عدالة للمستشار القضائي للحكومة: هدم البيوت في أم الحيران غير قانوني ويمس في سلطة القانون وفي مكانة المحكمة

بيان للصحافة
10.7.2007

 

عدالة للمستشار القضائي للحكومة: هدم البيوت في أم الحيران غير قانوني ويمس في سلطة القانون وفي مكانة المحكمة

 

توجّه مركز عدالة في الأسبوع الفائت للمستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، ولمدير دائرة أراضي إسرائيل، يعكوف إفراتي، وطالبهما بفتح تحقيق فوري بموضوع هدم قسم من المباني في قرية أم الحيران – عتير غير المعترف بها في النقب، ومحاكمة جميع المسؤولين عن هدم البيوت غير القانوني الذي حدث في 25.6.2007 في محكمة طاعة.

 

من مجمل البيوت التي هُدمت، والتي يفوق عددها الـ 20 بيتًا، هٌدمت 9 مباني تنتمي إلى عائلة أبو القيعان، التي كانت دائرة أراضي إسرائيل قدّمت دعوى ضدّ الساكنين بها في محكمة الصلح في بئر السبع, وذلك لإخلاء المباني والأرض التي تقع عليها.

 

وكانت هذه الدعوى واحدة من بين عشرات الدعاوي التي قُدمت ضد جميع سكّان القرية (حوالي الـ 1000 نسمة). وأصدرت محكمة الصلح في آب 2004 قرار حكم غيابي، قّدم في أعقابه أفراد عائلة أبو القيعان طلبًا لإصدار أمر لإبطال قرار الحكم، وعدم تنفيذ الإجراءات حتى الانتهاء من النظر في هذا الطلب. وبالفعل أصدرت محكمة الصلح أمرًا بعدم تنفيذ قرار الحكم، ولكنّها لم تُصدر قرارها في الطلب الأساس حتى اليوم (أي إبطال قرار الحكم أصلاً).

 

بالرغم من قرار المحكمة بعدم تنفيذ القرار، فتحت دائرة أراضي إسرائيل ملف في دائرة الإجراءات من أجل تنفيذ قرار الحكم. وعندما علمت العائلة بالأمر، خلال شهر كانون الثاني 2006، توجهّت العائلة الى محامي دائرة أراضي من أجل ايقاف هذه الإجراءات، بدوره اوصى محامي دائرة أراضي إسرائيل المسؤولين بإيقاف اجراءات التنفيذ.

 

على الرغم من ذلك، وعندما كان عمّال دائرة الإجراء يستعدون لهدم البيوت في يوم 25.6.2007، سلمت العائلة العمّال قرار المحكمة الذي يقضي بعدم تنفيذ الإجراءات وطلبت من العمال، عبثًا، أن لا يهدموا المباني. وكان رد المسؤول هناك أنّ أمر المحكمة قديم جدًا ولن يساعدهم بشيء. بعد ذلك توجّه عدالة برسالة خطيّة مستعجلة إلى دائرة أراضي إسرائيل وإلى الدائرة القانونيّة هناك، مشيرًا إلى أمر المحكمة ومطالبًا بعدم تنفيذ عمليّات الهدم، ولكنّ عدالة لم يتلق أي رد خطي حتى اليوم، وهُدمت المباني.

 

وجاء في رسالة عدالة للمستشار القضائي للحكومة: "بالرغم من قرار المحكمة بتأخير تنفيذ قرار الحكم وبالرغم من الأمر الذي يقضي بتأخير إجراءات دائرة الإجراء وبالرغم من مكاتباتنا في الموضوع وبالرغم من قرار المحكمة الذي عرضته العائلة على منفذي الهدم، قرر أحدهم أنّه سيضع نفسه في مكانة أعلى من السلطة التشريعيّة وأعلى من السلطة القضائيّة وأن يهدم البيوت".

 

كذلك ادعت المحاميّة بشارة أنّ هدم البيوت سلب من أصحابها حقهم الدستوري في الدفاع عن أنفسهم أمام الدعاوي التي قُدمّت ضدهم وسلب منهم حقهم في المثول أمام الحكمة ولم تعد أمامهم أيّة إمكانيّة قانونيّة للدفاع عن أنفسهم والحفاظ على بيوتهم. "إنّ هدم البيوت يمس في سلطة القانون وفي مكانة المحكمة؛ هذا المس خطير للغاية لأنّه يأتي من طرف سلطة إداريّة مثل دائرة أراضي إسرائيل"، جاء في الرسالة.

 

خلقية

 

لا تعترف إسرائيل بالقرى القائمة على امتداد الطرق السريعة الصحراويّة حول بئر السبع في جنوب إسرائيل، ولا تتمتع هذه القرى بمكانة رسميّة نتيجةً لذلك. إنّها قرى غائبة عن تخطيط الدولة والخرائط الحكوميّة، وتحصل على القليل، أو على لا شيء، من الخدمات الأساسيّة العامة مثل الكهرباء والماء وخطوط الهواتف ومرافق التعليم والصحّة. ويبلغ عدد هذه القرى نحو 40 قرية غير معترف بها في صحراء النقب.

 

تشكّل القريتان التوأمان غير المعترف بهما، عتير وأم الحيران، اللتان تبعدا نحو 30 كم عن مدينة بئر السبع، مثالين مركزيين. تبدو هاتان القريتان البدويتان اللتان يحيطهما خلاء صحراء النقب، والمبنيّتان في معظمهما من الصفيح المتموّج واللبنات الإسمنتيّة، كما لو أنهما عالم آخر مختلف عن البلدتين اليهوديّتين الواقعتين على مقربة منهما، وهما عومر ونفاتيم، حيث يتمتّع السكّان هناك بظروف معيشية ضاحوية من الدرجة الأولى، في بيوت تتباهى بحدائق غنّاء ومروية جيّدًا. تشبه الظروف المعيشية في القرى غير المعترف بها، مثل عتير وأم الحيران، مدن الصفيح في دول العالم الثالث.

 

يعيش سكّان عتير وأم الحيران، وهم جميعهم من البدو الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل، على هذه الأراضي منذ العام 1956، بعد أن اقتلعهم الجيش الإسرائيلي من بيوتهم في وادي زبالة. فقد أُمر السكّان بإخلاء منازلهم في وادي زبالة قبل أكثر من 48 عامًا عن طريق أمر خطّيّ سلّمه لهم حينذاك الحاكم العسكريّ. وعندما عبّر السكّان عن اعتراضهم على هذا الأمر، بدأ الجيش الإسرائيلي بإجلاء مُسنّي القبيلة عنوةً، ثم تمّ سجنهم أو تفريقهم على المجتمعات البدوية المختلفة. وتمّ توفير 3,000 دونم من الأرض ليعيشوا عليها ويعملوا فيها.

 

عندما استقرّوا في عتير وأم الحيران للمرّة الأولى، لم يتجاوز مجموع السكّان فيهما 100 نسمة. أما اليوم فيبلغ عدد سكّان القريتين نحو 1,500 نسمة، وهم يعيشون في ما يزيد عن 200 منزل. الآن، وبعد مضيّ نحو نصف قرن على الترانسفير الأصليّ، تحاول الحكومة الإسرائيليّة طرد السكّان مرّة ثانية، وقد رفعت دعاوى قضائيّة من أجل إجلاء القرويين عن بيوتهم.

 

استلم السكّان، قبل ثلاث سنوات، إخطارات تحذير من هدم منازلهم، جاء فيها أنّ وزارة الداخلية على علم بحدوث بناء من دون تراخيص. ثم رفعت دولة إسرائيل، في نيسان العام 2004، دعوى تطالب فيها بإخلاء السكّان من منازلهم، مدّعيةً بأنّ أبناء العائلات التي تعيش في عتير وأم الحيران يعتدون على "أراضي إسرائيل." ويوجد لدى بعض المنازل، الآن، أوامر هدم معلّقة فوق رؤوسهم. ويقول السكّان إنّ بعض المنازل مهدّدة بالهدم كلّ أسبوع، وهم يحاججون بأنّهم يعيشون على هذه الأرض منذ أكثر من 48 سنة، وفقًا للتعليمات التي أصدرها الجيش العام 1956. يقوم إسرائيليون يهود يعيشون في كيبوتس شوفال بزراعة أراضي وادي زبالة الآن بموافقة الحكومة. قد تشير "خطة شارون" حول النقب، كما يشار إليها بلغة ملطّفة، إلى الموقع الذي تتوقّع الحكومة نقل هؤلاء الفلسطينيين مواطني إسرائيل إليه. وتهدف الخطّة، وهي مبادرة من رئيس الوزراء السابق، إلى تركيز البدو في النقب في سبع بلدات تطويرية جديدة تكون تكملة للبلدات السبع التي أقيمت للبدو ما بين سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي. ولأجل هذه الغاية، تم تخصيص 38% من ميزانية الخطّة البالغة 1.175 مليار شيكل (265 مليون دولار) لهدم المنازل، تجريد السكّان من الأرض وترحيلهم.

 

هدمت السلطات الإسرائيليّة في العام 2003 وحده، 120 مبنًى في القرى غير المعترف بها في أرجاء إسرائيل. وكان معظم هذه المباني من المنازل.

 

تمّ رفع الدعوى لإخلاء سكّان عتير وأم الحيران بغية تمهيد الطريق لإقامة مدينة يهودية جديدة. أعلنت الحكومة، في تموز العام 2002، أنه ستتمّ إقامة مدينة يهودية جديدة تدعى حيران في المنطقة التي يسكنها هؤلاء العرب البدو مواطنو إسرائيل. ويستند قرار الحكومة في هذه المسألة، بشكل أساسيّ، إلى تقرير دائرة أراضي إسرائيل للعام 2001، الذي أدرجت فيه خطط لبناء 2,000 وحدة سكنية للعائلات اليهودية في مدينة حيران العتيدة، ويعرّف التقرير الوجود البدويّ هناك، بشكل واضح، بأنّه "مشكلة خاصة."

 

بادرت إسرائيل، بناءً على هذا التقرير، إلى خطوتين قانونيتين:

 

دعاوي الإخلاء: في العام 2004 قدمّت دولة إسرائيل دعاوي لمحكمة الصلح في بئر السبع لإخلاء السكان من القرى. وطالبت الدولة بإصدار أوامر إخلاء ضد سكان عتير – أم الحيران. وكان ادعاء الدولة الأساسي هو أنّ سكان هذه القرى "تسللوا" إلى أراضي الدولة وعليهم إخلاءها ويجب منعهم من استعمال الأراضي في المستقبل. لم تفكّر الدولة أبدًا في الاعتراف بهذه القرى وقدّمت الدعاوي الآنف ذكرها متجاهلةً الحقائق التاريخيّة وأيّ حلول بديلة، كالاعتراف بهذه القرى على سبيل المثال. تجدر الإشارة إلى وجود مستوطنات فرديّة بجوار أم الحيران وعتير تسكنها عائلات يهوديّة، إلى جانب المخطط الذي ذُكر أعلاه لإقامة بلدة حيران وإخلاء أم الحيران وعتير، مما يشير إلى نيّة الحكومة بتقسيم البلاد إلى مناطق منفصلة للسكان وفقًا لهويتهم الإثنيّة، وهذا يُذكّر في ما جرى في جنوب أفريقيا في فترة الأبرتهايد. ويمثّل مركز عدالة السكّان العرب البدو مواطني الدولة أمام في هذه الدعاوي.

 

طلبات لإصدار أوامر هدم بغياب الطرف الآخر:
تقوم الدولة عادةً بتقديم طلبات للمحكمة، من دون حضور الطرف الآخر (السكّان العرب البدو في النقب)، من أجل إصدار "أوامر هدم من دون إدانة". وعادةً تقبل المحكمة هذه الطلبات وتُصدر هذه الأوامر هدم على الفور، بغياب الطرف المتضرر، معتمدةً فقط وفقط على الطلبات التي تقدمها الدولة من دون منح الطرف المتضرر فرصة للدفاع عن نفسه أمام المحكمة. وبعكس ادعاء الدولة، فإنها عادةً تعرف هويّة أصحاب البيوت. وتكشف هذه السياسة عن عدم نزاهة الدولة واستعمالها غير المناسب وغير القانوني لقوانين التخطيط والبناء. تمس سياسة الدولة بحقّ السكان في الإجراء العادل. ولا تعوّض الدولة المواطنين العرب البدو عن بيوتهم بعد هدمها ولا تحاول إيجاد بدائل سكنيّة لمن هُدمت بيوتهم. في العام 2003، توجهت الدولة لمحكمة الصلح في بئر السبع من أجل اصدار أوامر هدم لبيوت في أم الحيران، وادعّت أنها تجهل هويّة أصحاب البيوت. وقًُدمت هذه الطلبات بالتعاون مع وحدة مراقبة البناء – لواء الجنوب- التابعة إلى وزارة الداخليّة. وأصدرت المحكمة في السنوات 2003-2005 ما يقارب ألـ 40 أمرًا بهد بيوت في أم الحيران، من دون حضور الطرف الآخر. وقدّم مركز عدالة طلبات لمحكمة الصلح لإبطال هذه الأوامر.

 

االرسالة (باللغة العبريّة)