حق الأقليات القومية بالفيتو: مقدونيا، إيرلندا الشماليّة وبلجيكا

شين كيلر | مجلة عدالة الأكلترونية، العدد 13، أيار 2005
تقتضي الترتيبات العملية لمشاركة السلطة في المجتمعات المنقسمة إثنيًا حلولاً حساسة تتجنّب حالات الربح/الخسارة بشكل واضح

 

شين كيلر  [1]| مجلة عدالة الأكلترونية، العدد 13، أيار 2005

 

مقدّمة

لقد تمّ وصف حقوق النقض على أنّها "السلاح الأخير" المتوافر للأقليّات في نظام مشاركة السلطة في مجتمع منقسم إثنيًا. [2]من ناحية، فإنّ حقوق نقض القوانين/ القرارات التي تؤثّر على المصالح الحيوية للأقلية توفّر لها ضمانًا متينًا بأن يكون من غير الممكن أن يتجاهل اقتراع الأكثرية هذه المصالح. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يكون لحقوق النقض تأثير يؤدّي إلى الجمود، الانقسام الإثنيّ أو زعزعة الاستقرار في نظام مشاركة السلطة إلا إذا تمّ تصميمه بحذر، واستخدم على نحو متباعد – كمحاولة أخيرة. تعني "مشاركة السلطة"، في هذه المقالة، مشاركة جميع المجموعات الإثنية الرئيسة في سيرورات صنع القرار السياسي، ويعني "حقّ النقض" ("الفيتو" الذي يعني "أنا أحظر" باللاتينية) القدرة على سدّ الطريق أمام مسوّدة قانون أو إجراء مقترح أو منعه أو تعليقه. ستحاجج هذه المقالة بأنّ حقوق النقض ليست، دائمًا، أفضل أداة لحماية المصالح الحيويّة للأقليّة. ستتمّ استعارة أمثلة تدعم هذا الرأي من مقدونيا وإيرلندا الشمالية، حيث ظهرت مشاركة السلطة هناك في أعقاب تجارب التوتّر/ العنف الإثني الأخيرة. ستعرض الأقسام الاستهلاليّة لهذه المقالة التركيبة الإثنية، تاريخ الصراع الإثنيّ وترتيبات مشاركة السلطة في هذه المناطق. وستعاين الأقسام الوسطى من هذه المقالة القضايا الرئيسة المتعلّقة بحقوق نقض الأقليّة، بما في ذلك تعريف صاحب حقّ النقض، وتحديد "المصالح الحيوية" للأقليّة وإدارة حالات الجمود أو الأزمات السياسية التي قد تطرأ في أعقاب استخدام حقّ النقض. وسيُظهر هذا الأمر أنّ الصعاب العملية التي ترافق حقوق نقض الأقليّة تتضمّن احتمال حدوث جمود في عمليّة صنع القرار السياسيّ، وترسيخ الانقسامات الإثنية القائمة، ويمكن أن يكون لها تأثير صِداميّ ومخلّ بالاستقرار داخل نظام مشاركة السلطة. أمّا القسم الأخير من هذه المقالة فسيطرح توجّهًا بديلاً لحماية المصالح الحيوية للأقليّات التي تعتمد جزئيًّا، لكن على نحو أقلّ، على حقوق النقض. لقد جرى منح كلّ مجموعة إثنيّة في بلجيكا، وهي دولة ذات تقاليد عريقة في التوفيق بين الانقسامات العميقة القائمة بين مجتمعَيها الفلمنكي والفلوني، حكمًا ذاتيًا عالي المستوى وغير محدّد جغرافيًّا على المصالح الحيوية مثل التعليم، اللغة والثقافة، الأمر الذي يقلّل من الاعتماد على حقوق النقض كوسيلة لحماية المصالح الحيوية للمجموعة الإثنيّة. أما بالنسبة إلى القرارات التي تقتضي حماية حقّ النقض (مثل المجالات الواقعة ضمن صلاحيات الحكومة المركزية، والتي تؤثّر على المصالح الحيوية لإحدى المجموعات الإثنية)، فثمّة في بلجيكا إجراء "جرس إنذار" فريد من نوعه (سأعرًفه بأنّه "حقّ نقض ليّن") يقلّل إلى الحدّ الأدنى من إمكانية الإساءة الإجرائية من طرف معارضي مشاركة السلطة، ويشجّع على الوساطة بين المجتمعات المختلفة من أجل حلّ مأزق ما، بعد استخدام حقّ النقض والوصول إلى حلّ مقبول على الأطراف والتقليص إلى أدنى حدّ من تأثير حقوق النقض التّقليدية (أو "حقوق النقض الصلبة") التي تؤدّي إلى زعزعة الاستقرار، وإلى وجود رابحين وخاسرين.

 

التركيبة الإثنيّة، تاريخ الصراع الإثني ومشاركة السلطة في مقدونيا

على الرّغم من تجنيب مقدونيا المذبحة التي رافقت تمزّق يوغوسلافيا في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، إلا أنّ العنف الإثنيّ اندلع بشكلٍ محدودٍ بعد مضيّ عقدٍ من الزمن. يمثّل المقدونيون الإثنيون، وهم في أغلبيتهم من المسيحيين ويتكلّمون اللغة المقدونيّة، نحو 65% من سكّان مقدونيا. ويشكّل الألبان الإثنيون نحو 25% من مجموع السكان، وهم في أغلبيتهم من المسلمين ويتكلّمون اللغة الألبانيّة، ويتركّزون في شرق مقدونيا حول الحدود مع ألبانيا وكوسوفو. وتشمل نسبة الـ10% الباقية عددًا من الأقليّات الإثنيّة الصغيرة، من بينها التركيّة والروميّة والصربية والفلاشية والبوسنية. [3] تبنّت الدولة المستقلّة حديثًا في العام 1991 دستورًا يصف مقدونيا بأنّها "الدولة الوطنية للشعب المقدوني". عارضت الأقليّة الألبانية، بشدّةٍ، دستور العام 1991، مُحاججةً بأنّه يدفع بالأقليّات الإثنية المقدونية إلى وضعية مواطنين من الدرجة الثانية. [4]لقد زاد التمييز من تغريب الألبانيين الإثنيين عن الدولة الفتية – على الرّغم من أنّ الألبانيين الإثنيين يشكّلون نحو 25% من السكّان، إلا أنّهم شكّلوا 7% من موظّفي الدولة و 3% من أفراد الشّرطة فقط، في العام 2001. إنطلق المتمرّدون الألبانيون الإثنيّون في هبّة عنيفة في ربيع العام 2001، وفي أعقاب التدخّل السريع للاتحاد الأوروبي/ الناتو، أبرمت الحكومة والمتمرّدون اتفاقيّة سلام ("اتفاقية أُهريد") في آب العام 2001. [5]أدّى ذلك إلى اعتراف دستوريّ بالألبانيين الإثنيين وبالأقليّات الإثنية الأخرى كشعوب مُكوّنة للدولة المقدونية، وإلى منح حقوق نقض فعّالة للأقليّات الإثنيّة بشأن القوانين التي تؤثّر على مصالحها الحيوية، وإلى توطيد الاعتراف باللغة الألبانيّة، وإلى التزام بالتمثيل النسبيّ للألبانيين الإثنيين على جميع مستويات خدمات الدولة والشرطة. إضافةً إلى ذلك، تواصلت الممارسة غير الرسمية المتعلّقة بإشراك أحزاب إثنية ألبانية ووزراء إثنيين ألبانيين في الائتلافات الحكومية، والتي تعود إلى العام 1991. [6]ولا تزال اتفاقيّات مشاركة السلطة هذه قائمة حتى هذا اليوم، وذلك على خلاف العديد من التوقّعات في هذا الشأن.

 

التركيبة الإثنيّة، تاريخ الصراع الإثني ومشاركة السلطة في إيرلندا الشمالية

إنّ الصراع الإثنيّ في إيرلندا متجذّر على مدى قرون من الاستعمار من قبل الجزر البريطانية المجاورة. نال جزء من الجزيرة، في العام 1921، استقلاله، لكن بقيت ستّة مناطق ضمن المملكة المتحدة، لتشكّل معًا إقليم إيرلندا الشمالية. ووفقًا لآخر إحصاء سكّاني رسميّ، فإنّ ما يقارب 53% من السكّان هناك هم من البروتستانت و 44% من الكاثوليك. [7]إنّ الانقسام الأساسي بين سكّان إيرلندا الشمالية هو على خلفيّة الانتماء القومي، وتزداد حدّة هذا الانقسام نتيجةً للانقسام الثانويّ الموازي له وفقًا للانتماء الدينيّ. إنّ الأغلبية الساحقة من الاتحاديين، الذين يريدون أن تظلّ إيرلندا الشمالية جزءًا من المملكة المتحدة، هم من البروتستانت. أما أغلبية الوطنيين، الذين يفضّلون انفصال إيرلندا الشمالية عن المملكة المتحدة والاتحاد مع إيرلندا، فهم من الكاثوليك. كانت إيرلندا الشمالية منذ العام 1921 حتى العام 1972 تحكم ذاتها، إلى حدٍ كبير، من خلال مجلس نوّاب وسلطة تشريعية برلمانية ("Stormont"). لكن، أدّى نظام الحكم على طريقة الحكومة البريطانية إلى هيمنة الاتّحاديين، ولم يتمّ تعيين أيّ وزير كاثوليكيّ بين الأعوام 1921 و 1968. [8]أثار التمييز المتواصل ضدّ الكاثوليك التوتّرات الإثنية، وفي أواسط الستينيات من القرن الماضي أسّس الكاثوليك حركة الحقوق المدنية بإلهامٍ من النموذج الأمريكيّ، للمطالبة بالمعاملة المتساوية في مجالات مثل التمثيل السياسيّ، حفظ الأمن والنظام العام، والسكن والعمل في القطاع العام. اتّخذت الشرطة، التي كانت مؤلّفة من البروتستانت، بشكل حصريٍّ تقريبًا، والمدعومة بتشريعات الطوارئ، إجراءات صارمة ضدّ مسيرات الحقوق المدنية أدّت إلى العديد من الصدامات العنيفة، بما فيها حادثة "الأحد الدامي"، حينما قَتل الجنود البريطانيون 13 من متظاهري الحقوق المدنية الكاثوليك في 30 كانون الثاني من العام 1972. ألغت الحكومة البريطانية، في آذار العام 1972، البرلمان الإيرلندي ("Stormont") وأعادت فرض حكم مباشر من قبل الحكومة البريطانية. تواصل العنف الطائفيّ حتى أوائل التسعينيات من القرن الماضي وأدّى إلى مقتل أكثر من 3,000 شخص. أعلن الجيش الجمهوريّ الإيرلنديّ (IRA)، في العام 1994، وقف إطلاق النار، وأبرمت الحكومتان البريطانية والإيرلندية اتفاقية سلام شاملة ("اتفاقيّة الجمعة العظيمة"[9]) صدّق عليها في أعقاب ذلك شعبا إيرلندا وإيرلندا الشمالية من خلال استفتاءَين شعبيين مُتزامنين. أنشأت "اتفاقيّة الجمعة العظيمة" مؤسّسات طموحة جديدة لمشاركة السلطة، بما فيها مجلس نوّاب مؤلّف من 108 أعضاء يتمّ انتخابه عن طريق التمثيل نسبي، وهيئة تنفيذية لإيرلندا الشمالية مؤلّفة من وزراء عن جميع الأحزاب الاتحادية والوطنية الرئيسة. كذلك، أُدخلت إجراءات انتخابية تشمل جميع المجتمعات وتمنح المجموعات الاتحادية والوطنية حقوق النقض في ما يتعلّق بعمليات اقتراع معيّنة في مجلس نوّاب إيرلندا الشمالية. [10]لكن، كان تطبيق "اتفاقية الجمعة العظيمة" متقطّعًا وإشكاليًا، ويجري حكم إيرلندا الشمالية اليوم مباشرةً من قبل الحكومة البريطانية منذ تعليق عمل مؤسّسات مشاركة السلطة، للمرّة الرابعة، في تشرين الأوّل العام 2002، وتوقّفت مشاركة السّلطة عن العمل.

 

دور حقوق النقض في أنظمة مشاركة السلطة في المجتمعات المنقسمة إثنيًا

إنّ أحد الأدوار الرئيسة لحقوق النقض في أنظمة مشاركة السلطة في المجتمعات المنقسمة إثنيًا هو الحثّ على صنع قرار مقبول على المجموعات الإثنية المختلفة. نظريًا، يهدف التهديد باستخدام حقّ النقض إلى ردع مجموعة إثنيّة ما عن مواصلة التقدّم بمقترح ينتهك المصالح الحيوية للمجموعة الإثنية الأخرى. ويمكن تبرير حقّ النقض على أساس أنّ ضمانات التمثيل النسبيّ لمجموعات الأقلية في مجلس النوّاب و/أو الهيئة التنفيذية التي تستند إلى مشاركة السلطة هي غير كافية لحماية المصالح الحيوية لتلك الأقلية، لأنّه قد يتمّ الاقتراع ضدّها والتغلّب عليها بسهولة. لذلك، فإنّ حقوق النقض معدّة لتكون آخر ضمانة لمجموعات الأقليّة يمكن استخدامها للذود عن مصالحها الحيوية في حال أصبحت مهدّدة. إلا أن آلية حقّ النقض ليست الطريقة الوحيدة الممكنة للذود عن المصالح الحيوية لأقليّة ما. ستبيّن أقسام المقالة التالية بعض المشاكل العملية الكامنة في حقوق نقض الأكثرية في أنظمة مشاركة السلطة.

 

المشاكل المتعلّقة بهوية صاحب حقّ النقض

القضيّة الرئيسة الأولى التي تنشأ بالنسبة إلى آليّات حقّ نقض الأقلية هي تحديد هوية صاحب حقّ النقض الملائم. قد يفشل حقّ النقض الممنوح بشكل جماعيّ لعدد من الأقليّات المختلفة التي تعمل ككتلة واحدة في أداء وظيفته الأساسيّة في حماية الأقلية، إذ إنّ لكلّ مجموعة إثنيّة تقاليدها، ثقافتها ومصالحها الحيوية الخاصّة بها، والتي يمكن أن تتعارض مع تقاليد، ثقافة ومصالح الأقليّات الأخرى الموجودة في كتلة حقّ النقض. ويمكن لحقوق النقض الممنوحة لمجموعة أثنيّة واحدة، أو أكثر، أن تؤدّي إلى التقسيم، من ناحية إثنية، عن طريق التمييز ضدّ الأقليّات الإثنية الأصغر حجمًا، بالإضافة إلى المجموعات الإثنية التي تتخطّى الحدود الإثنيّة.

 

يقوم التوجّه المقدوني بجمع كلّ الأقليّات الإثنية في كتلة واحدة بهدف حماية الأقلية من خلال حقّ النقض. ويمكن تمرير قوانين معيّنة، وفقًا للدستور المقدوني[11]، في حال حصولها على أكثرية مضاعفة في مجلس النوّاب المقدونيّ فقط، أي، أكثرية ضمن مجلس النوّاب بأكمله الذي يتضمّن أكثرية من أصوات أعضاء مجلس النوّاب الحاضرين الذين "يدّعون بأنّهم ينتمون إلى الأقليات التي لا تشملها الأكثرية من بين سكّان مقدونيا." لكن، وفقًا للمعطيات الأخيرة للإحصاء السكّاني الرسميّ المقدوني للعام 2002، فإنّ 35.2% من سكّان مقدونيا الذين لا ينتمون إلى المجتمع المقدوني الإثني يتألّفون من أقليّة إثنيّة كبيرة (الألبانيون الإثنيون الذين يمثّلون 25.17% من مجموع السكان، والذين يشغَلون نسبة منخفضة، نوعًا ما، من مجمل المقاعد في مجلس النوّاب المقدوني) ومن العديد من الأقليّات الإثنية الأصغر حجمًا. [12]وبموجب ذلك، وفي الوقت الذي يتمتّع فيه الألبانيون الإثنيون بتمثيل كافٍ لنقض تشريع ما من دون دعم أيّ من الأقليّات الإثنية الأخرى، لا تستطيع الأقليّات الأصغر حجمًا أبدًا نقض تشريع ما من دون دعم الأكثرية الألبانيّة. وهكذا، فإنّ مصالحها الحيوية تكون محميةً بقدر تطابقها مع المصالح الحيوية الخاصة بالمجموعة الألبانية الإثنية المسلمة فقط.

 

على نحو مغاير، تعترف إيرلندا الشمالية بحقوق النقض لمجموعتي سكّان معيّنتين، لكن تتجاهل آلية حق النقض الخاصّة بها ممثّلي الأحزاب المتخطّية للحدود الإثنيّة والذين يرفضون، وفقًا لذلك، الانتماء إلى مجموعة إثنية/ قومية معيّنة. يُطلب من كلّ عضو من مجلس نوّاب إيرلندا الشمالية، بموجب "اتفاقيّة الجمعة العظيمة"، تعريف نفسه كـ (اتّحاديّ)، "وطنيّ" أو "آخر"، ويتمّ استخدام هذا التعريف في إجراءات الاقتراع "الخاصّ بالمجتمعات كافة" الذي يقتضي عتبات مُعيّنة من الدّعم الاتحاديّ أو الوطنيّ. يمكن للاقتراع الخاصّ بالمجتمعات كافة أن يتّخذ له شكلين: "الموافقة الموازية" (أي، أكثرية عادية في مجلس النوّاب تشمل على الأقلّ 50% داخل المجموعة الاتحادية و 50% داخل المجموعة الوطنية) أو "الأكثرية الموزونة" (أكثرية 60% في مجلس النوّاب تشمل على الأقلّ 40% داخل المجموعة الاتحادية و 40% داخل المجموعة الوطنيّة). تمّ تصميم هذا النوع من حقّ النقض المُتبادل بغية الحثّ على اتخاذ قرارات تكون مقبولة على مجموعات الأكثرية الاتحادية ومجموعات الأقلية الوطنية، على حدّ سواء. لكن، أحد الانتقادات الموجّهة لهذه الطريقة هو أنّها تميّز ضدّ مجموعة "الآخر" وترسّخ التقسيم الإثني/ القومي القائم حاليًّا. إنّ أيّ عضو في مجلس النوّاب تمّ انتخابه بدعم من البروتستانت و الكاثوليك، وهو يرفض تعريف نفسه كـ "اتحاديّ" أو "وطنيّ"، إما عن مبدأ أو خشية تغريب نفسه عن منتخبيه البروتستانت أو الكاثوليك، يتمّ تجاهله، من ناحية آليّة النقض، ويمكن اعتباره أنّه يتمتّع بصلاحيّات سياسية منقوصة مقارنةً بأعضاء مجلس النوّاب الاتحاديين والوطنيين. ويشكّل هذا التّفاوت في القوّة السياسية عائقًا عمليًّا أمام الاقتراع للمرشّحين المتخطّين للحدود الإثنية/ القومية، ويمكن اعتبار أنّ تركيبة حق النقض تساهم في ترسيخ التقسيمات الإثنية/ القومية العميقة في إيرلندا الشماليّة.

 

المشاكل المتعلّقة بتحديد "المصالح الحيوية" لأقليّة ما

القضية الرئيسة الثانية التي تنشأ بالنسبة إلى حقوق نقض الأقليّة هي تحديد "المصالح الحيوية" لأقليّة ما. إذا تمّ تحديد "المصالح الحيوية" لأقليّة ما بشكل ضيّق جدًا، فقد تفشل حقوق النقض في أداء وظيفتها الرئيسة كأداة لحماية الأقليّة من تجاهل صوت الأكثرية لمصالحها الحيوية. من ناحية أخرى، إذا تمّ تحديد "المصالح الحيوية" للأقليّة بشكل فضفاضٍ، فقد تكون حقوق النقض معرّضةً لإساءة الاستخدام، إذ أنّها ستمكّن الأقليّة من احتجاز الأكثرية كرهينة في العديد من مجالات التشريع. وقد يؤدّي سوء الاستخدام هذا، في نهاية المطاف، إلى إضعاف الثّقة بمجمل نظام مشاركة السلطة وزعزعة استقراره.

 

يقتضي التوجّه المقدوني التحديد المسبّق لـ"المصالح الحيوية" للأقليّات الإثنيّة عن طريق التحديد العينيّ لكلّ مصلحة تحميها حقوق النقض في الدستور المقدونيّ. وتتضمّن هذه المصالح المحميّة "القوانين التي تؤثّر مباشرةً على الثقافة واستخدام اللغة والتّعليم والتوثيق الشخصيّ واستخدام الرموز"[13] و "الحكم الذاتي المحلّي ... القوانين المتعلّقة بمصادر التمويل المحلّية والانتخابات المحلّية وحدود المجالس البلدية ومدينة سكوبجي (العاصمة)".[14] على الرّغم من أنّ هذه القائمة قد تبدو واسعة جدًّا، إلا أنّها، في الحقيقة، أضيق من قائمة المصالح الحيوية التي تحميها حقوق النقض في دساتير دول البلقان الأخرى، بما فيها البوسنة والهرسك وكوسوفو. [15]إنّ هذا التوجّه المتصلّب في تحديد المصالح الحيوية للأقليّات الإثنيّة في قائمة شاملة لا يترك للأقليّة مجالاً للمناورة من أجل حماية نفسها في حال ظهور مجالات جديدة من المصالح الحيوية بين الفينة والأخرى.

 

تبنّت إيرلندا الشمالية توجّهًا أكثر مرونةً. فبدلاً من تقييد "المصالح الحيوية" في قائمة محدّدة مسبّقًا، تُمنح كلّ مجموعة سكانية حريةَ تحديد "مصالحها الحيوية" ذاتيًّا إلى حدّ كبير. وتقوم "اتفاقية الجمعة العظيمة" بتعريف "قرارات أساسية" معيّنة لمجلس نوّاب إيرلندا الشمالية يتوجّب عليه اتخاذها دائمًا بواسطة الاقتراع الخاصّ بالمجتمعات كافةً، لكن في حالات أخرى قد تثير أقليّة هامة من مجلس النوّاب مطلبًا بشأن قرار معيّن من مجلس النوّاب يقتضي اتخاذه اقتراعًا خاصًّا بالمجتمعات كافة. ومن أجل إثارة الاقتراع الخاص بالمجتمعات كافة، يجب أن يوقّع ما لا يقلّ عن 30 عضوًا في مجلس النوّاب على "التماس اهتمام" يطالب باقتراع خاصّ بالمجتمعات كافة. لكن، عمليًّا، عبّرت بعض الأحزاب في إيرلندا الشّمالية عن عدم رضاها عن توجّه "التماس الاهتمام" في صيغته الحالية[16]، إذ تجعله مرونته الزائدة معرّضًا لسوء الاستخدام من طرف الأحزاب السياسية التي تعارض "اتفاقية الجمعة العظيمة" وترتيبات مشاركة السلطة التابعة لها والتي قد يكون مبغاها النهائيّ، من استخدام حقوق النقض، شلّ سيرورة صنع القرار وزعزعة استقرار نظام مشاركة السلطة بموجب "اتفاقية الجمعة العظيمة".

 

المشاكل المتعلّقة بحالات الجمود و/أو الأزمات السياسية إثر ممارسة حقّ النقض

القضية الرئيسة الثّالثة التي تنشأ بالنسبة إلى آليّة نقض الأقليّة هي التعامل مع حالات الجمود و/أو الأزمات السياسيّة في أعقاب ممارسة حقّ النقض. إذا فشلت آليّة النقض في توفير عملية وساطة لتساعد المجموعات الإثنية المختلفة على الوصول إلى حلول مقبولة بشكل متبادل في أعقاب ممارسة حقّ النقض، فقد يؤدّي هذا الأمر إلى فترة من الجمود السياسيّ من شأنها أن يكون مضرّة بالعلاقات الإثنية. كذلك إذا قام مناهضو نظام المشاركة السياسية، الذين يكون هدفهم الحقيقيّ زعزعة استقرار نظام المشاركة السياسية، بالتّلاعب بحقوق النقض، فقد يؤدّي هذا الأمر إلى أزمة سياسية يُستخدم فيها حقّ النقض كسلاح في "المواجهة" الإثنية التي تنتهي بوجود رابحين وخاسرين بشكل واضح، بدلاً من أن يكون أداة لحماية الأقليّة.

     

تعتبر إيرلندا الشماليّة مثالاً مفيدًا لكيفيّة التلاعب بحقوق النقض بغية زعزعة استقرار نظام مشاركة السلطة. تنصّ "اتفاقية الجمعة العظيمة" على أن يتمّ تعيين الوزير الأوّل ونائب الوزير الأوّل في مجلس نوّاب إيرلندا الشماليّة عن طريق اقتراع خاصّ للمجتمعات كافة في مجلس نوّاب إيرلندا الشمالية. في تشرين الثّاني من العام 2001، حصل تعيين ديفيد ترمبل ومارك دوركان، وهما زعيما أكبر حزبين حينها؛ الحزب الاتحاديّ والحزب الوطنيّ[17] كوزير أوّل ونائب للوزير الأوّل على التوالي، على تأييد أكثر من 70% من أعضاء مجلس النوّاب. على الرّغم من ذلك، تمّ استخدام حقّ النقض في هذين التعيينين لأنّه لم يتمّ الوصول إلى عتبة الدّعم الاتحادي، إذ إنّ الحزب الديمقراطي المناهض لـ"اتفاقيّة الجمعة العظيمة" وعضوين متمرّدين من حزب ديفيد ترمبل؛ حزب ألستر الاتحاديّ المؤيّد لـ"اتفاقيّة الجمعة العظيمة"، صوّتوا ضدّ هذين التعيينين. لقد كانت الأزمة السياسيّة النّاجمة عن ذلك شبه مدمّرة لنظام مشاركة السلطة في إيرلندا الشمالية، إذ إنّ السلطة التنفيذية لم تستطع أداء وظيفتها حتى يتمّ شغْل هذين الموقعين، ودعا الحزب الاتحادي الديمقراطي إلى تعليق عمل مؤسّسات مشاركة السلطة وإعادة فرض الحكم المباشر من قبل الحكومة البريطانية. تمّ تفادي هذه الأزمة بصعوبة بعد إقناع ثلاثة أعضاء من حزب صغير يتخطى الفاصل الإثني بتبديل تعريف أنفسهم من "آخر" إلى "اتحاديّ"، ثمّ أجري اقتراع ثانٍ خاصّ بالمجتمعات كافة للمصادقة على التعيينين من خلال الأكثريات الضرورية. على الرّغم من تجاوز هذه الأزمة غير أن الحلّ كان عينيًا ومُصطنعًا.

 

على غرار إيرلندا الشمالية، لا تتضمن آليّة حقّ النقض المقدونية إجراءات الوساطة الرسمية للمساعدة في كسر الجمود الذي قد يتبع ممارسة حقّ النقض. لكن، تدعو المادة 78 من الدستور المقدوني إلى إقامة لجنة للعلاقات بين المجتمعات تتألّف من سبعة ممثّلين عن المقدونيين الإثنيين، وسبعة ممثّلين عن الألبانيين الإثنيين، وخمسة ممثّلين عن الأقليات الإثنية الأصغر حجمًا. وعلى الرّغم من عدم تفويض هذه اللجنة، بشكل خاصّ، بالعمل كوسيط بين المجموعات الإثنيّة في أعقاب استخدام حقّ النقض للأقليّة، إلا أنّه يمكنها لعب ذلك الدور بموجب تفويضها الواسع الذي يتيح لها تقديم اقتراحات من أجل تعزيز العلاقات بين المجتمعات بصورة معقولة. ويمكن لحقيقة عدم سيطرة أحدى المجموعتين الإثنيّتين الكبيرتين عليها أن توفّر لها المصداقية كوسيط.

 

سيطرح القسم الأخير من هذه المقالة توجّهًا بديلاً لحماية المصالح الحيوية للأقليّات في ترتيبات مشاركة السلطة التي تعتمد، بشكل جزئيّ، لكن على نحو أقلّ، على حقوق النّقض.

 

توجّه بلجيكا البديل

إحدى أهمّ ميزات التوجّه البلجيكي لحماية الحقوق الحيوية لمجموعاتها الإثنية/ اللغوية المختلفة هي أنه تم منح كل مجموعة حكم ذاتي عالي المستوى وغير محدّد جغرافيًا على شؤون مثل التعليم، اللغة والثقافة، الأمر الذي يقلّل من الاعتماد على حقوق النقض كوسيلة لحماية مصالح المجموعة الإثنية الحيوية. أما بالنسبة إلى القرارات التي لا تزال تقتضي حماية حقّ النقض (مثل المجالات الواقعة ضمن صلاحيات الحكومة المركزية، والتي تؤثر على المصالح الحيوية لإحدى المجموعات الإثنية)، فثمة في بلجيكا إجراء "جرس إنذار" فريد من نوعه (سأعرًفه بأنّه "حقّ نقض ليّن") يقلّل إلى أدنى حدّ من إمكانية الإساءة الإجرائية من طرف معارضي مشاركة السلطة، ويشجّع على الوساطة بين المجتمعات المختلفة من أجل حلّ مأزق ما بعد استخدام حقّ النقض، والوصول إلى حلّ مقبول على الأطراف والتقليص إلى الحدّ الأدنى من تأثير حقوق النقض التقليدية (أو "حقوق النقض الصلبة").

 

بلجيكا هي دولة ذات تقاليد عريقة في التوفيق بين الانقسامات العميقة بين مجتمعيها الفلمنكي والفلوني. الفلمنكيون الذين يتكلمون اللغة الهولندية يتركّزون في منطقة الفلاندرز، ويشكّلون نحو 58% من مجموع السكان. أما الفونيون فيتكلّمون اللغة الفرنسية ويتركّزون في منطقة والونيا والعاصمة بروكسيل، ويشكّلون نحو 31% من مجموع السكّان في الدولة. وثمة، أيضًا، مجتمع صغير من الناطقين بالألمانيّة. أُنشئت بلجيكا في العام 1831، وأدّى طمسها اللغةَ الهولندية، في القرن التاسع عشر، إلى إثارة القومية الفلمنكية وترسيخ الهوية اللغوية والثقافية المنفصلة لسكّانها. [18]أدّى التدهور في الاقتصاد الوالوني بعد الحرب العالمية الثانية، والتفاوتات الاجتماعية الاقتصادية بين فلاندرز ووالونيا الناجمة عن ذلك إلى ترسيخ الانقسام اللغوي القائم بين سكّان بلجيكا، كما أدّى إلى الضغط من أجل الحصول على حكم ذاتيّ واسع ومحدّد جغرافيًا لكل منطقة وحكم ذاتي واسع غير محدّد جغرافيًا لكل مجتمع إثتي/لغوي. في العام 1963 تم تقسيم الدولة إلى مناطق لغوية محدّدة. بعض هذه المناطق هي أحادية اللغة بشكل رسميّ (على سبيل المثال، الفلاندرز التي تتكلّم اللغة الهولندية ووالونيا التي تتكلّم اللغة الفرنسية)، ومناطق أخرى ثنائية اللغة بشكل رسميّ (على سبيل المثال، بروكسيل). وتبع ذلك العديد من موجات تعديل الدستور، بما في ذلك الاعتراف الدستوريّ بثلاثة مجتمعات محدّدة داخل بلجيكا في العام 1970، والتقليم (التقسيم إلى أقاليم) في العام 1980 والفدرلة في العام 1993. [19]

 

المكوّن الأوّل لتوجّه بلجيكا البديل لحماية المصالح الحيوية لمجموعاتها الإثنية المختلفة هو منح المجتمعات الإثنية/ اللغوية حكمًا ذاتيًا عالي المستوى وغير محدّد جغرافيًا على بعض من مصالحهم الأكثر حيويةً، خاصة التعليم، اللغة والثقافة. تنصّ المادة 2 من الدستور البلجيكي على أنّ "بلجيكا مكوّنة من ثلاثة مجتمعات: المجتمع الفرنسيّ، المجتمع الفلمنكيّ والمجتمع الناطق باللغة الألمانية". لا تشكّل هذه المادة اعترافًا دُستوريًا فارغًا من المضمون إذ يتمّ منح هذه المجتمعات الميزانيات وهي تتمتّع بمستويات جدّية من الحكم الذاتي غير المحدّد جغرافيًا في الشؤون التي تشمل التعليم، الصحة، سياسة اللغة والثقافة (مثل الفنّ، السياسة تجاه الشبيبة والسياحة). ويعتمد خضوع فرد ما للسلطة القضائيّة الخاصة بمجتمع مُعيّن على انتماء الفرد للمجتمع بصرف النّظر عن مكان إقامته في بلجيكا (مثلاً، يوجد للمجتمع الذي الناطق بالفرنسية صلاحيات تتعلّق بتعليم النّاطقين بالفرنسية ليس في والونيا الناطقة بالفرنسية فحسب، بل في فلاندرز الناطقة بالهولندية، أيضًا). [20]إنّ حقيقة كون كلّ مجتمع يحكم ذاته على نحو واسع بالنسبة إلى بعض من مصالحه الأكثر حيويةً، مثل التّعليم، اللغة والثقافة، تجعل كلّ مجتمع يعتمد، بشكلٍ أقلّ، على حقوق النقض لأنّ كلّ مجتمع حرّ إلى حدٍ بعيد في اتخاذ قراراته الخاصّة به في ما يتعلّق بهذه الشؤون. [21]

 

المكوّن الثاني لتوجه بلجيكا البديل هو منح حقوق "النقض الليّن" للمجتمعات الإثنية/ اللغوية المختلفة بالنسبة لشؤون المصالح الحيوية التي لا تتمتّع بحكم ذاتيّ عليها (مثل المجالات الواقعة ضمن صلاحيات الحكومة المركزية، والتي تؤثّر على المصالح الحيوية لأحد المجتمعات). يعني "النقض الليّن"، في هذه المقالة، حقّ النقض الذي يمكنه أن يعلّق (بدلاً من أن يدمّر) مسوّدة قانون/ إجراء، ويؤدّي إلى عملية وساطة رسميّة معدّة للوصول إلى حلّ مقبول على الأطراف، بينما "النقض الصلب" هو حق النقض الذي يدمّر مباشرة مسوّدة قانون/ إجراء، ويؤدّي إلى حالة من الربح/ الخسارة والذي يفشل في تضمين عملية وساطة رسمية للمساعدة على كسر حالة الجمود/ الأزمة السياسية الناجمة عن ذلك. [22] طوّرت بلجيكا آليّة "نقض ليّن" مميّزة ومحكمة تدعى "إجراء نقض المجموعة"، أو على نحو أدقّ، "إجراء جرس الإنذار".[23] في بعض عمليات الاقتراع يُطلب من بعض النواب في البرلمان الفدرالي أن يكونوا جزءًا من مجموعة لغوية ما. [24]في حال توقيع 75% من أعضاء المجموعة اللغوية على "اقتراح مبرّر" (أي اقتراح مدعّم بأسباب) يدّعي بأنّ مسوّدة قانون معيّن قد تلحق "ضررًا شديدًا" بالعلاقات بين المجتمعات، يتمّ تعليق القانون/ الاقتراح الإشكالي بشكل أوتوماتيكي وتحويل الأمر لمجلس الوزراء الفدرالي. يتكوّن مجلس الوزراء الفدرالي من 15 وزيرًا، وهنالك متطلّبات دستورية تنصّ على وجوب وجود عدد متساو من الوزراء الناطقين بالفرنسية والهولندية (مع استثناء واحد ممكن وهو رئيس الوزراء). [25] ويجب على مجلس الوزراء الفدرالي، الذي يعمل بموجب الإجماع، بدلاً من الأكثرية، أن يقدّم "توصية مبرّرة" (أي توصية مدعّمة بالأسباب) للبرلمان الفدرالي في ما يتعلق بذلك الأمر خلال 30 يومًا. بعدها يقوم البرلمان الفدرالي بمناقشة هذا الأمر في ظلّ توصية مجلس الوزراء ويعبّر عن رأيه/قراره. إنّ الحسنات العملية لـ"النقض الليّن" مقارنةً "بالنقض الصّلب" (مثل حقوق النقض في مقدونيا وإيرلندا الشمالية) هي عديدة. أوّلاً، عتبات حقّ النقض صعبة، نسبيًا (أي دعم 75% من مجموعة لغوية ما والحاجة إلى الإعلان عن أسباب تدعم الادّعاء بأن مسوّدة القانون/الإجراء ستضرّ "بشدّة" بعلاقات المجتمعات بعضها ببعض)، وهي تحدّ من إمكانية إساءة استخدام هذا الإجراء. ثانيًا، يتجنّب تأثير التعليق، بدلاً من التدمير الفوري لمسوّدة قانون/إجراء ما، حالة الربح/ الخسارة الواضحة، ويقلّل من احتمال حدوث أزمة سياسية فورية يمكن أن تسبّب انشقاقًا في العلاقات الإثنيّة وزعزعة استقرار نظام مشاركة السلطة. ثالثًا، تحويل الأمر لطرف ثالث محلّ ثقة (أي، مجلس الوزراء الفدرالي المكوّن من عدد متساو من الوزراء من كلا المجتمعين الرئيسين ويتّخذ قراره بالإجماع بدلاً من الأكثرية)، الأمر الذي يزيد من احتمال توصّل المجموعات الإثنية إلى حلّ مقبول على الأطراف.

 

الخلاصة

تقتضي الترتيبات العملية لمشاركة السلطة في المجتمعات المنقسمة إثنيًا حلولاً حساسة للفروق الإثنية التي تتجنّب حالات الربح/الخسارة بشكل واضح. إنّ حقوق النقض هي أداة قوية، لكنها غير حساسة بالنسبة لحماية المصالح الحيوية للأقليّة. ومن خلال الدمج بين الحكم الذاتيّ غير المحدّد جغرافيًا على المصالح الحيوية وبين "حقوق النقض الليّن" على المصالح الحيوية الأخرى، توفّر بلجيكا لمجتمعاتها الحمايةَ التي تحتاج إليها في الوقت الذي تقلّل فيه، إلى أدنى حدّ، الكثير من المصاعب العملية التي عادةً ما ترافق "حقوق النقض الصلب" التقليدية.         



  [1] شين كيلر هو محامٍ إيرلنديّ، ويعمل في قسم حقوق الإنسان المقارِن في عدالة.

[2] Arend Lijphart, "The Power-Sharing Approach" in Joseph V. Montville (ed), Conflict and Peacemaking in Multiethnic Societies, p 495 (Lexington Books 1990).

ملفات متعلقة: