عدالة يُمثّل نشطاء سفينة "حنظلة" من أسطول الحرية

إن مبادرة النشطاء لكسر الحصار غير القانوني المفروض على غزة تستند بالكامل إلى مبادئ العدل والقانون الدولي وحقوق الإنسان. ويُعد اعتراض إسرائيل لسفينة "حنظلة" في المياه الدولية واحتجاز النشطاء انتهاكًا صارخًا لهذه المبادئ، ومساهمة مباشرة في استمرار الحصار غير القانوني المفروض على غزة، الذي أدى إلى تجويع متعمّد للفلسطينيين في ظل الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 22 شهرًا. وعلى ضوء ذلك، يواصل مركز عدالة التزامه بالدفاع عن النشطاء المشاركين في "أسطول الحرية"، في مواجهة السياسات الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي.

 

أبحرت سفينة "حنظلة" من إيطاليا في 21 تموز/يوليو 2025، ضمن "أسطول الحرية" الهادف إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة. وعلى متنها 21 ناشطًا وناشطة من جنسيات متعددة، انطلقت السفينة محملة بمساعدات طبية وغذائية، في محاولة للفت أنظار العالم إلى الكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع نتيجة حرب الإبادة الجماعية وسياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل.

 

في 26 تموز/يوليو، اعترضت القوات الإسرائيلية السفينة في عرض البحر، في انتهاك واضح لأحكام القانون الدولي الإنساني، واقتادتها بالقوة إلى ميناء أشدود، حيث تم احتجاز النشطاء بشكل غير قانوني. خلال الرحلة، عمدت السلطات الإسرائيلية إلى إرسال طائرات دون طيار للتحليق فوق السفينة، في محاولة لترويع من كانوا على متنها.

 

وقد جرى الاعتراض في حوالي الساعة 00:00 من منتصف ليل 27 تموز/يوليو 2025، بينما كانت السفينة تبحر في المياه الدولية، دون أن تدخل المياه الإقليمية الإسرائيلية، ودون أن يكون ذلك جزءًا من مسارها. ووفقًا للقانون الدولي، كانت السفينة تتجه نحو المياه الإقليمية التابعة للدولة الفلسطينية، ما يعني أن إسرائيل لم تكن تملك أي صلاحية قانونية لاعتراضها أو احتجاز ركابها.

 

فور وقوع الاعتقال، وجّه مركز "عدالة" الحقوقي رسالة عاجلة إلى السلطات الإسرائيلية، طالب فيها بالكشف الفوري عن أماكن تواجد جميع النشطاء الذين تم احتجازهم قسرًا من قبل سلاح البحرية الإسرائيلي، في خرق صارخ للقانون الدولي.

 

وأكد المركز في توجهه أن الاعتراض العسكري واحتجاز النشطاء المدنيين العزّل يشكّلان انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي، لا سيما وأن الحصار المفروض على غزة هو حصار غير قانوني، يُستخدم كأداة حرب لتجويع السكان المدنيين، ويُشكّل عقابًا جماعيًا محظورًا بموجب القانون الدولي الإنساني. كما أن هذه الانتهاكات تتعارض مع التدابير المؤقتة التي أقرتها محكمة العدل الدولية في القضية المقدّمة من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بشأن جريمة الإبادة الجماعية في غزة.

 

بناءً على ذلك، طالب "عدالة" بالكشف الفوري عن أماكن احتجاز النشطاء الـ21، وتوضيح وضعهم القانوني، وضمان تمكينهم من لقاء محامين وتوفير تمثيل قانوني كامل أمام القضاء. وأكد المركز أنه بصدد اتخاذ خطوات قانونية في الأيام القريبة لضمان الإفراج عنهم ومحاسبة الجهات المسؤولة عن هذا الاحتجاز غير القانوني.

 

كما شدد "عدالة" في مخاطباته المتكررة للسلطات الإسرائيلية على أن النشطاء الذين كانوا على متن "حنظلة" شاركوا في مهمة مدنية وسلمية تهدف إلى كسر الحصار غير القانوني المفروض على غزة، وقد تم اعتراضهم في المياه الدولية. وعليه، يجب الإفراج عنهم فورًا والسماح لهم بإتمام مهمتهم الإنسانية.

 

أخّرت البحرية الإسرائيلية وصول سفينة "حنظلة" لساعات طويلة، وذلك بعد اعتراضها بشكل غير قانوني في عرض البحر. فبعد أكثر من 12 ساعة على عملية الاعتراض، وطلبات متكررة من قبل طاقم الدفاع، أخبرت السلطات الإسرائيلية لمحاميات مركز عدالة أن السفينة وصلت إلى ميناء أشدود. رغم ذلك، واصلت السلطات رفضها السماح لمحامي عدالة بلقاء النشطاء المعتقلين وتقديم الاستشارة القانونية لهم لساعات طويلة.

 

تولى تمثيل النشطاء طاقم قانوني من مركز عدالة، تألف من مديرة الوحدة القانونية د. سهاد بشارة، والمحاميات ناريمان شحادة زعبي، لبنى توما، وهديل أبو صالح. وبعد جهود حثيثة، تمكن طاقم عدالة من لقاء 17 من المتطوعين المحتجزين في ميناء أشدود، وبدأ بتقديم الاستشارة القانونية لهم. أما الناشطان المتبقيان، بوب صُبريه وهويدا عرّاف، اللذان يحملان الجنسية المزدوجة الإسرائيلية والأميركية، فقد نُقلا إلى مركز للشرطة، حيث تواجد أيضًا أحد محامية من طاقم عدالة لمتابعة وضعهما القانوني وتقديم الدعم اللازم.

 

التقى المحامون بـ17 ناشطًا ممن كانوا على متن السفينة، توزعوا على مجموعتين بين ميناء أشدود ومركز شرطة المدينة. وبحسب ما أفاد به طاقم عدالة لحظة لقائهم الأول، فإن الحالة الصحية العامة للنشطاء كانت مستقرة نسبيًا، إلا أن عددًا منهم أعلن دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجًا على احتجازهم.

 

تعاملت السلطات الإسرائيلية مع النشطاء وكأنهم دخلوا البلاد بطريقة غير قانونية، رغم أنهم اقتيدوا قسرًا من المياه الدولية ونُقلوا إلى الأراضي الإسرائيلية ضد إرادتهم. وقد عرضت السلطات عليهم خيارين بموجب القانون الإسرائيلي: إما الموافقة على تسريع إجراءات الترحيل، أو البقاء رهن الاعتقال إلى حين عرضهم على المحكمة للنظر في قانونية احتجازهم.

 

واصل مركز عدالة متابعة القضية عن كثب، ووفّر التمثيل القانوني لجميع النشطاء المحتجزين. هذا وقد وافق عدد منهم على تسريع إجراءات الترحيل، من بينهم أنطونيو مازيو من إيطاليا، غبراييل كاسالا من فرنسا، وجيكوب بيرغر من الولايات المتحدة. أما آنجي ساهوكيه من فرنسا، والدكتور فرانك رومانو الحامل للجنسيتين الأميركية والفرنسية، فقد أنهت دائرة الهجرة الإسرائيلية إجراءات الترحيل معهما قبل أن يتمكن طاقم عدالة من التواصل معهما، ما حال دون معرفة وضعهما القانوني لساعات طويلة، الأمر الذي قدم طاقم الدفاع ضده اعتراض.

 

في المقابل، رفض عدد من النشطاء التوقيع على الترحيل الطوعي، وتم تحويلهم إلى مسار قانوني يُلزم بعرضهم على المحكمة. من بين هؤلاء برادون بيلوسو من الولايات المتحدة، وتانيا (تان) صافي من أستراليا، وجوستين كيمبف من فرنسا، وإيما فورو وهي عضو برلمان سويدي وتحمل الجنسيتين الفرنسية والسويدية، إضافة إلى أنطونيو لا بيتشيريلا، الناشط في قضايا المناخ والعدالة الاجتماعية، وكريستيان سمولز من الولايات المتحدة، وكلوي فيونا لودين من المملكة المتحدة وفرنسا، وسيرخيو تورّيبّيو سانتشيز من إسبانيا، وفيغديس بيورفاند من النرويج، وروبرت مارتن من أستراليا، وحاتم العويني من تونس، وسنتياغو غونزلايس فاليخو من إسبانيا. وقد أعلن هؤلاء النشطاء جميعًا خوضهم إضرابًا مفتوحًا عن الطعام احتجاجًا على اعتقالهم غير القانوني منذ لحظة اعتراضهم في عرض البحر.

 

أما هويدا عرّاف وبوب صُبريه، اللذان يحملان الجنسية الأميركية أيضًا، فقد أفرجت عنهما الشرطة بعد التحقيق، وتواجدا لاحقًا برفقة طاقم المحامين من مركز عدالة.

 

يُذكر أيضًا أن طاقم قناة الجزيرة الذي كان ضمن المشاركين في الرحلة جرى تمثيله من قبل محامٍ خاص موكَّل من قبل القناة، وتحديدًا الصحافيين وعد الموسى ومحمد البقالي.

  

وفي صباح يوم الإثنين، 28 تموز/يوليو 2025، وفي تمام الساعة 09:30، بدأت جلسات النظر في ملفات عدد من النشطاء الدوليين الذين كانوا على متن سفينة "حنظلة" ورفضوا التوقيع على ما يُسمى إسرائيليًا بإجراءات تسريع الترحيل، وذلك أمام محكمة شؤون المهاجرين في منشأة "جفعون" في الرملة.

 

وقد أتاحت الإجراءات القضائية المتبعة في منشأة "جفعون" للسلطات الإسرائيلية هامشًا واسعًا لمواصلة احتجاز النشطاء، حتى دون وجود أساس قانوني جوهري، الأمر الذي أثار القلق مجددًا بشأن شرعية استمرار هذا الاحتجاز. هذا النمط في التعامل سبق أن مارسته السلطات الإسرائيلية في تجربتها مع نشطاء سفينة "مادلين"، ويبدو أنها تكرّسه مجددًا في هذه القضية.

 

مثل أمام المحكمة كل من برادون بيلوسو من الولايات المتحدة، وتانيا صافي من أستراليا، وجوستين كيمبف من فرنسا، وإيما فورو من فرنسا والسويد، وأنطونيو لا بيتشيريلا من إيطاليا، وكريستيان سمولز من الولايات المتحدة، وكلوي فيونا لودين من المملكة المتحدة وفرنسا، وسيرخيو تورّيبّيو سانتشيز من إسبانيا، وفيغديس بيورفاند من النرويج، وروبرت مارتن من أستراليا، وحاتم العويني من تونس، وسانتياغو غونزاليس فاليخو من إسبانيا. وواصل معظم هؤلاء النشطاء إضرابهم المفتوح عن الطعام احتجاجًا على احتجازهم القسري.

 

وفي اليوم ذاته، تم ترحيل عدد من النشطاء، من بينهم أنطونيو مازيو من إيطاليا، وغابرييل كاثالا من فرنسا، وجيكوب بيرغر من الولايات المتحدة، إضافة إلى الصحافي وعد الموسى (العراق/الولايات المتحدة) والصحافي محمد البقالي (المغرب).

 

مع حلول الساعة الرابعة عصرًا من ذلك اليوم، كانت جلسات النظر قد انتهت في ملفات 14 ناشطًا دوليًا مضربًا عن الطعام، احتجزوا في سجون هيئة الهجرة الإسرائيلية. مثّلت محاميات مركز عدالة، ناريمان شحادة زعبي ومديرة الوحدة القانونية د. سهاد بشارة، النشطاء أمام المحكمة. وقد أكد النشطاء في شهاداتهم أنهم استمروا في إضرابهم احتجاجًا على احتجازهم غير القانوني. وأفاد الناشط كريستيان سمولز بأنه تعرّض لعنف جسدي شديد على يد القوات الإسرائيلية، كما أدلت عدد من المعتقلات بشهادات عن تعرضهن لعنف مماثل وحرمانهن من ظروف إنسانية أساسية، بما في ذلك غياب التهوئة المناسبة في ظل الحر الشديد، وانعدام المستلزمات الصحية الأساسية للنساء. وقد صرّح النشطاء خلال مثولهم أمام المحكمة أنهم شاركوا في هذه المهمة بدافع إنساني خالص، من منطلق التزامهم برفع الحصار غير القانوني عن قطاع غزة، في ظل حرب إبادة متواصلة منذ أكثر من 22 شهرًا، ومجاعة غير مسبوقة أدّت إلى وفاة عشرات الأطفال.

 

كما أدلى عدد من المحتجزين الذين لم تتمكن محاميات عدالة من لقائهم في اليوم السابق، وهم آنجي ساهوكيه من فرنسا، والدكتور فرانك رومانو الحامل للجنسيتين الأميركية والفرنسية، وسانتياغو غونزاليس فاليخو من إسبانيا، بأنهم تعرّضوا لضغوط شديدة دفعتهم للتنازل عن حقهم في لقاء محام، ما حال دون إمكانية التواصل معهم حينها. وقد تمكّن طاقم عدالة من لقائهم خلال جلسات المحكمة.

 

وبحسب القانون الإسرائيلي، فإن المحكمة لا تبتّ في مسألة الترحيل ذاتها، بل تقتصر صلاحيتها على النظر في استمرار الاحتجاز إلى حين تنفيذ الترحيل القسري، ما يمنح السلطات هامشًا واسعًا لإطالة فترة الاعتقال دون سند قانوني فعلي. وقد سبق لإسرائيل أن استخدمت هذا الإجراء بشكل موسّع خلال احتجاز نشطاء سفينة "مادلين"، وكرّرته في هذا السياق.

 

وفي موازاة ذلك، استمرت زيارات دبلوماسية من ممثلي السفارات الفرنسية والأسترالية لمكان احتجاز مواطنيهم. وطالب مركز عدالة السلطات الإسرائيلية بالسماح بإجراء زيارات قانونية يومية للمحتجزين حتى موعد الإفراج عنهم.

 

ومع نهاية اليوم، صادقت محكمة الهجرة الإسرائيلية على قرار استمرار احتجاز 14 ناشطًا كانوا على متن سفينة "حنظلة – أسطول الحرية"، بعد أن رفضوا الموافقة على إجراءات الترحيل السريعة، وذلك حتى تنفيذ عملية الترحيل في الأيام القريبة المقبلة.

 

وعلى ضوء ذلك، واصل مركز عدالة تمثيل النشطاء وتقديم الدعم القانوني الكامل لهم، ح وأكد التزامه بالدفاع عن حقوقهم وحقهم في العمل الإنساني. 

 

في اليوم التالي، الثلاثاء 29 تموز/يوليو 2025، واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ إجراءات الترحيل بحق النشطاء الدوليين الذين كانوا على متن سفينة "حنظلة". وفي هذا السياق، تابع طاقم مركز عدالة القانوني زياراته للنشطاء المتبقّين في الاحتجاز، ووفّر لهم التمثيل القانوني أمام السلطات الإسرائيلية، بهدف ضمان احترام حقوقهم وتسريع الإفراج عنهم وإعادتهم الآمنة إلى بلدانهم بالتنسيق مع ممثلين دبلوماسيين وسفاراتهم.

 

خلال اليوم نفسه، نجحت محاميات مركز عدالة في زيارة النشطاء السبعة المتبقّين قيد الاحتجاز، ومتابعة ظروف احتجازهم عن قرب. ومن بين الأربعة عشر ناشطًا الذين رفضوا التوقيع على إجراءات الترحيل السريع في بداية اعتقالهم، تم جدولة ترحيل سبعة منهم خلال هذا اليوم أو في الساعات القريبة التالية. غير أن عددًا من هؤلاء لم يتمكن من مغادرة البلاد في الموعد المقرر بسبب تأخيرات إدارية من جانب السلطات الإسرائيلية، إلى جانب محاولات متكررة لإجبارهم على التوقيع على تعهدات بالموافقة على ترحيلهم.

 

من بين هؤلاء الذين تعذّر ترحيلهم في ذلك اليوم، الناشطة آنجي تينزينغ مانويل ساهوكيه، والنائبة السويدية إيما فورّو، والناشطة كلوي فيونا لودين، والناشط جوستين كيمبف، والناشط البيئي أنطونيو لا بيتشيريلا. وقد بدأت جهود جديدة لتنسيق مواعيد سفر بديلة لهم، بعد أن تمسكوا بموقفهم الرافض للتوقيع على أية التزامات تفرضها السلطات.

 

حتى نهاية يوم 29 تموز، لم تكن قد حُدّدت بعد مواعيد سفر لعدد آخر من النشطاء الذين بقوا قيد الاحتجاز، وهم: برادون جيمس بيلوسو، كريستيان دانيل سمولز، وفرانك جوزيف رومانو من الولايات المتحدة؛ سانتياغو غونزاليس فاليخو وسيرخيو توريبيو سانتشيز من إسبانيا، حاتم العويني من تونس، وفيغديس بيورفاند من النرويج. وواصل مركز عدالة متابعة أوضاعهم ميدانيًا وقانونيًا.

 

وبحسب الإفادات التي جمعها طاقم عدالة خلال الزيارات الميدانية، فقد استمر النشطاء في التعرض لظروف اعتقال قاسية ومهينة، وواصلوا إضرابهم المفتوح عن الطعام لليوم الرابع على التوالي احتجاجًا على اعتقالهم غير القانوني وسوء المعاملة داخل مراكز الاحتجاز.

 

أفاد المعتقلون الذكور بأن زنازينهم تعرّضت لاقتحامات وتفتيش عنيف من قبل قوات مصلحة السجون الإسرائيلية فور عودتهم من جلسات محكمة الهجرة في اليوم السابق، وقد كان أفراد القوة يرتدون ملابس مختلفة عن تلك الرسمية المعروفة لقوات السجون. وأكّد جميع النشطاء، بمن فيهم الناشطة الوحيدة المتبقية في الاحتجاز، أنهم محتجزون داخل غرف صغيرة مكتظة، دون وجود تهوئة أو وسائل تبريد مناسبة، رغم ارتفاع درجات الحرارة التي بلغت 34 درجة مئوية. كما أشاروا إلى حرمانهم من أبسط مستلزمات النظافة والاستحمام، في ظل انتشار حشرات البق في أماكن نومهم. وأفادوا أيضًا بأنهم محرومون من "الفورة"، أي الخروج اليومي إلى ساحة السجن، ما يعني أنهم محتجزون في غرف مغلقة دون أية فرصة للتنفس أو الحركة.

 

من جانبه، أعلن الناشط الأميركي فرانك جوزيف رومانو، والذي بقي في زنزانة منفردة بعد ترحيل شركائه، عن عزمه تقديم استئناف قانوني ضد قرار استمرار احتجازه وترحيله القسري. وكان رومانو قد شرع منذ لحظة اعتقاله في إضراب عن الطعام والماء استمر ثلاثة أيام، ثم واصل إضرابه المفتوح عن الطعام احتجاجًا على الحرب، والتجويع، والإبادة الجماعية في غزة.

 

أما الناشطة النرويجية فيغديس بيورفاند، فقد أفادت بأنها تحتجز في غرفة منفردة منذ عدة أيام دون أي تواصل مع بشر، رغم تقدمها في السن وظروفها الصحية.

 

وفي سياق متصل، نُقل الناشطان الأستراليان، روبرت دانيل مارتن وتانيا صافي، إلى الأردن، تمهيدًا لمغادرتهما في اليوم التالي، 30 تموز، عبر رحلة طيران تتضمن توقفًا في دبي قبل الوصول إلى أستراليا.

 

في مساء 30 تموز 2025، عند الساعة 15:00 بتوقيت القدس، كانت السلطات الإسرائيلية تواصل تنفيذ إجراءات الترحيل بحق النشطاء الذين كانوا على متن سفينة "حنظلة"، إحدى سفن "أسطول الحرية" الساعي إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة. في هذا السياق، تابع طاقم مركز عدالة القانوني زيارة النشطاء المتبقين في الاحتجاز، ووفّر لهم التمثيل القانوني اللازم لضمان احترام حقوقهم وتسريع الإفراج عنهم وتأمين عودتهم الآمنة إلى بلدانهم.

 

صباحًا، نُقل خمسة من النشطاء إلى المطار تمهيدًا لترحيلهم، وهم: الناشطة فيغديس بيورفاند من النرويج، فرانك جوزيف رومانو من الولايات المتحدة وفرنسا، سيرخيو توريبيو سانتشيز وسانتياغو غونزاليس فاليخو من إسبانيا، وبرادون جيمس بيلوسو من الولايات المتحدة.

 

في المقابل، بقي كل من كريستيان دانيل سمولز من الولايات المتحدة، وحاتم العويني من تونس، قيد الاحتجاز في سجن جفعون. وواصل كلاهما إضرابًا مفتوحًا عن الطعام لليوم الخامس احتجاجًا على احتجازهما غير القانوني وظروف سجنهما. وقد نجحت محاميات مركز عدالة في زيارتهما خلال الساعة الأخيرة من التاريخ أعلاه، وأفادا خلال اللقاء بتعرّضهما لتفتيش دوري عنيف لزنازينهما.

 

ظل الناشطان محتجزَين في غرف صغيرة مكتظة، دون تهوية أو تبريد، رغم ارتفاع درجات الحرارة إلى 34 درجة مئوية. حُرما من مستلزمات النظافة الشخصية، وانتشرت الحشرات (البق) في أماكن نومهما، كما مُنعا بالكامل من الخروج إلى ساحة السجن، ما يعني احتجازهما داخل غرف مغلقة طوال اليوم، دون أي فرصة للتنفس أو الحركة.

 

حتى مساء 30 تموز 2025، كان عدد من النشطاء الآخرين قد رُحّلوا بالفعل إلى بلدانهم، ومن بينهم: أنطونيو لا بيتشيريلا، أنطونيو ماتزيو من إيطاليا، وعد موسى من الولايات المتحدة والعراق، غابرييل كاثالا من فرنسا، محمد البقالي من المغرب، جايكوب بيرغر من الولايات المتحدة، إيما فورّو من فرنسا والسويد، كلوي فيونا لودين من بريطانيا وفرنسا، آنجي تينزينغ مانويل ساهوكيه من فرنسا، وجوستين كيمبف من فرنسا. وقد واجه بعض هؤلاء النشطاء تأخيرًا إداريًا من السلطات الإسرائيلية، ومحاولات لإجبارهم على توقيع مستندات لتعجيل الترحيل، إلا أن هذه المحاولات قوبلت بالرفض، ما أدى إلى تأخر ترحيلهم.

 

صباح يوم 31 تموز 2025، غادر الناشطان الأخيران – كريستيان دانيل سمولز من الولايات المتحدة، وحاتم العويني من تونس – البلاد، بعد خمسة أيام من الاحتجاز غير القانوني والإضراب المفتوح عن الطعام. تمت عودتهما عبر الأردن، حيث كانت السفارة التونسية في استقبال العويني.

 

وبذلك، يكون قد انتهى ترحيل جميع النشطاء الذين كانوا على متن سفينة "حنظلة"، دون أن يبقى أي ناشط تحت قبضة السلطات الإسرائيلية.

 

منذ اللحظة الأولى، تابع مركز عدالة مجريات الحدث ووفّر التمثيل القانوني للنشطاء، حيث زار طاقمه القانوني من تبقّى منهم في أماكن الاحتجاز بشكل يومي، وواجه محاولات متكررة من السلطات الإسرائيلية لفرض شروط تعسفية على الترحيل والتضييق عليهم داخل السجن.

 

إن مبادرة النشطاء لكسر الحصار غير القانوني المفروض على غزة تستند بالكامل إلى مبادئ العدل والقانون الدولي وحقوق الإنسان. ويُعد اعتراض إسرائيل لسفينة "حنظلة" في المياه الدولية واحتجاز النشطاء انتهاكًا صارخًا لهذه المبادئ، ومساهمة مباشرة في استمرار الحصار غير القانوني المفروض على غزة، الذي أدى إلى تجويع متعمّد للفلسطينيين في ظل الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 22 شهرًا. وعلى ضوء ذلك، يواصل مركز عدالة التزامه بالدفاع عن النشطاء المشاركين في "أسطول الحرية"، في مواجهة السياسات الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي.