محكمة حيفا تُلغي أوامر إبعاد لمتظاهرين ضد جرائم الحرب في غزّة وتقرّ بأن الشرطة تنتهك حرية التعبير خلافًا للقانون

في استئناف قدّمه متظاهرون عن طريق مركز عدالة، بعد أن جرى توقيفهم والتحقيق معهم بشكل غير قانوني الأسبوع الماضي بذريعة "سلوك قد يخلّ بالنظام العام"، قررت المحكمة أن الشرطة لا تملك صلاحية منعهم من التظاهر مجددًا عبر فرض شروط إفراج.

في يوم 27.08.2025، قبلت محكمة الصلح في حيفا الاستئناف الذي قدّمه مركز عدالة ضد الشروط المقيّدة التي فرضتها الشرطة على خمسة متظاهرين اعتُقلوا خلال مظاهرة أقيمت في المدينة بتاريخ 21.08.2025، احتجاجًا على الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة. المظاهرة أقيمت في "ساحة الأسير" في الجادة الألمانية بالمدينة، حيث تُنظم هناك أسبوعيًا احتجاجات ضد المجازر والتجويع الذي يتعرض له سكان قطاع غزة. في تلك المظاهرة اعتُقل ثمانية متظاهرين، وأُطلق سراحهم بشروط مقيّدة شملت إبعادهم عن المكان لمدة عشرة أيام. قُبل الاستئناف بعد أن امتنعت شرطة حيفا عن تقديم أي رد للمحكمة كما طُلب منها.

 

للاطّلاع على قرار المحكمة بتاريخ 27.08.2025 (باللغة العبرية)

 

في اليوم التالي، قدّمت متظاهرتان أخريين اعتُقلتا في نفس الحدث استئنافًا مشابهًا، وأشارتا إلى رغبتهما في المشاركة بالاحتجاج المقرّر لذلك اليوم. القاضية ماجدة جبران مرقص قبلت الاستئناف وأكدت: "إن التقييد المفروض يحدّ من حرية التعبير بشكل غير متناسب وغير ضروري إطلاقًا"، وقررت إلغاء الشروط "لتمكين المستأنفتين من التظاهر وفقًا لحقهما في حرية التعبير".

 

للاطّلاع على محضر الجلسة والقرار في الاستئناف (باللغة العبرية)

 

تُطبّق شرطة حيفا منذ 07.10.2023 سياسة شاملة تمنع بشكل فعليّ إقامة مظاهرات ضد جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة. جميع هذه المظاهرات التي أقيمت في شارع "بن غوريون" تقريبًا انتهت بعشرات حالات الاعتقال التعسفي دون تقديم لوائح اتهام أو حتى استكمال التحقيقات. حتى الآن، أُطلق سراح جميع المعتقلين في هذه المظاهرات، وفي بعض الحالات قررت المحكمة أثناء الإفراج أنه لم تكن هناك أي ذريعة للاعتقال أصلًا. في بعض الملفات أحالت المحكمة القضايا إلى وحدة التحقيق مع عناصر الشرطة (ماحش) بسبب الإصابات التي لحقت بالمتظاهرين وبسبب شهادات العنف الشرطي الذي تعرضوا له. وهذه هي المرة العاشرة التي تُجبر فيها شرطة حيفا على إلغاء أوامر الإبعاد التي فرضتها على متظاهرين، نتيجة استئنافات قُدّمت بواسطة مركز عدالة. فعلى سبيل المثال، الأسبوع الماضي (21.08.2025)، ألغت المحكمة الشروط التي فرضتها الشرطة على تسعة متظاهرين اعتُقلوا في احتجاج نظّم في الحي الألماني يوم 14.08.2025، مؤكدة أنه لم يكن لدى الشرطة أي أساس قانوني لتفريق الاحتجاج أو إبعاد المتظاهرين عن مواقع التظاهر في المدينة.

 

المحامية هديل أبو صالح من مركز عدالة، والتي مثّلت المعتقلين، قالت: "كل المظاهرات ضد جرائم إسرائيل في قطاع غزة التي قمعتها شرطة حيفا بوحشية لم تتطلب ترخيصًا لها، وقد فُرّقت جميعها بشكل مخالف للقانون. إلى جانب الاعتقالات السياسية الباطلة والتعسفية، هناك ممارسة غير قانونية بفرض شروط مقيّدة خلافًا للقانون بهدف إحباط المظاهرات المستقبلية. الاستخدام المتكرر لهذا الأسلوب يدلّ على استغلال للإجراءات الجنائية وصلاحيات الشرطة لأغراض إسكات سياسي، حيث يُلقى العبء على المتظاهرين الذين يُجبرون بلا ذنب على خوض مسار قضائي لمجرد ممارسة حقوقهم الأساسية. لا يملك أي طرف إداري صلاحية منع مسبق للحق الدستوري في حرية التعبير، في غياب احتمال قريب الوقوع لضرر بأمن الجمهور. فقط هذا الأسبوع ذكّرت المحكمة العليا شرطة حيفا بأن من واجبها ضمان ممارسة الحق في التظاهر تحديدًا في أوقات الحرب، عندما حاولت منع رسائل "استفزازية" على حد قولها في مسيرة الفخر. يبدو إذن أن الرسالة لم تصل بعد".