في أعقاب توجه "عدالة" والميزان والحق الشرطة العسكرية الإسرائيلية تفتح تحقيقًا في مقتل وجرح مدنيين فلسطينيين يرفعون الرايات البيضاء خلال عملية "الرصاص المصبوب"

بيان للصحافة
3.9.2009

 

 

 

السلطات الإسرائيلية تفتح تحقيقًا في قضية عبد ربه

 

في أعقاب توجه مركز "عدالة" ومؤسستا الحق والميزان افتتحت الشرطة العسكريّة تحقيقًا في قضيّة عائلة عبد ربه، فقامت في الثاني من أيلول 2009 بمقابلة السيد خالد عبد ربه ووالدته السيدة سعاد عبد ربه، في معبر بيت حانون (إيرز)، للإدلاء بشهادتهما. حدثت الحادثة، موضوع التحقيق، خلال الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزّة في الشتاء الفائت، حيث أطلق فيها الجنود الإسرائيليين نيران أسلحتهم من مسافة قريبة على مجموعة من عائلة عبد ربه، ما تسبب في قتل ابنتي خالد وجرح ابنته الثالثة بجروح بالغة. وقد أصيبت والدة خالد، السيدة سعاد عبد ربه، بجروح في ذلك الحادث. كما هدمت قوات الجيش الإسرائيلي منزل العائلة، بالإضافة إلى تدمير أكثر من مائتي منزل في منطقة عزبة عبد ربه حيث وقع الهجوم. وكان مركز "عدالة" ومؤسسة الحق ومركز الميزان قد تقدموا بشكوى إلى النائب العام العسكري الإسرائيلي في أوائل شهر حزيران 2009، حيث طالبت المؤسسات بفتح تحقيق في الحادث. وتناولت الشكوى قتل السيد أدهم خميس نصير، البالغ 37 عامًا، بينما كان يحاول المساعدة في إخلاء السيدة سعاد عبد ربه.

 

الحقائق المتعلقة بالقضية

 

وفقاً للتحقيقات التي أجرتها مؤسسات مركز الميزان والحق وعدالة في هذا الحادث، فقد أمر الجنود الإسرائيليين - بتاريخ 7/1/2009 –المشاركين في العمليات العسكرية في منطقة عزبة عبد ربه، سكان المنطقة الواقعة شرق بلدة جباليا شمال قطاع غزة، بإخلاء منازلهم وذلك عبر مكبرات الصوت. وعلى إثر ذلك غادر خالد عبد ربه، الذي يسكن مع عائلته الممتدة في هذه المنطقة، منزله المكون من أربعة طوابق برفقة والدته وزوجته وبناته الثلاث، وكانوا يحملون الرايات البيضاء. ووقفت العائلة أمام باب منزلها لمدة استمرت حوالي عشر دقائق، حيث كانت هناك دبابتين إسرائيليتين تتمركزان قرب المنزل من جهة الغرب، وكانت إحدى الدبابتين تبعد مسافة حوالي 15 مترًا عن المكان الذي وقفت فيه العائلة. وكان هناك جنديان إسرائيليان يجلسان فوق إحدى الدبابتين يتناولان وجبات خفيفة. ثم ظهر جندي ثالث من فتحة الدبابة وأطلق النار بشكل مباشر باتجاه العائلة. واستمر إطلاق النار لمدة دقيقة تقريبًا. وقد ظن خالد عبد ربه للوهلة الأولى بأن الجندي الإسرائيلي كان يطلق النار باتجاه الأرض لغرض التحذير. غير أنه شاهد أمه، السيدة سعاد، وبناته أمل (عامين ونصف)، وسعاد (أربعة أعوام)، وسمر( تسعة أعوام) وقد أصبن بجروح. وقد تمكنت العائلة من سحب البنات إلى داخل المنزل، بينما ركضت السيدة سعاد إلى المنزل وسقطت على الأرض داخل مدخل المنزل.

 

وقد سمع أحد جيران العائلة، وهو السيد سميح الشيخ الذي يعمل كسائق لسيارة إسعاف، صوت إطلاق النار وصرخات العائلة، فاستقل سيارة الإسعاف التي كانت تربض في كراج منزله وتوجه بها مع ابنه إلى منزل عائلة عبد ربه. غير أن الجنود في الدبابة الثانية أمروه بالتوقف ومنعوا مرور سيارة الإسعاف، وأمروا الرجلين بالسير باتجاه الغرب ومغادرة المنطقة.

 

وبقيت بنات خالد الثلاث وأمه في المنزل ينزفن لمدة ساعتين تقريبًا، حيث نزفت اثنتين من البنات حتى الموت في هذه الأثناء. وبعد حوالي ساعتين من إطلاق النار حمل السيد محمد منيب، وهو والد خالد إحدى البنات وغادر المنزل، حيث أبلغه جنود الاحتلال بأنه يسمح له ولعائلته بمغادرة الحي مشياً على الأقدام. وبمساعدة الجيران، تمكن رجال العائلة من حمل البنات بين أيديهم، بينما حملوا جدتهن على سرير وساروا خارجين من منطقة عزبة عبد ربه. وقد ساروا لمسافة تقارب الكيلومترين قبل أن تقلهم سيارة إسعاف وسيارات مدنية كانت تمر في المنطقة إلى المستشفى.

 

وكانت مجموعة من النساء من العائلة والحي قد سرن أمام الرجال، ورأين عربة يجرها حصان يركب عليها السيد زكريا سليمان نصير (57 عاماً)، وابنه موسى (18 عاماً)، وقريب لهم هو السيد أدهم خميس محمد نصير (37 عاماً). وقد توجه نصير إلى مدخل الشارع الرئيسي لمنطقة عزبة عبد ربه متجهًا نحو المصابين، وعندما اقترب منهم أطلق جنود إسرائيليين كانوا متمركزين في مركز الطوارئ التابع لجمعية الهلال الأحمر، والذي يقع عند مدخل الحي، النار على العربة فأصابوا السيد أدهم نصير في الرقبة. وبالرغم من أن الشهود المتواجدين في مكان إطلاق النار على أدهم نصير اتصلوا بالإسعاف، غير أن سيارة الإسعاف لم تتمكن من الوصول إليه حيث تعرض المسعفون لإطلاق النار عليهم في كل مرة حاولوا فيها الوصول إليه. ووصل أدهم إلى المستشفى لاحقاً، ونظرًا لخطورة جروحه تم نقله إلى مستشفى خارج قطاع غزة حيث توفي متأثرًا بجراحه.

 

 في اليوم الأول لوقف إطلاق النار بعد انتهاء عملية الرصاص المصبوب بتاريخ 18/1/2009 عاد الناجون من العائلة إلى منزلهم ليجدوا المنزل مدمرًا بشكل كامل. وتظهر الأدلة في موقع الحادث أن البيت قد دمر باستخدام المتفجرات. كما دمرت 178 منزلاً آخرًا بشكل كامل و 129 منزلاً بشكل جزئي في منطقة عزبة عبد ربه أثناء هذه العملية، ووقع معظم هذا التدمير بعد تاريخ 7/1/2009، أي بعد أن وقعت المنطقة بأكلمها تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي الكاملة.

 

وقد نقلت ابنة خالد الناجية – سمر - إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة، ومن ثم تم تحويلها إلى مستشفى  في بلجيكا نظرًا لخطورة إصابتها، حيث لا تزال هناك مع والدتها وأخويها، وتعاني من شلل في الأطراف السفلية من الجسم. وبعد ثمانية أشهر من إصابتها لم يتمكن والدها من زيارتها لعدم قدرته على الحصول على تأشيرة دخول بلجيكا.

 

يجب التحقيق في كل حالات استهداف المدنيين

 

تتوقع المؤسسات الثلاث أنّ الشرطة العسكرية ستستدعي الناجين وشهود العيان الآخرين للإدلاء بإفاداتهم. وتشدد المؤسسات الثلاث على ضرورة إجراء تحقيق شامل وعميق وموضوعي في كافة الحالات التي يشتبه بارتكاب جرائم حرب فيها.

 

تتحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تصرفات جيشها، وتقع عليها واجبات واضحة في التحقيق في كافة انتهاكات القانون الدولي التي نفذها جيشها، وكذلك محاسبة من ارتكبوا هذه الانتهاكات ضد المدنيين وممتلكاتهم.

 

تؤكد المؤسسات الثلاث على أن التحقيقات يجب أن تراعي المعايير الدولية ذات الصلة، حيث يجب أن تكون فورية ودقيقة ومستقلة ونزيهة، وأن يتم تنفيذها وفقًا للمعايير الدولية ذات الصلة. ويواصل كل من مركز الميزان والحق بالتحقيق في 25 من حلة من استهداف المدنيين وتدمير ممتلكاتهم، وستطالب المؤسستان بالتعاون مع "عدالة" بإجراء تحقيقات في كل من هذه القضايا. وفي حال فشل إسرائيل في إجراء تحقيق في هذا الإدعاءات بطريقة صائبة أو كافية، فإن المنظمات الثلاث تؤكد على حق الضحايا في السعي نحو تحقيق العدالة باستخدام آليات أخرى دولية يؤمنها القانون الدولي من أجل ضمان إنصاف الضحايا ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم.  

 

وتدعو المؤسسات الثلاث الحكومة البلجيكية إلى تقديم كل مساعدة ممكنة للسيد خالد عبد ربه ليتمكن من زيارة ابنته سمر، والتي من المتوقع أن تخضع للعلاج في بلجيكا لمدة ثلاثة أشهر أخرى على الأقل.
 


في أعقاب توجه "عدالة" والميزان والحق الشرطة العسكرية الإسرائيلية تفتح تحقيقًا في مقتل وجرح مدنيين فلسطينيين يرفعون الرايات البيضاء خلال عملية "الرصاص المصبوب"