مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية تؤيد عمل بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة والتوصيات التي خرجت بها، وتدعو إلى إنفاذ ملاحقة قضائية ناجعة وحماية حقوق الضحايا


المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل (عدالة) * مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان * مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان * الحق – القانون من أجل الإنسان * مركز الميزان لحقوق الإنسان * المؤسسة العربية لحقوق الإنسان * الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين * شبكة حقوق الإنسان (إنسان) * الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس * مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان* مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان * مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي * المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان

 

بيان للصحافة
17.9.2009

 

 

 

إننا نرحّب، بصفتنا مؤسسات فلسطينية عاملة في مجال حقوق الإنسان، بتقرير بعثة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة المتعلق بالهجوم على قطاع غزة ، والذي صدر  يوم 15 أيلول/سبتمبر 2009. كما نشدد على أهمية التوصيات التي خرج بها التقرير من أجل تحقيق العدالة للضحايا الذين سقطوا خلال العملية العسكرية التي شنّتها إسرائيل على غزة، والتي عُرفت بعملية الرصاص المسبوك. وقد شكّل رئيس مجلس حقوق الإنسان بعثة تقصي الحقائق بناءً على القرار رقم (S-9/1 ) الصادر عن المجلس في وقت سابق. وشرعت البعثة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون (Richard Goldstone ) في إجراء تحقيق شامل تناول الانتهاكات الواقعة على القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتي "أقدمت عليها إسرائيل والجماعات المسلحة الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.

 

إننا نُثني على نطاق التحقيق الذي أجرته بعثة تقصي الحقائق وعلى التحليل القانوني المفصّل الذي اتّسم به، خصوصاً مع إدراكنا رفضَ إسرائيل التعاون معها. وقد أكّدت بعثة تقصي الحقائق على النتائج والتقارير التي أصدرها عدد من مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية والدولية، كما دحضت المزاعم الإسرائيلية التي ادعت بأن العمليات العسكرية والتدابير السياسية التي أقدمت عليها إسرائيل كانت متماشية مع أحكام القانون الدولي وقواعده. فقد أكدت التحقيقات التي أجرتها البعثة على أن إسرائيل تتحمّل المسؤولية عن اقتراف انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف وعن حالات الخرق الخطيرة والصارخة التي أقدمت عليها بحق القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وبالإضافة إلى ذلك، وقفت بعثة تقصي الحقائق على ما يكفي من الأدلة التي تشير إلى اقتراف جرائم ضد الإنسانية. وبذلك، تستدعي جميع الادعاءات، بما فيها تلك المتعلقة بالقوات الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية المسلحة ، إنفاذ ملاحقات قضائية ناجعة. كما يتحتّم احترام حقوق الضحايا.

 

لقد أشارت بعثة تقصي الحقائق، على وجه التحديد، إلى أنه "في الوقت الذي سعت فيه الحكومة الإسرائيلية إلى تبرير العمليات التي نفّذتها على أنها جاءت في أساسها للرد على الصورايخ التي كانت الجماعات الفلسطينية المسلحة تطلقها باتجاه أراضيها في إطار ممارسة حقها في الدفاع عن نفسها، فإن البعثة تعتبر أن الخطة الإسرائيلية استهدفت، ولو في جانب منها على الأقل، سكان قطاع غزة بمجملهم".

 

لا يمكن أن تُترك هذه النتائج التي خلُصت إليها بعثة تقصي الحقائق الدولية دون تنفيذ الملاحقة القضائية المطلوبة. لذلك، تتوافق مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية مع التوصيات التي خرج بها تقرير البعثة، والتي تشدد على ضرورة إنفاذ المساءلة القانونية، سواء كان ذلك من خلال مجلس الأمن، أو بما يتماشى مع أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، أو بإحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية أو بإلزام الدول بالوفاء بالتزاماتها المتمثلة بملاحقة المسؤولين عن اقتراف الجرائم التي يشير إليها التقرير وإخضاعهم للمساءلة بموجب الولاية القضائية الدولية. كما إننا نؤيد توصية البعثة بإنشاء آلية دولية لتعويض المدنيين الفلسطينيين عن الأضرار أو الخسائر التي تكبّدوها خلال العملية العسكرية التي شنّتها إسرائيل على غزة. ومع ذلك، فنحن نشدّد على وجوب قيام إسرائيل بجبر الضرر الذي وقع على هؤلاء المدنيين بما يتوافق مع الالتزامات القانونية الدولية الواقعة عليها. فقد دأَب المجتمع الدولي على إعفاء إسرائيل من التبعات الاقتصادية المترتبة على احتلالها للأراضي الفلسطينية على مدى ردح طويل من الزمن.

 

إننا، بصفتنا مؤسسات فلسطينية نعمل في ميدان حقوق الإنسان، نشدّد على الأدوار والمسؤوليات الملقاة على كاهل المجتمع الدولي، حيث يجب أن تحتل سيادة القانون الأولوية القصوى في العلاقات الدولية. وعلى الدول أن تعيد تقييم علاقاتها مع إسرائيل. فلا يمكن بحال من الأحوال أن تأخذ هذه العلاقات مساراً طبيعياً مع الدول التي أقدمت، ولا تزال تُقْدم، على انتهاك أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وقواعدهما، بما في ذلك اقتراف جرائم الحرب الجرائم ضد الإنسانية. ومن جانب آخر، يجب على إسرائيل أن ترفع الحصار الذي تفرضه على قطاع غزة بصورة غير قانونية بشكل نهائي، كما يجب إجبارها على السماح بالشروع في إعادة إعمار ما خلّفه عدوانها من دمار في القطاع. وفضلاً عن ذلك، يتوجب احترام الحق المشروع للفلسطينيين في العيش بكرامة و"تقرير نظامهم السياسي والاقتصادي"، على نحو ما جاء به التقرير.

 

إن الواقع الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد للأراضي الفلسطينية يبرُز جلياً من خلال الأحداث التي أفرزتها عملية الرصاص المسبوك. فقد اتّسم الاحتلال الإسرائيلي بإصراره على انتهاك أحكام القانون بصورة منهجية، حيث دأبت سلطات الاحتلال على خرق وتجاهل حقوق الفلسطينيين المشروعة، بما فيها حقهم المشروع في تقرير المصير. وحتى هذا اليوم، لا نزال نرى المجتمع الدولي صامتاً إزاء اقتراف هذه الجرائم، وهو ما منح إسرائيل الحصانة التي مكّنتها من التصرف على أنها دولة فوق القانون. إن التبعات المترتبة على هذه الحصانة واضحة وجلية للعيان، ولا يمكن السماح لهذا الوضع بالاستمرار.

 

إن كان لمبدأ سيادة القانون أن يكتسي الأهمية التي يقتضيها، فيجب الالتزام به والمحافظة عليه. وطالما بقي الأفراد والدول يتصرفون تحت غطاء الحصانة، فهم سيواصلون انتهاك أحكام القانون الدولي، وسوف تستمر معاناة المدنيين من التبعات القاسية التي تستتبع تلك الانتهاكات. وفي هذا السياق، يتعين على جميع الدول وعلى هيئة الأمم المتحدة أن تفي بالتزاماتها القانونية وبواجباتها الأخلاقية لوقاية الأجيال المتعاقبة من ويلات الحروب وتهيئة الظروف التي تعزز العدالة واحترام القانون الدولي بأحكامه وقواعده.

 


مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية تؤيد عمل بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة والتوصيات التي خرجت بها، وتدعو إلى إنفاذ ملاحقة قضائية ناجعة وحماية حقوق الضحايا