شهادات مروّعة حول تعذيب الأطفال الفلسطينيين خلال اعتقالهم والتحقيق معهم

'هدد المحققون الأطفال بالضرب، العزل، تعذيب آباءهم واغتصاب أمهاتهم وأخواتهم.' 'رفض فيها المحققون لعشرات الساعات السماح للأطفال بالأكل إن لم يعترفوا بالتهم الموجهة إليهم.'


 

توجه مركز عدالة برسالة عاجلة إلى المستشار القضائي للحكومة يطالبه فيها بوقف التنكيل والتعذيب الجسدي والنفسي الذي يُمارس بحق الأطفال الفلسطينيين أثناء اعتقالهم والتحقيق معهم من قبل أذرع الأمن الإسرائيليّة. كما طالب عدالة بفتح تحقيق جنائي ومحاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم الخطيرة. ويعتمد توجّه عدالة هذا على عشرات الشهادات المروّعة التي أدلى بها الأطفال الفلسطينيّون وسجّلها محامو "الحركة العالميّة للدفاع عن الطفل- فرع فلسطين". وتتم هذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق الأطفال وسط انتهاك فظ لتعاليم القانون الدولي وحتى القانون الإسرائيلي ذاته. هذه الممارسات الخطيرة تشكّل، دون أدنى شك، مخالفات جنائيّة خطيرة مثل الاعتداء، التسبب بأضرار، التهديد، التحرّش الجنسي وغيرها من المخالفات التي ترتكبها السلطات الأمنيّة، بدءًا من الجنود وصولًا للسجّانين ومحققي الشاباك.

 
اقرأوا شهادات الأطفال...

ويظهر من الشهادات التي أدلى بها الأطفال أن معظم حالات الاعتقال بحقّهم تتم في ساعات الليل المتأخرة، بحيث يقتحم بيوتهم عشرات الجنود بعنفٍ ووسط ترهيب للأطفال وعائلاتهم. في كلّ الشهادات المذكورة تحدّث الأطفال عن تقييد أيديهم وأرجلهم، تغطية عينيهم ونقلهم إلى المركبات العسكريّة تكون بعيدة مئات الأمتار عن مكان اعتقالهم. في حالات كثيرة، يصل الجنود إلى غرفة الأطفال داخل بيوتهم، يوقظونهم من النوم ويقيّدون يديهم وأقدامهم وهم لا زالوا في فراش النوم.

 

في واحدة من الشهادات، يتحدّث الطفل عن أنه استيقظ على ركلات الجنود الوحشيّة وهو نائم في سريره. بعد أن أيقظوه قيّدوا يديه ورجليه لمدة تزيد عن نصف يوم، رغم أن اصبع الطفل كانت مقطوعة حتى وسطها، الأمر الذي أدى إلى إصابتها بتلوث خطير اضطر الأطباء لبتر أصبع الطفل كاملةً. وفي حالات كثيرة، حين يحاول أهل الطفل التحدث إلى الجنود وتلقي معلومات عن اعتقال ابنهم، يقوم الجنود بالاعتداءات على أبناء العائلة بالضرب والشتائم. في معظم الأحيان يتم اعتقال الطفل دون أن يعرف هو أو أهله لماذا يتم اعتقاله، ومن دون أي امكانيّة لمرافقة الطفل من قبل أحد ذويه، أو اعلامهم الى اين سيتم نقله. كذلك يظهر من الشهادات أنه وخلال نقل الطفل إلى معسكر التحقيق، يستخدم الجنود عنفًا جسديًا وكلاميًا قاسيًا ونابيًا للغاية، بما في ذلك الضرب، إطاحة رأس الطفل بالجدران، تهديدات بالعنف وتهديدات بالاعتداء الجنسي والاغتصاب.

 

كذلك أفاد أحد الأطفال أنه بعد أن ضربه الجنود بوحشيّة، تم عزل جميع أفراد العائلة في غرفة واحدة وإدخاله هو إلى صالة البيت. بعد أن حققوا معه، أحضر الجنود أربع أطفال آخرين وأدخلوهم إلى البيت، وبدأوا يضربون الطفل أمام أصدقاءه الأربعة. خلال التعذيب والضرب، "اعترف" الطفل بإلقاء الحجارة "واعترف" أن أصدقاءه أيضًا شاركوا بإلقاء الحجارة معه. لاحقًا، في معسكر التحقيق، تراجع الطفل عن أقواله، وقال أنه اعترف بذلك من أجل أن لا يستمروا بضربه وتعذيبه.

 

كما يستخدم المحققون خلال التحقيق مع الأطفال وسائل تحقيق محظورة بموجب القانون. على سبيل المثال لا الحصر، أجمع كل الأطفال في الشهادات على أن التحقيق معهم استمر لساعات طويلة، وأنه تم أثناءه تقييدهم بوضعية "الشبح" بحيث تُربط يداهم وأقدامهم بكرسيّ منخفض. كذلك، هدد المحققون الأطفال بالضرب، العزل، تعذيب آباءهم واغتصاب أمهاتهم وأخواتهم. معظم الأولاد قالوا في شهاداتهم أنهم تعرّضوا للتفتيش العاري في الكثير من مراحل التحقيق، وفي الحالات التي رفض فيها الأطفال التفتيش العاري، تعرضوا لاعتداء عنيف من قبل السجّانين.

 

يُضاف إلى هذا كلّه أن التحقيق مع الأطفال يتم من دون مرافقة أي محام أو أي من ذويهم. عندما طلب الأطفال من المحققين تلقي استشارة قضائيّة من محام، رفض المحققون بحجة أن لقاء المحامي "ممنوع". مما يظهر في غالب الشهادات، تستمر التحقيقات لساعات طويلة، يُمنع خلالها الأطفال من دخول المرحاض ويحرمون من تناول الطعام والشراب بشكل كاف. بين الشهادات نجد حالات رفض فيها المحققون لعشرات الساعات السماح للأطفال بالأكل إن لم يعترفوا بالتهم الموجهة إليهم.

 

في جميع الشهادات التي أدلى بها الأطفال، يظهر أنهم كانوا محتجزين بالحبس الانفرادي معزولين عن العالم الخارجي حيث استمر ذلك لأيام وأسابيع طويلة. قال أحد الأطفال في شهادته أنه بقي في العزل الانفرادي مدة 28 يومًا متواصلة. كذلك وصف كل القاصرين الزنازين بأن ظروفها مزرية للغاية. معظم الأطفال وصفوا الزنازين على أنها صغيرة جدًا ومن دون نوافذ، فيها فرشة صغيرة ومرحاض، تفوح منها رائحة كريهة جدًا ومقرفة. جدران الزنازين، بحسب إفادات الأطفال، خشنة ومدببة ولا يمكن الاتكاء عليها، يُذكر كذلك أن الزنزانة مضاءة بضوء أصفر يؤلم العينين على مدار الساعة، وهو ما يحول دون نوم الأطفال وفقدان حاسة الوقت.

 

هذا وقد جاء في الرسالة التي أرسلها المحاميان فادي خوري ونديم شحادة من مركز عدالة أن الممارسات التي يستخدمها الأمن الإسرائيلي، كما يظهر من الشهادات، هي ممارسات مرفوض وتتناقض كليًا مع القانون الدولي والقانون الإسرائيلي الدستوري والإداري. حيث تلزم الوثيقة العالميّة لحقوق الطفل إعلام الطفل وذويهم فورًا عن التهم الموجهة إلى الطفل وضمان تمثيل قانوني ملائم للطفل منذ لحظة الاعتقال الأولى. الوثيقة الدولية لحقوق الطفل تلزم إسرائيل أيضًا بالامتناع عن ابتزاز الأطفال من أجل نزع اعترافات بالإكراه، عن طريق الضغط الجسدي والنفسي. كذلك، فإن الوثيقة تمنع تعرّض الأطفال لأي من أنواع التنكيل، التعذيب، الإذلال والمعاملة غير الإنسانيّة.

 

وأضاف المحاميان في الرسالة أن " الممارسات التي تظهر من الشهادات تتخلل مسًا خطيرًا بالحقوق الأساسيّة التي يضمنها القانون الإسرائيلي كما القانون الدولي، ومنها الحق في الكرامة، الحق بسلامة الجسد، الحق بالحريّة والحق بالخصوصيّة. هذه الحقوق تلزم جميع السلطات في إسرائيل بدءًا من الجيش وحتى سلطات التحقيق."