الدفاع عضو الكنيست عزمي بشارة

م.ع. 03/11225 عزمي بشارة ضد المستشار القضائي للحكومة

في السابع من تشرين الثاني 2001، صوّت الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) على نزع الحصانة البرلمانية عن النائب عزمي بشارة، رئيس حزب التجمع الوطني الديموقراطي آنذاك. وجاءت هذه الخطوة بناءً على طلب المستشار القضائي للحكومة، إلياكيم روبينشطاين، بغية تقديم لوائح إتهام ضد د. بشارة، على خلفية إلقائه خطابين سياسيين، وتنظيم زيارات إنسانية لمواطنين عرب في البلاد لزيارة أقاربهم في سوريا الذين افترقوا عنهم منذ عام 1948.

 

يجدر بالذكر، أنها المرة الأولى التي يتم فيها نزع الحصانة البرلمانية وتقديم لائحة إتهام ضد عضو كنيست بسبب خطابات وتصريحات سياسية. وندد العديد من خبراء القانون في إسرائيل والخارج بهذه الخطوة ووصفوها بخطوة غير قانونية. بالإضافة، أقر إتحاد البرلمانيين العالمي في تشرين الثاني 2002، عدم قانونية رفع الحصانة عن النائب بشارة وتقديم لائحة الإتهام، وأضاف أن هذه الخطوة تشير إلى الدوافع السياسية من ورائها.

 

تعود بنود لائحة الإتهام الأولى ضد النائب بشارة إلى خطابين ألقاهما النائب بشارة في إجتماع جماهيري في مدينة أم الفحم في الخامس من حزيران عام 2000، وفي إجتماع تذكاري في سوريا في العاشر من حزيران عام 2001، وتحدث فيهما عن حق الشعب الفلسطيني وأهالي جنوب لبنان في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي. وبسبب هذه التصريحات أتهم النائب بشارة "بدعم منظمة إرهابية"، وبالتحديد منظمة حزب الله، بموجب البنود 4(ا) و 4(ب) و 4(ج) من قانون منع الإرهاب (1948).

 

أما لائحة الإتهام الثانية ضد الدكتور بشارة ومساعديه البرلمانيين، السيد موسى دياب والسيد أشرف قرطام، توجه تهمة مساعدة أشخاص في مغادرة البلاد بشكل غير قانوني، بموجب المادة 18(د) و(أ)، والمادة 5 من أنظمة الطوارئ (السفر إلى الخارج) من عام 1948 التي تم تعديلها في العام 1961.

 

قام مركز عدالة بتمثيل النائب بشارة ومساعديه في القضايا الجنائية ضدهم. وادعى المركز خلال مرحلة الإدعاءات الأولية في قضية تنظيم الزيارات لسوريا أن على المحكمة إبطال لائحة الإتهام ضد بشارة لأنه ووفقاً للمادة 17(ج) من أنظمة الطوارئ (الخروج من البلاد)، لا تسري هذه الأنظمة على من بحيازته جواز سفر دبلوماسي أو جواز سفر خاص بنواب الكنيست، كما في حالة النائب بشارة. كما ادعى المركز أن أنظمة الطوارئ هذه هي أنظمة غامضة وغير واضحة، فعلى سبيل المثال مازالت تشمل في قائمة "الدول المحظورة" دول مثل مصر والأردن، وأن هذا الأمر يناقض المبادئ الدستورية الأساسية للقانون الجنائي، والتي تلزم المشرع تشريع قوانين جنائية، واضحة وخالية من أي تشكيك. كذلك شدد عدالة على  أن الدافع من وراء تنظيم هذه الزيارات هو إنساني من الدرجة الأولى، يهدف إلى مساعدة عشرات المواطنين العرب في إسرائيل إلى ملاقاة أخوتهم وأحبائهم في سوريا والذين لم يلتقوا بهم منذ أكثر من 50 عاماً.

 

في نيسان 2003، قبلت محكمة الصلح في الناصرة، بشكل جزئي، الإدعاءات الأولية التي قدمها مركز عدالة بإسم د. بشارة ومساعديه البرلمانيين في قضية الزيارات إلى سوريا، وأبطلت لائحة الإتهام ضد النائب بشارة إعتماداً على ادعاء عدالة أن أنظمة الطوارئ هذه لا تسري على من يحمل جواز سفر خاص بأعضاء الكنيست. ورفضت المحكمة ادعاء عدالة بأن هذه الأنظمة غامضة ومناقضة للمبادئ الدستورية، معللة ذلك بأن كل مواطن يعلم أن عليه الحصول على إذن مسبق للسفر لسوريا. أما بالنسبة لإدعاء عدالة بأن هدف هذه الزيارات كان إنسانيًا من الدرجة الأولى، فقد إعترفت المحكمة بهذا الهدف إلا أنها رفضت إبطال لوائح الإتهام استنادًا على هذا الإدعاء، وجاء في قرارها بهذا الصدد أن المحكمة مخولة بإلغاء لائحة إتهام فقط في حالة وقوع إجحاف من الدولة ضد المواطن. وهكذا أبقت المحكمة بلوائح الإتهام ضد المساعدين البرلمانيين لبشارة.

 

قررت محكمة الصلح في كانون الأوّل 2005 عدم إدانة المساعدين البرلمانيين سابقًا، موسى دياب وأشرف قرطام، والاكتفاء بأعمال تطوعية لصالح الجمهور.

 

وقد أشارت المحكمة في معرض قرارها أن من بين الأمور التي تشهد لصالح المتهمين أن الأعمال التي نسبت إليهما هدفت لإحقاق حق أنساني من الدرجة الأولى ألا وهو إتاحة الفرصة أمام أشخاص كبار في السن للقاء أقربائهم المقيمين في سوريا منذ العام 1948.

 

أما بالنسبة لقضية الخطابات السياسية، فقد إدعى مركز عدالة بإسم د. بشارة بمرحلة الإدعاءات الأولية، أربعة إدعاءات مركزية طالب من خلالها إبطال لائحة الإتهام ضده. ومن بين هذه الإدعاءات كان أن الحصانة البرلمانية تسري على خطابات النائب بشارة، وخطاباته السياسية تندرج ضمن حرية التعبير السياسي وهي جزء من عمله كعضو برلمان وواجبه تجاه جمهور المنتخبين. كما أنّ د. بشارة ألقى خطابات مماثلة لخطابي أم الفحم وسوريا في البرلمان الإسرائيلي قبل إلقائها من على هذه المنابر. وأشار الدفاع إلى الدوافع السياسية وغير القانونية للمستشار القضائي للحكومة من وراء تقديم لائحة الإتهام ضد د. بشارة، حيث أن المستشار القضائي للحكومة كان قد عقد إجتماعات تشاورية مع مكتب رئيس الحكومة وجهاز الأمن العام الـ "شاباك" قبل تقديم لائحة الإتهام. كما أضاف الدفاع أن لائحة الإتهام لا تكشف عن وجود أية مخالفة ارتكبها د. بشارة، وإنما تستند على تفسير الخطابات.

 

في تشرين الثاني 2003، رفضت هيئة محكمة الصلح، المكونة من ثلاثة قضاة: رئيس محكمة الصلح، القاضي توفيق كتيلي، والقاضيين جورج أزولاي ويوسف بن حامو، إبطال لائحة الإتهام التي وجهت ضد النائب بشارة، وقررت متابعة الإجراء القضائي ضده، مؤجلة بهذا التطرق إلى الإدعاءات الأولية إلى مرحلة متقدمة في الإجراء القضائي.

 

قدم عدالة التماسًا للمحكمة العليا باسم د. بشارة، وادعى، فيما ادعى، أنّه لا يمكن محاكمة د. بشارة لأنّ حصانته البرلمانيّة تسري على هذه الخطابات أيضًا. وجاء في رأي الأغلبية (القاضيان براك وريفلين) بأنه على الرغم من صعوبة الخطابات التي ألقاها د. بشارة، والتي "يمكن قراءتها على أنّها دعمًا لتنظيم "إرهابي"، إلا أنها لا تشكل دعمًا لكفاح مسلح لتنظيم إرهابي"، وهي المسألة الحاسمة في قضية سريان الحصانة البرلمانية على خطابات من هذا النوع. وأضاف قضاة الأغلبيّة أنّه يجب توخي الحذر الشديد عند محاولة تقييد حرية التعبير، لا سيّما أنّه في هذه الحالة التعبير هو لنائب منتخب. وجاء أيضًا أنّ جناية دعم تنظيم إرهابي معرفة بشكل واسع وفضفاض في القانون الإسرائيلي، الأمر الذي يجب أخذه بعين الاعتبار عند نقاش سريان الحصانة البرلمانية لنائب تشكل خطاباته سببا لتقديم لائحة اتهام ضده بتهمة دعم تنظيم إرهابي.

 

أما القاضية حايوت فاعتبرت في رأي الأقليّة أنّ د. بشارة تجاوز الخطوط الحمراء التي تحيط بالعمل الشرعي لنائب في الكنيست، وبالتالي لا يمكن إدراج هذه الخطابات ضمن الحصانة البرلمانية.

 

م.ع. 03/11225 عزمي بشارة ضد المستشار القضائي للحكومة