على الرغم من التحفظ الكبير من مواضيع معينة ومن النواقص، تقرير "لجنة أور" وثيقة هامة يجب العمل على دفع توصياته

بيان للصحافة
3.9.2003

 

على الرغم من التحفظ الكبير من مواضيع معينة ومن النواقص، تقرير "لجنة أور" وثيقة هامة يجب العمل على دفع توصياته

 

بعد القراءة المتمعّنة والمعمقة ودراسة الصفحات الـ 831 المؤلفة لتقرير لجنة التحقيق الرسمية برئاسة القاضي تيودور أور، يعرب مركز "عدالة" عن تحفظه من مضامين مسائل معينة وردت في التقرير، ومن عدم الحسم في مسألة القتل التي كانت واحدة من المسائل الأساس؛ وإلى جانب ذلك، يعتقد مركز "عدالة" أن تقرير لجنة التحقيق الرسمية يشكل وثيقة رسمية هامة، يجب العمل على دفع توصياته فورًا. كذلك، يرى مركز "عدالة" أن إجراءات عمل لجنة التحقيق، والتي شملت: جمع المواد، إستجواب الشهود، سماع الإفادات ونشر التقرير، تشكل بحد ذاتها عنصرًا حيويًا وهامًا لرفع الوعي الجماهيري بشأن حقوق الأقلية العربية في إسرائيل.
عرض مركز "عدالة" أمام اللجنة، في أثناء تمثيله لمنتخبي الجمهور العرب الذين حُذروا ولذوي الشهداء، شهادات جمة لمنتخبي الجمهور العرب، لمختصين من الأكاديمية، بالاضافة إلى مذكرات مهنية، مقالات وأدلة أخرى. وتطرقت هذه البيّنات، من ضمن ما تطرقت إليه، إلى حيثيات حوادث القتل، إلى التمييز والغبن اللاحقين بالعرب في إسرائيل، إلى توجه الشرطة وتعاملها مع العرب، إلى مسألة العنصرية ومسألة التنظيم والبناء.


يسجل مركز "عدالة" بالأيجاب المسائل المركزية التالية، كما يلي:

 

قبلت لجنة التحقيق مواقف ممثلي الجمهور العرب والمختصين، والتي عُرضت أمامها، في مسألة تعامل الشرطة السلبي مع الأقلية العربية في إسرائيل. وتقرر في هذا السياق أن على الشرطة أن تجري تغييرات في تعاملها مع المواطنين العرب، المذكور في بعض المواقع على أنه تعامل عدائي. وثبتت اللجنة أن "هناك حاجة لإحداث إنقلاب مفاهيمي في تعامل الشرطة مع الوسط العربي. الشرطة تعي أنه لا يُنظر إليها في الوسط العربي، في العديد من الحالات، على أنها عنصر يقدم المساعدة، وإنما على أنها عنصر معادٍ، يخدم سلطة عديمة المراعاة (...) من المهم تذويت أهمية التصرف الرصين والمعتدل، في كل مستويات الشرطة، في التعامل مع الوسط العربي. وخلال ذلك، من المهم العمل على إجتثاث الآراء المسبقة السلبية التي وُجدت، حتى عند ضباط شرطة قدامى يحظون بالتقدير، تجاه الوسط العربي. يجب أن يكون الهدف تذويت الادراك عند أفراد الشرطة، بأن الجمهور العربي عامة ليس عدوًا لهم ولا يجب التعامل معه على أنه عدو."


قررت لجنة التحقيق أن إستخدام الرصاص المغطى بالمطاط، والرصاص الحي، والاستعانة بالقناصة لهدف تفريق المظاهرات، هي أمور مخالفة للقانون وتناقض أوامر إطلاق النار.


لم تقبل لجنة التحقيق موقف الشرطة بأن إطلاق النار الذي تمّ في حالات القتل كان مُبرَرًا.
قررت لجنة التحقيق أن على الشرطة نبذ ثقافة الكذب المتجذرة داخلها.


تقرير لجنة التحقيق هو الوثيقة الرسمية القانونية الأولى منذ العام 1948 التي تتطرق إلى التمييز التاريخي اللاحق بالعرب في إسرائيل.


في السياق المذكور في البند السابق، ورد في التقرير: لقد أُهمِل التمييز والغبن اللاحقيْن بالعرب خلال سنوات طويلة، ويجب العمل على دفع المساواة، على المستوى الفوري، وعلى المدى البعيد. كذلك، يجب العمل على جسر الهوّات والمبادرة لتطوير خطط، خاصة في مجالات التربية والإسكان والميزانيات، بالاضافة إلى أيلاء ضائقة العرب البدو وظروف معيشتهم في النقب، الاهتمام اللازم. كذلك، قبلت اللجنة موقف مركز "عدالة" في موضوع الأراضي والتخطيط، وذكرت أنه يجب دفع مبدأ التقسيم العادل في تحصيص الأراضي، والمبادرة لوضع خطط لأيجاد حلول ملائمة لمسألة البناء "غير المرخص".


في هذا السياق ذكر في التقرير بما في ذلك: "هنالك أهمية كبيرة لمسألة الأرض في معالجة الوسط العربي. هذا الموضوع يثير أصداء متراكمة لنزاعات تعود لمئة سنة ونيف. من الصعب تجاهل الجانب العاطفي القوي الذي يرافق هذه القضية. على الرغم من ذلك، الثقل والسياق القومي لا ينتقصان من واجب الدولة بمعاملة مواطنيها العرب وفق مبادئ العدالة التقسيمية الملائمة. للوسط العربي إحتياجات مشروعة نابعة بما في ذلك من التكاثر الطبيعي. من واجب الدولة أن تخصص له أراض بموجب نهج وبمادئ متساويين، كما للأوساط الأخرى."
 

مع أن لجنة التحقيق رفضت التطرق إلى عُمق مسألة الحقوق الجمعيّة للعرب، إلا أنها ذكرت في التقرير: "نذكّر أن وظيفة الدولة في هذا الموضوع لا تنحصر في الشؤون المادية فقط. على سلطات الحكم أيجاد طرق تمكّن المواطنين العرب من التعبير عن ثقافتهم وهويتهم في الحياة الجماهيرية، بشكل ملائم ومحترم." برأي عدالة، رغم هذه الروح الإجابية، كان من الأفضل إضافة القول بأن هذا التعبير عن الهوية والثقافة يجب أن يكون على قدم المساواة.

 

إنتقادات "عدالة" تتركز في المسائل المركزية التالية:

 

رفضت لجنة التحقيق موقف "عدالة" الذي طالب بأن يكون التاريخ المضروب للبدء في التحقيق هو تاريخ زيارة شارون للحرم الشريف يوم 28-9-2000، وبدلا من ذلك، قررت اللجنة أن التاريخ المضروب لفعل ذلك هو 1-10-2000. هذا الأمر لا يستوي مع موقف اللجنة بشأن المُحذّرين العرب، حيث تطرقت اللجنة إلى تصريحاتهم السياسية خلال السنوات 1998- 2000.


مع أن التقرير أمرَ بفتح تحقيقات جنائية حول حيثيات القتل، إلا أنه كان على اللجنة أن تتوصل إلى إستنتاجات مباشرة في مسألة حيثيات قتل 13 شابًا عربيًا. وبعد ثلاث سنوات من العمل، لم تجتهد اللجنة بما يكفي من أجل حسم هذه المسألة الجوهرية. وفي الغالبية الساحقة من أماكن القتل نجحت اللجنة في تقليص عدد الشرطيين الضالعين إلى 3-5 شرطيين، مع ذكر إسمائهم، ولكنها لم تجتهد بما يكفي للحسم نهائيًا في الظروف المباشرة للقتل، وبهذا إمتنعت عن أيجاد أجوبة جوهرية، لذوي الشهداء على وجه الخصوص.


مع أن لجنة التحقيق لم تخرج بتوصيات في شأن منتخبي الجمهور العرب المُحذّرين، إلا أن إستنتاجاتها في هذا الموضوع تثير تساؤلات قضائية وحقائقية. فقد قررت اللجنة أنها لم تخرج بأية توصيات لأن الحديث يدور عن شخصيات تشغل مناصب رسمية. مثل هذا القول يدعم في الواقع الادعاء القضائي الذي بلوره مركز "عدالة"، الذي يحصر عمل اللجنة ومهامها في التحقيق مع السلطة التنفيذية، أي مع من يشغل مناصب رسمية: متخذي القرارات و/أو منفذي القرارات الرسمية. كذلك، تركز التحقيق مع المُحَذّرين العرب في مواقفهم السياسية فقط، الأمر الذي لا ينضوي تحت مهمة لجنة تحقيق رسمية. وفي هذا السياق، يُذكر أن اللجنة لم تحقق مع "محرضين يهود" من المستوى الرسمي ورفضت التطرق إلى مواقفهم السياسية، ولكنها قامت بذلك تجاه المُحذّرين العرب الذين لا يشغلون مناصب رسمية. يرى مركز "عدالة" أن تذنيب القياديين العرب المنتخبين وتذنيب لجنة المتابعة العليا يمكن أن يؤديا إلى زيادة العنصرية ضد السكان العرب في إسرائيل.


تصف اللجنة تصرف الشرطة على أنه "رد فعل غير ملائم لأعمال شغب غير مسبوقة". ويتجاهل وصف الشرطة على أنها عنصر "رد فعل" فقط، الأدلة التي أثبتت أن تصرفات الشرطة العنيفة وإستخدام الرصاص الفتاك الذي أدى إلى أعمال القتل في 1-10-2000 وفي 2-10-2000، هما اللذين أديا إلى تصعيد الأحداث.


لم ترَ اللجنة من المناسب الخروج بأية توصيات ضد أيهود براك، على الرغم من تثبيتها، أنه وكرئيس للحكومة، "لم يكن مدركًا ومصغيًا بما يكفي للتطورات الحاصلة في المجتمع العربي في إسرائيل، والتي خلقت في فترة ولايته خشية حقيقية من اندلاع أعمال شغب على نطاق واسع (...) كما ثبت أن السيد براك لم يقم في اليومين الأولين بما يكفي من الخطوات لمنع إستخدام الشرطة للوسائل الفتاكة أو تقييد هذا الاستخدام (...)". ويرى مركز "عدالة" أن مثل هذه الاستنتاجات لوحدها كافية للخروج بتوصيات عينية بشأن أيهود براك. وبالاضافة، وُضعت أمام اللجنة أدلة مقنعة حول موضوع الاجتماع الليلي في بيت أيهود براك، مساء 2-10-2000، الذي منح فيه الشرطة الدعم الكامل وأمرها بفتح كل محاور الطرق بكل الوسائل، في حال واقتضى الأمر. في صبيحة 2-10-2000 تحدث براك في مقابلة للإذاعة الاسرائيلية وصادق على الأمور المذكورة. كذلك، صادق العديد من الضباط على هذه الحقيقة. ويُذكر، أن أكبر عدد من القتلى وقع في هذا اليوم. وعلى الرغم من وجود هذه الأدلة الدامغة، إلا أن اللجنة قررت أن الأمر لم يُثبَت.


هناك هوة سحيقة بين الاستنتاجات وبين التوصيات التي خرجت بها اللجنة فيما يخص المُحذّرين. فمثلا: على الرغم من أن اللجنة إنتقدت بشكل لاذع شلومو بن عامي، وزير الأمن الداخلي آنذاك، على تأديته لمهماته في موضوع سياسة إستخدام الأسلحة الفتاكة، إلا أنها اكتفت بالقول إنه لن يشغل في المستقبل منصب وزير الأمن الداخلي. بمعنى: يمكنه أن يشغل أي منصب رفيع آخر يريده. وبالنسبة لأليك رون، فإن اللجنة وجدته مسؤولا، من ضمن ما وجدته، عن إستقدام القناصة الذين قتلوا وجرحوا مواطنين خلافًا للقانون، وبالتالي، فلن يكون بمستطاعه أن يشغل أي منصب أمني داخلي رفيع. معنى هذا أن بإمكانه أن يشغل منصب وزير رفيع في حكومات إسرائيل في أي مجال، إلا في مجال الأمن الداخلي. وبالنسبة لبنتسي تساو، الذي كان قائد منطقة وادي عارة آنذاك، والتي قُتل فيها ثلاثة شبان ووجدته اللجنة مسؤولا مباشرًا عن الفشل في المهمات هناك، قررت اللجنة أنه لن يُرقّى لمدة أربع سنوات، أي أن باستطاعته أن يبقى في سلك الشرطة، وهو كان أصلا رُقّي السنة السابقة وليس بحاجة إلى ترقية أخرى في الفترة القريبة (يُذكر أن "عدالة" قدم إلتماسًا ضد ترقية ساو لكن محكمة العدل العليا رفضته لأن لجنة التحقيق لم تكن أنهت عملها بعد).


لم تنتقد اللجنة فشل وحدة التحقيق مع الشرطيين في موضوع عدم فتح تحقيقات فورية بشأن قتل 13 شابًا وجرح الآخرين.

 

سيقوم مركز "عدالة"، قريبًا، بإصدار تقرير شامل يحوي تحليلا لتقرير "لجنة أور"، وتطرقات عينية وواسعة لكل المسائل التي طُرحت في التقرير.