عدالة في المحكمة العليا: القانون الذي يخوّل وزارة التربية والتعليم فصل المعلمين بمزاعم "دعم الإرهاب" يفتح الباب لترهيب سياسي في جهاز التعليم

أوضحت المرافعة أن القانون يقوم على معايير فضفاضة وغامضة، ويمنح صلاحيات واسعة لجهات سياسية داخل وزارة التربية والتعليم، دون تعريف مهني أو قانوني واضح لمفاهيم مثل "الدعم" أو "التماهي"، ودون أي فصل بين الصلاحيات التنفيذية والرقابة القضائية. وأكد أن هذه الصياغة تجعل من القانون أداة محتملة لإسكات أي رأي خارج عن الإجماع السياسي الإسرائيلي السائد، لا سيّما في صفوف المعلمين الفلسطينيين في الداخل، الذين يتعرضون أصلًا لملاحقات وعقوبات بموجب تشريعات وسياسات أخرى.

 

ترافع مركز عدالة الحقوقي، اليوم الإثنين 29 كانون الأول 2025، أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، في الالتماس المقدّم ضد القانون الذي يمنح المدير العام لوزارة التربية والتعليم صلاحية فصل العاملين في سلك التعليم بإجراء إداري، استنادًا إلى مزاعم "دعم الإرهاب". هذا وعُقدت الجلسة أمام هيئة قضائية مكونة من ثلاثة قضاة ضمّت رئيس المحكمة القاضي "يتسحاك عميت"، والقاضية "غيلا كنفي-شتاينيتس"، والقاضي "عوفر غروسكبوف".

 

خلال الجلسة ترافعت المحامية سلام إرشيد، حيث شددت في مرافعتها على الأثر العملي والفوري للقانون، مؤكدةً بأنه يمس بحريه التعبير عن الراي ويُحدث ضررًا واسعًا حيث انه يدفع المعلمين والمعلمات إلى الامتناع عن التعبير عن آرائهم، خوفًا من الفصل، التحريض والمساس بمصدر رزقهم، إضافةً إلى الإضرار بالمؤسسة التعليمية ذاتها. وشدّد طاقم الدفاع على أن هذا الضرر لا يطال حرية التعبير فحسب، بل يمتد إلى الحق في العمل، والحق في التعليم، ويمسّ بجوهر العملية التربوية.

 

لقراءة الالتماس (باللغة العبرية)

 

وأوضحت المرافعة أن القانون يقوم على معايير فضفاضة وغامضة، ويمنح صلاحيات واسعة لجهات سياسية داخل وزارة التربية والتعليم، دون تعريف مهني أو قانوني واضح لمفاهيم مثل "الدعم" أو "التماهي"، ودون أي فصل بين الصلاحيات التنفيذية والرقابة القضائية. وأكد أن هذه الصياغة تجعل من القانون أداة محتملة لإسكات أي رأي خارج عن الإجماع السياسي الإسرائيلي السائد، لا سيّما في صفوف المعلمين الفلسطينيين في الداخل، الذين يتعرضون أصلًا لملاحقات وعقوبات بموجب تشريعات وسياسات أخرى.

 

تطرق الدفاع أيضًا إلى أن ادعاء الدولة بأن الالتماس قُدّم قبل أوانه، بحجة أن القانون لم يُطبق بعد، أو لأن بعض بنوده، ولا سيما ما يتعلق بسحب الميزانيات، لم تصدر بشأنها مجموعة أنظمة واضحة حتى الآن، حيث رد بأن هذا الادعاء غير واقعي، إذ إن المس بالحقوق الأساسية قائم منذ لحظة سنّ القانون نفسه، ويكمن في أثره الذي يُرهب ويقيد التعبير الحر.

 

خلال المرافعة، طرحت المحكمة أسئلة قانونية مبدئية حول مدى تناسب القانون، وحول ما إذا كان يتعين التدخل القضائي لمنع دخوله حيز التنفيذ، في ضوء حجم الضرر المتوقع. كما تساءلت المحكمة عن الضغوط التي قد يفرضها القانون على إدارات المدارس لمراقبة الحياة الخاصة للعاملين فيها، وعن إمكانية فرض عقوبات إدارية جسيمة على خلفية تعبير سياسي أو مشاركة في مظاهرة، دون أي إجراء جنائي.

 

وفي ختام الجلسة، شدد طاقم عدالة على عدم قانونية هذا القانون وضرورة ابطاله، مشددًا على أن القانون يشكّل أداة قمع وردع للممارسة المشروعة للحقوق الأساسية، ويحول جهاز التعليم إلى ساحة ضبط سياسي، على حساب المعلمين والطلاب وحقهم في تعليم حر ونقاش تربوي مفتوح. وانتهت الجلسة دون اصدار أي قرار بخصوص الالتماس.

 

علقت المحامية سلام إرشيد قائلةً: "تُثبت التجربة خلال العامين الأخيرين، التي شهدت ملاحقات عديده وفصل لعاملين وطلاب على خلفية منشورات وتعابير مشروعة، على خطورة هذه الصلاحيات وبالذات حين تُضع في ايدي جهات مُسيسة.  لذلك يعمق هذا القانون الرقابة الذاتية وقمع التعبير عن الرأي، خاصةً لدى المعلمين الفلسطينيين والذي يستهدفهم هذا القانون بشكل خاص. سنواصل العمل ضد قانونية القانون، وخصوصًا أن المحكمة قد لاحظت بأن الدولة لم تستطع تقديم أي ادعاء قد يعطي شرعية للقانون”.

 

جدير بالذكر أن القانون، الذي أُقرّ في الكنيست في تشرين الثاني 2024، يتيح للمدير العام للوزارة إصدار أوامر بفصل معلمين ومعلمات، أو تعليق عملهم، أو سحب تراخيص مزاولة مهنة التعليم منهم، إذا اقتنع بأنّ عامل التعليم أبدى تعاطفًا مع عمل إرهابي أو مع منظمة إرهابية أو عبّر عن دعم لهما. كما يمنح القانون وزير التربية والتعليم صلاحية سحب الميزانيات من مؤسسات تعليمية "إذا ثبت، حسب قناعته، أنّ في المؤسسة مظاهر تعاطف مع عمل إرهابي أو مع منظمة إرهابية أو دعم لهما، وكانت إدارة المؤسسة تعلم بوجودها أو كان ينبغي أن تعلم".