بعد بضع ساعات من اصداره: المحكمة العليا تبطل الأمر الإحترازي الذي يمنع الجيش من هدم عشرة بيوت جنوب رفح

بيان للصحافة
22.07.2004

 

بعد بضع ساعات من اصداره:
المحكمة العليا تبطل الأمر الإحترازي الذي يمنع الجيش من هدم عشرة بيوت جنوب رفح

 

أبطل القاضي ميشائيل حشين، يوم الخميس 22.7.2004 الساعة 00:30 ليلاً الأمر الإحترازي الذي أصدره ساعات معدودة قبل الإبطال والذي يمنع الجيش الاسرائيلي من هدم عشرة بيوت في جنوب رفح. وجاء هذا الإبطال بناءً على طلب نيابة الدولة بإدعاء أن الجيش لا يستطيع تمييز هذه البيوت العشرة من غيرها في جنوبي رفح، بالرغم من أن مركز عدالة كان قد فصل في طلبه للامرالاحترازي من يوم 30.6.2004 اماكن البيوت ومواصفاتها.

 

وادعى مركز عدالة في رده على طلب النيابة ابطال الامر الاحترازي انه يمكن تشخيص عشرة البيوت في جنوب رفح بشكل سهل. كما عبر عدالة، بواسطة المحامي مروان دلال، ان ادعاء الجيش الاسرائيلي مستغرب على ضوء امكانيته تشخيص الافراد والمباني عند قيامه بعمليات عسكرية مختلفة (مثل الاغتيال والاعتقال وغيرها)، اما عندما يتوجب عليه احترام القانون الدولي يدعي نفس الجيش بانه عاجز وغير قادر.

 

واضافت النيابة في طلبها لابطال الامر الاحترازي ان الجيش الاسرائيلي ينفذ منذ صباح 21.7.2004 عمليات عسكرية في جنوب رفح وان حياة جنوده معرضة للخطر. مقابل ذلك، ادعى مركز عدالة ان عمليات الجيش الاسرائيلي، لا سيما هدم البيوت، تخرق القانون الدولي بشكل واضح. كمثال على ذلك، وجه مركز عدالة المحكمة الى حالة هدم بيت في غزة على قاطنه العجوز المعاق، الذي يناهز عمره ال- 75 سنة، وقتله اثر ذلك.هذا ووفقا لمعلومات المركز الفلسطيني لحقوق الانسان في غزة، فان الجيش الاسرائيلي كان قد هدم خلال يوم 21.7.2004 فقط 18 بيتا في حي البرازيل وحي السلام جنوبي رفح.

 

يجدر بالذكر أن المحكمة العليا أصدرت الامر الاحترازي في حوالي الساعة الخامسة والنصف من بعد ظهر يوم 21.7.2004. وتطرق الامر الاحترازي، الذي اصدره قاضي المحكمة العليا ميشائيل حيشين، الى منع الجيش الاسرائيلي من هدم عشرة مباني في منطقة جنوب رفح ومحور فيلاديلفي الموجودة في حي البرازيل، بلوك O، بلوك N، بلوك J وبلوك L. وجاء هذا القرار في أعقاب توجه عدالة للمحكمة العليا في 30.6.2004، بواسطة المحامي مروان دلال، مطالباً المحكمة فيه بإصدار أمرمنع ضد سلطات الجيش الاسرائيلي يحول دون هدمهم لبيوت في جنوب رفح، لا سيما منطقة محور فيلاديلفي في جنوب قطاع غزة بإدعاء وجود "حاجة عسكرية ملحة"، وهذا حتى تقوم المحكمة بإصدار قرارها النهائي في الإلتماس الذي قدم في أيار 2004. وقررت المحكمة ايضا ان على نيابة الدولة الرد على الطلب خلال 15 يوم.

 

وشمل طلب الامر الاحترازي تقرير وكالة الانروا التابعة للأمم المتحدة ومركز المعلومات الإنساني في المناطق المحتلة (نشر خلال شهر حزيران 2004)، والذي تضمن معلومات مفصلة عن عمليات الهدم التي قام بها الجيش الإسرائيلي في منطقة رفح، لا سيما خلال شهر ايار 2004، وإسقاطاتها على حقوق سكان رفح الأساسية. ونشر هذا التقرير تحت عنوان "إحتياجات رفح للمساعدة الإنسانية" وجاء فيه أنه في شهر أيار 2004 هدم الجيش الاسرائيلي 298 بيت في رفح، وحوالي 3800 شخص بقوا من دون مأوى. وجاء أيضاً في التقرير أنه منذ أيلول 2000 هدم الجيش الإسرائيلي 1497 مبنًى، وبقي 15009 فلسطينيين بدون مأوى. 82.5% من هؤلاء كانوا لاجئين عند هدم بيوتهم.

 

وأرفق مركز عدالة للطلب الذي قدم للمحكمة صور التقطت من أقمار إصطناعية لمنطقة جنوب رفح في شهر حزيران 2001 وشهر ايار 2004. وتظهر هذه الصور بشكل واضح حجم عمليات الهدم التي نفذها الجيش. كما شمل الطلب عشرة حالات عينية لأشخاص يقطنون في حي البرازيل، بلوك O، بلوك N، بلوك J وبلوك L جنوبي رفح والذين يواجهون خطر هدم بيوتهم في الفترة القريبة.

 

واكد الملتمسون ان خطر هدم البيوت من قبل الجيش الاسرائيلي جدي ويعود الى اربعة اسباب على الاقل: اولا، تصريحات قائد اركان الجيش الاسرائيلي يعالون خلال جلسة الحكومة الاسرائيلية بتاريخ 16.5.2004 حين قال انه يجب هدم العديد من البيوت جنوبي رفح في منطقة محور فيلادلفي. واضاف قيادات في الجيش الاسرائيلي نفس اليوم ان الجو العام في اسرائيل وخطة "فك الارتباط" عن غزة هم فرصة مواتية لهدم العديد من البيوت في نفس المنطقة لفرض "حقائق امنية" على الارض. ثانيا، المادة 7 لملحق أ لخطة "فك الارتباط" الاسرائيلية تشمل بوضوح امكانية اخلاء منطقة جنوب رفح ومحور فيلادلفي وفقا لحاجات اسرائيل الامنية. ثالثا، دوافع قيادات الجيش الاسرائيلي التي تعمل في جنوبي قطاع غزة، كما تم التعبير عنها في مقابلات صحافية، لا تترك مجال للشك حول وجود الرغبة لهدم اكبر عدد ممكن من البيوت في جنوب رفح. رابعا، خطة الجيش الاسرائيلي بناء قناة واسعة تفصل جنوب رفح عن محور فيلادلفي والتي قد تؤدي الى هدم المزيد من البيوت في هذه المنطقة.

 

وطلب الملتمسون من المحكمة تعيين جلسة مستعجلة للبت في الطلب، قبل تلك المعينة ليوم 10.11.2004.

 

يذكر أن الطلب الاَنف ذكره قدم في نطاق الإلتماس الذي قدمه مركز عدالة والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة ومؤسسة الحق، في يوم 27.5.2004، للمحكمة العليا الاسرائيلية. وطالب الملتمسون المحكمة العليا بتعريف المصطلح القانوني "حاجة عسكرية ملحة" الذي يستعمله الجيش كادعاء مركزي لهدم البيوت في المناطق المحتلة لعام 67.

 

وادعى الملتمسون أن قاعدة القانون الدولي هي حظر هدم بيوت مدنيين في المنطقة المحتلة من قبل القوة المحتلة. واضاف الملتمسون ان هدم البيوت واسع النطاق يشكل خرقا جسيما لوثيقة جنيف الرابعة من سنة 1949 ولقوانين الحرب المنصوص عليها في وثيقة هاج من سنة 1907، وبالتالي فهي عبارة عن ارتكاب جريمة حرب كتعريفها في المادة 8 لدستور المحكمة الجنائية الدولية. واستعرض الملتمسون ثلاثة اماكن في المناطق المحتلة عام 67 قام الجيش الإسرائيلي بهدم البيوت فيها بناء على ادعاء وجود "حاجة عسكرية ملحة" في الفترة الواقعة بين 2002 – 2004: رفح، وجنين، ونابلس.

 

واضاف الملتمسون ان لقاعدة حظر هدم بيوت المدنيين في المنطقة المحتلة من قبل القوة المحتلة يوجد استثناء هو وجود "حاجة عسكرية ملحة". وادعى الملتمسون ان اللجوء الى هذا الاستثناء يخضع الى قيود عديدة فرضها القانون الدولي على عملية هدم البيوت بواسطته، منها: واجب التمييز الواضح بين المدنيين والمباني المدنية وبين الاهداف العسكرية؛ عند وجود شك فيما اذا كان مبنى مدني ما زال كذلك ام تحول الى عسكري، واجب القوة المحتلة التعامل معه كمبنى مدني؛ يمكن هدم مبنى مدني يستغل لاهداف عسكرية فقط اذا كان الخطر العسكري الذي يشكله انيا وحتميا؛ على الضرر الذي تسببه عملية الهدم ان يتوافق مع الخطر العسكري الحتمي المدعى دون ان يتجاوزه؛ لا يجوز استعمال الاَت عسكرية لهدم البيوت وفقا لادعاء وجود "حاجة عسكرية ملحة" والتي ستسبب ضررا بالغا ومتوقعا يفوق الخطر العسكري المدعى؛ لا يمكن اللجوء لادعاء "وجود حاجة عسكرية ملحة" من اجل تحصيل تفوق عسكري يسهل عمل القوة المحتلة.

 

وادعى الملتمسون أن الجيش الإسرائيلي لا يحترم قيود القانون الدولي المفروضة عليه عند شروعه بعمليات هدم بيوت مدعيا ان هناك "حاجة عسكرية ملحة". ويستند الإلتماس على تقارير وابحاث ميدانية لمؤسسات حقوق إنسان محلية وعالمية تفصل خروقات الجيش الإسرائيلي للقانون الدولي في سياق هدم البيوت، لا سيما عندما يلجاْ لادعاء وجود "حاجة عسكرية ملحة".