للمرة الرابعة عشرة | محكمة حيفا تُلغي أوامر إبعاد لمتظاهرين عن ساحة الأسير
قبلت محكمة الصلح في حيفا، اليوم الأحد، 14.09.2025، الاستئناف الذي قدّمه مركز عدالة ضد الشروط المقيّدة التي فرضتها شرطة حيفا على أربعة متظاهرين من أصل سبعة، اعتُقلوا خلال مظاهرة نُظّمت بتاريخ 11.09.2025 في "ساحة الأسير" بالجادة الألمانية في المدينة، احتجاجًا على الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين في قطاع غزة. وبقرارها هذا، ألغت المحكمة أوامر الإبعاد التي حاولت الشرطة فرضها بشكل غير قانوني، في تقويض واضح لحق المتظاهرين في الاحتجاج وحقهم بالتنقل بحرية.
لقراءة قرار المحكمة 14.09.2025 (باللغة العبرية)
هذا وقامت شرطة حيفا بتفريق المظاهرة بشكل عنيف، بعد نحو 45 دقيقة على انطلاقتها، واعتقلت سبعة متظاهرين بذريعة "سلوك قد يخلّ بالسلامة العامة". على أثر ذلك، توجه طاقم الدفاع في مركز عدالة إلى محطة الشرطة لتقديم الاستشارة القانونية للمعتقلين، وُهناك بُلّغت المحاميتين هديل أبو صالح ولبنى توما بشكل فوري بأن هنالك نية لتمديد اعتقالهم حتى قبل عرضهم على التحقيق. بعد ذلك، أبقتهم الشرطة قيد الاعتقال طوال الليل بادّعاء نيتها عرضهم على المحكمة في اليوم التالي.
صباح الجمعة، وبشكل فجائي، أفرجت الشرطة عن ثلاثة منهم بشرط توقيعهم على أوامر إبعاد عن شارع "بن غريون"، موقع المظاهرات الأسبوعية، لمدة عشرة أيام. أما الأربعة الآخرون، الذين نُقلوا ليلًا إلى معتقل "كيشون"، فتم احتجازهم بصورة غير قانونية لقرابة 20 ساعة دون أمر قضائي بتمديد اعتقالهم. وخلال هذه الفترة تعمّدت الشرطة إخفاء مكان وجودهم عن طاقم الدفاع. الأمر دفع المحامية هديل أبو صالح من مركز عدالة إلى تقديم طلب عاجل للإفراج عنهم. وقبيل انطلاق الجلسة قامت الشرطة بتحرير معتقلة إضافية، ليُفرج عن الباقي لاحقًا بعد تدخّل قاضية المحكمة "طال تدمور-زمير"، التي وبّخت الشرطة بسبب المماطلة وإخفاء المعتقلين عن قاعة المحكمة.
لقراءة بروتوكول الجلسة 12.09.2025 (باللغة العبرية)
وخلال جلسة الاستئناف، عرضت المحامية أبو صالح شهادات صادمة من المعتقلين حول تعرضهم لإهانات لفظية وتعامل مهين من قبل عناصر الشرطة. وبحسب أقوال المعتقلين، اعترف بعض رجال الشرطة صراحةً بأن الهدف من هذه الاعتقالات هو "منع استمرار المظاهرات الأسبوعية".
على ضوء ذلك، تقدّمت أبو صالح بشكل فوري باستئناف باسم أربعة معتقلين حررتهم الشرطة صباح يوم الجمعة وقبل الجلسة التي أقيمت من نفس اليوم، ضد التقييدات المفروضة عليهم من قبل الشرطة بحجة أنها غير قانونية، وقررت محكمة الصلح في حيفا، اليوم 14.09.2025، والممثلة بالقاضي "بوريس شارمن" إلغاء كافة الشروط.
جدير بالذكر أنه منذ تشرين الأول 2023، تعتمد شرطة حيفا سياسة متواصلة لمنع المظاهرات المناهضة للحرب على غزة. جميع الوقفات الاحتجاجية تقريبًا في شارع "بن غوريون" انتهت باعتقالات جماعية تعسفية أُفرج لاحقًا عنهم جميعًا بدون استثناء، من دون لوائح اتهام أو استكمال تحقيقات. المحاكم نفسها أقرت في أكثر من حالة بانعدام أي أساس قانوني للاعتقالات، وأحالت بعض الملفات إلى وحدة التحقيق مع عناصر الشرطة (ماحش) بسبب الانتهاكات والعنف الممارس ضد المتظاهرين.
هذه هي المرة الرابعة عشرة التي تُجبر فيها شرطة حيفا على إلغاء أوامر إبعاد لمتظاهرين، بعد استئنافات قدّمها مركز عدالة منذ أيار 2025.
وترتكز الشرطة في معظم هذه الاعتقالات على البند 216 (أ) من قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1977، الذي يتيح السجن حتى ستة أشهر لكل من يُخلّ بـ"السلامة العامة"، رغم أن النص وُضع للتعامل مع حالات شغب استثنائية ولم يُستخدم تاريخيًا في قضايا مرتبطة بحرية التعبير، حي شددت المحكمة العليا بوضوح إلى أن تقييد حرية التعبير لا يجوز إلا إلا بوجود "احتمالية لوقوع خطر حقيقي ووشيك"، قائم على أدلة ملموسة لا على تقديرات عامة أو تخمينات. ولكن شرطة حيفا تُعيد تذرعها بالبند بشكل أسبوعي لتقويض حق الفلسطينيين في التظاهر. الأمر الذي فرضته عدالة بتوجهاتها إلى سلطات إنفاذ القانون، والتي أثبتت فيها أن هذا البند يستخدم بشكل تعسفي كأداة إسكات سياسي للفلسطينيين في الداخل، وبالأخص المتظاهرين المناهضين للحرب.
المحامية هديل أبو صالح من مركز عدالة، والتي مثّلت المتظاهرين، قالت: " تقوم شرطة حيفا أسبوعيًا باستعراض جديد من الاستهتار بالقانون، وصعدت هذا الأسبوع سياساتها التي أوصلتها إلى درجة تجاهل مطالبنا ومطالب المحكمة بمعرفة مصير المعتقلين على ساعات، مما اضطر المحكمة للتدخل من أجل تحريرهم. هذا واقع يستدعي محاسبة حقيقية. نحن نعي بشكل كامل بأن الاعتقالات التعسفية وأوامر الإبعاد ليست سوى أدوات إسكات سياسي تستهدف المظاهرات المناهضة للإبادة. سنواصل التصدي لهذه السياسات عبر الأدوات القانونية، لضمان الحق في التظاهر للفلسطينيين في الداخل".