، ترفض السلطات الإسرائيلية تسليم جثمانه لعائلته لدفنه.

 

رغم صغر سنه وظروف مقتله، قبلت المحكمة العليا موقف الدولة القاضي بإمكانية احتجاز جثمانه لاستخدامه في مفاوضات مستقبلية ضمن صفقات تبادل أسرى مع الفصائل الفلسطينية. مُعتمدةً في قرارها على مواد سرّية قدّمتها الدولة، وأقرّت بسلطة القائد العسكري في إصدار أوامر احتجاز الجثمان أو دفنه بشكل مؤقت.

 

وادّعت الدولة أمام المحكمة أن احتجاز الجثمان يخدم "هدفًا مشروعًا" يتمثّل في السعي لاستعادة أسرى وقتلى إسرائيليين في غزة، وزعمت أن قضية وديع لا تندرج ضمن الحالات الاستثنائية التي تُجيز الإفراج عن الجثمان وفقًا لقرار سابق صادر عن المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المُصغّر (الكابينت).

 

في التماس قدّمه مركز عدالة في تموز 2024 باسم والدي وديع، شدّد على أن احتجاز الجثمان يشكل انتهاكًا صارخًا للقانونين الإسرائيلي والدولي، ويمسّ بحق الكرامة لكل من المتوفى وعائلته، وهو حق مكفول في القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ومتجاهلةً سوابق قضائية للمحكمة العليا نفسها.

 

لقراءة الالتماس (باللغة العبرية)

 

وأشار عدالة إلى أن هذه الممارسة تُخالف عددًا من الاتفاقيات الدولية، من بينها "اتفاقية مناهضة التعذيب"، والتي تُعد إسرائيل طرفًا فيها. وكانت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة قد دعت، في حزيران 2016، إسرائيل إلى إعادة الجثامين إلى عائلاتهم لدفنهم دون تأخير. كما أعربت لجنة حقوق الإنسان الأممية، في ملاحظاتها الختامية عام 2022 عن قلقها من هذه الممارسة، معتبرةً أنها قد ترقى إلى "عقوبة جماعية" و"معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة" بموجب معاهدات الحفاظ على الحقوق المدنية والسياسية، وطالبت إسرائيل بإنهاء هذه السياسة.

 

خلال جلسة المحكمة في 3 تموز 2025، أكّدت المحامية ناريمان شحادة-زعبي من مركز عدالة أن احتجاز الجثمان طيلة عام ونصف يُمثّل انتهاكًا فادحًا لحقوق العائلة، وامتهانًا لكرامة الطفل بعد وفاته. وأوضحت أن استناد الدولة إلى "أنظمة الطوارئ البريطانية لعام 1945" لتبرير هذا الإجراء هو استناد باطل قانونيًا وغير مبرر.

 

وتُجسّد هذه السياسة نمطًا ممنهجًا تتبعه السلطات الإسرائيلية، يشمل احتجاز جثامين الفلسطينيين، بما فيهم مواطنو الداخل وسكان القدس الشرقية، لأغراض تفاوضية. ووفقًا لمعطيات منظمة "الدفاع عن الأطفال – فلسطين"، تحتجز إسرائيل، حتى شباط 2025، جثامين أكثر من 45 طفلًا فلسطينيًا، وتحرم عائلاتهم من دفنهم وفقًا لتقاليدهم الدينية والثقافية. كما أفاد مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان (JLAC) بأن عدد الجثامين المحتجزة لدى إسرائيل بلغ 668 جثمانًا حتى أيار 2025.

 

يُدين مركز عدالة بشدة قرار المحكمة العليا الذي يُضفي الشرعية على استمرار احتجاز جثمان الطفل وديع عليان. ويؤكد المركز أن هذا القرار يُكرّس انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي وللقيم الإنسانية الأساسية، مُطبعًا سياسات قمعية تُجرّد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وتحرم الأطفال من كرامتهم بعد الموت، كما وتُمعن في تعذيب عائلاتهم على الصعيد النفسي والعاطفي.

 

بيانات وتقارير ذات صلة: