عدالة تستأنف أمام النيابة العامة بخصوص قتل الشاب محمود السعدي من الرملة

بيان للصحافة
26.04.2004

 

عدالة تستأنف أمام النيابة العامة بخصوص قتل الشاب محمود السعدي من الرملة

 

قدم مركز عدالة هذا الأسبوع استئنافاَ الى نيابة الدولة، بواسطة المحامي مروان دلال، ضد قرار قسم التحقيق مع الشرطة في وزارة القضاء ("ماحاش") اغلاق الملف ضد الشرطة في قضية مقتل الشاب محمود السعدي. وقدم مركز عدالة الإستئناف بعد أن قام بالإطلاع على الوثائق المتعلقة بالملف، لا سيما التقرير الطبي لتشريح جثة الفقيد، وافادات افراد الشرطة وغيرهم، وتقرير حول بصمات الفقيد اثناء قتله، التي تشير بشكل واضح أن الشاب محمود السعدي، البالغ من العمر 17 عاما، قد قتل على يد الشرطة بشكل غير قانوني ودون ان يشكل خطرا على اي احد من افراد الشرطة.
يذكر أنه في مساء يوم الثامن من كانون الأول 2003، قتل الشاب محمود السعدي في الرملة على يد افراد من شرطة الرملة. وادعت الشرطة مباشرة بعد قتله ادعاءً لا يمت للواقع بصلة، بان الفقيد محمود السعدي هو من اكبر تجار المخدرات في البلد، وانه وجه مسدسا من داخل السيارة التي كان يقودها باتجاه احد افراد الشرطة، وعندها قامت الشرطة بإطلاق النار عليه. واشار مركز عدالة في الاستئناف، الى النقاط التالية التي تثبت بان قتل الشاب محمود السعدي كان غير قانوني، اي نفذ من خلال ارتكاب جريمة جنائية:

 

تشخيص خاطئ لسيارة الفقيد
ادعى اكثر من شرطي شارك في عملية اطلاق النار نحو السيارة التي تواجد فيها الشاب السعدي بانهم تلقوا خبرا من شرطي اخر، يدعى تومر فرج، بان هناك سيارة من نوع "مازدا"، قد يكون اطلق منها عيارات نارية في الهواء. وقال تومر فرج ذاته في افادته حول هذا الموضوع بانه شاهد سيارة "المازدا" عن قرب، من بعد نحو 7-8 امتار، كما انها سافرت ببطء من امامه. واضاف هذا الشرطي بان "المازدا" التي راها كان لونها ابيض، استقلها اثنان، ملامحهم عربية وحسب تعبيره "بني ميعوطيم". كما اضاف انه لم ير اطلاق النار وانما سمعه فقط بعد ان كانت السيارة قد غابت عن نظره. واكد فرج انه اخبر رفاقه من الشرطة بانه راى "مازدا" بيضاء، فيها راكبان، ملامحهما عربية.
وتابعت سيارتا شرطة، واحدة سيارة خاصة مستأجرة واخرى سيارة من نوع تويوتا تتبع للشرطة مسار سيارة "المازدا" التي قادها الشاب محمود السعدي، حتى محاصرة سيارته واطلاق النار عليه وقتله. الا ان الفقيد السعدي كان يقود سيارة "مازدا" لونها فضي غامق وليس ابيض، كما ان عدد راكبي السيارة كان ثلاثة وليس اثنين. وعندما سئل الشرطي تومر فرج فيما اذا السيارة التي اخبر عنها هي ذاتها التي راها بعد قتل السعدي، اجاب "كلا". يذكر انه وفقا لافادات افراد الشرطة الذين اشتركوا في عملية اطلاق النار والقتل فان الشوارع كانت مضاءة جيدا والرؤية مكان حادث القتل كانت واضحة. واكد مركز عدالة في استئنافه بان المعطى المشترك الوحيد بين اخبار الشرطي فرج حول سيارة "المازدا" وملاحقة زملائه من افراد الشرطة لسيارة محمود السعدي هو كون المتواجدين في السيارة عربا، بلغة الشرطة "بني ميعوطيم". اي ان الدافع العنصري وراء اندفاع الشرطة في اطلاق النار نحو سيارة اخرى غير تلك التي تم اخبارهم بصددها شديد الوضوح.

 

اطلاق رصاص من الخلف
بعد فحص مكان ارتكاب جريمة قتل الفقيد السعدي، اتضح ان الشرطة اطلقت ما لا يقل عن 15 عيار ناري حي باتجاه محمود السعدي وسيارته. ووفقا لتقرير التشريح الطبي لجثة محمود السعدي يتضح ان الرصاصة القاتلة كانت قد اطلقت من الخلف واصابت راس الفقيد من الجهة اليمنى. وكان الشرطي يوغف كوجن قد اطلق النار من الخلف "باتجاه السائق" على حد تعبيره في افادته. وادعى كوجن ان سيارة "المازدا" التي قادها محمود شكلت خطرا عليه اذ راى ضوءا ابيضا مما يعني انها كانت متوجهة خلفا نحوه، وحينها اطلق النار باتجاه السائق.

 

وادعى المحامي دلال أن اطلاق النار بهذا الشكل منافي لواجبات الشرطة وفقا للقانون، فحتى عندما يكون مبررا لاطلاق النار، فعلى الشرطة اطلاق النار بحيث يسبب اقل ضرر ممكن للمواطن. كما أضاف المحامي دلال أن من واجب الشرطي التحذير بواسطة صرخة ومن ثم عن طريق اطلاق عيار ناري في الهواء. وادعى مركز عدالة في استئنافه بانه لم يكن اي مبرر لاطلاق النار، اذ كان بوسع الشرطي كوجن ان يخطو خطوة واحدة فقط لكي لا يضع نفسه في مسار السيارة، التي لم ترجع الى الوراء وانما حسب تقدير كوجن نوت ان ترجع الى الوراء. كما ان كوجن استعمل اخطر وافتك وسيلة كخطوة اولى وليست اخيرة خارقا واجباته وفقا لتعليمات القانون.

 

اطلاق رصاص من الامام بشكل غير مبرر
اطلق الشرطي ايفي تشوفا رصاصة اخرى اصابت السعدي في صدره من جهة اليسار. وادعى تشوفا بان الشاب السعدي شكل خطرا عليه اذ وجه نحوه مسدسا. الا ان احدا من افراد الشرطة الذين كانوا مع تشوفا حول السيارة لم يدعي ان الفقيد السعدي وجه اي مسدس. بل بعضهم نفى ذلك عندما سئلوا مباشرة حول هذا الموضوع. وادعى تشوفا ايضا انه صرخ "مسدس" قبل اطلاقه النار باتجاه السعدي، الا ان هذه الصرخة ايضا لم تسمع من قبل زملاءه افراد الشرطة الذين كانوا معه.

 

كما وضح مركز عدالة من خلال استئنافه، بانه اضافة لانعدام اي افادة لافراد الشرطة بانهم راوا الشاب السعدي يحمل مسدسا ولا سمعوا تشوفا يصرخ "مسدس"، غير افادة تشوفا الذي اطلق النار باتجاه محمود، فان تقرير البصمات للمسدس الذي ادعى تشوفا بان محمود حمله يثبت بان محمود لم يحمل اي مسدس. اذ وفقا لهذا التقرير لا بصمات للسعدي على المسدس المذكور. وتجدر الاشارة الى ان تقرير التشريح الطبي لجثة الشاب لا يذكر اي اثار اطلاق نار على اصابعه او على اي كف من يديه. كما ان اول شرطي اقترب من الفقيد السعدي بعد اطلاق النار علية لم يدع بانه راى اي مسدس لدى او بجانب السعدي.

 

افادة المواطن اريك برؤون
تدعم افادة المواطن اريك بارؤون كل الادلة والبينات الموضوعية بان الشاب السعدي لم يشكل اي تهديد لافراد الشرطة وانما اندفاعهم وممارساتهم غير القانونية كانت السبب في ارتكاب جريمة قتل الفقيد. كان بارؤون في وقت محاصرة سيارة السعدي واطلاق النار عليها قريبا جدا من مكان ارتكاب القتل. واكد بارؤون في افادته بان سيارة الشاب السعدي وقفت وراء سيارة اجرة عند اشارة ضوئية حمراء، عندما داهمتها سيارة تويوتا بيضاء من الخلف، وسيارة مستاجرة مدنية من اليسار. وخرج اشخاص بزي مدني من السيارة المستاجرة ، واحاطوا سيارة محمود وباشر بعضهم باطلاق النار المكثف نحو سيارة الفقيد. واضاف بارؤون في افادته بانه لم يكن بالامكان التعرف عليهم كافراد شرطة، وفقط بعد ان انهو اطلاق النار ووجدوا ان شخصا قد قتل (محمود السعدي) وضعوا قبعات الشرطة على رؤوسهم. كما افاد بانه لم ير الفقيد محمود السعدي يوجه اي مسدس نحو احد من افراد الشرطة.

 

واوضح مركز عدالة في الاستئناف الذي قدمه لنيابة الدولة ضد قرار "ماحاش" اغلاق الملف بان كل البينات والدلائل تشير الى ان محمود السعدي قتل على يد افراد الشرطة بشكل جنائي، وان على النيابة تقديم لوائح اتهام ضد افراد الشرطة، لا سيما الشرطي كوجن والشرطي تشوفا، متهمة اياهم بارتكاب جريمة القتل بحق محمود السعدي والتسبب باصابات بالغة لديه قبل مقتله. واضاف مركز عدالة ان اغلاق الملف ضد الشرطة، رغم حيثياته اعلاه، ما هو الا شرعنة عنف الشرطة الفتاك ضد المواطنين العرب، مما يضيف من خطورة هذا الجسم، وهي خطورة تصر الشرطة على اثباتها بشكل مثابر.
 للرسالة