بيان مشترك في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب

يجب على إسرائيل احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في تعاملها مع المعتقلين ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة

بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، والذي يصادف يوم 26 حزيران 2015، تُصدر المؤسسات الحقوقيّة - مركز عدالة، مركز الميزان لحقوق الإنسان (غزّة) ومنظّمة أطبّاء لحقوق الإنسان- بيانًا مشتركًا تُلقي من خلاله الضوء على خمس قضايا مركزيّة خطيرة بشأن ممارسة التعذيب في إسرائيل: اقتراح قانون التغذية القسريّة، الاعتقالات الإداريّة، تجدد إضراب الشيخ خضر عدنان عن الطعام، إعفاء الأجهزة الأمنيّة من توثيق التحقيقات بالصوت والصورة، وقضيّة التعذيب والمعاملة اللا-إنسانيّة من خلال الحصار على قطاع غزّة.

 

اقتراح قانون التغذية القسريّة: في العام 2014 صادق البرلمان الإسرائيلي على القراءة الأولى لاقتراح قانونٍ يسمح لسلطة السجون باستخدام التغذية القسريّة ضد المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيليّة. في الأسبوع الأخير صادقت الكنيست على استمرار اجراءات التشريع، وسيتم طرح الاقتراح للقراءة الثانية والنهائيّة خلال الأسبوع القادم.

 

في حالة المصادقة عليه، سيشرّع القانون إطعام الأسرى المضربين عن الطعام قسرياً، وإجبارهم على تلّقي العلاج الطبّي رغم إرادتهم، وهو ما يشكّل مسًا خطيرًا بحقوق الأسرى وخرقًا جديًا للأخلاقيّات الطبيّة. هذا الإجراء يستخدم الأدوية والعلاج الطبّي، عمليًا، لأهداف سياسيّة وأمنيّة. التغذية القسريّة هي انتهاك مباشر لقانون حقوق المريض في إسرائيل، وانتهاك للوثائق والمعاهدات الدوليّة: إعلان طوكيو، وإعلان WMA في مالطا عام 2006، وبروتوكول اسطنبول، ومعاهدة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب (UNCAT).

 

في حزيران 2014، نشرت الجمعيّة الطبيّة العالميّة نداءً عاجلًا لرئيس الوزراء الإسرائيليّ من أجل إعادة النظر بالقانون المقترح، كذلك طالب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لقضايا الصحّة والتعذيب الحكومة الإسرائيليّة أن تتراجع عن اقتراح قانون التغذية القسريّة، وسائر الممارسات التي اعتبرها وحشيّةً وغير إنسانيّة.

 

قانون التغذية القسريّة الذي أعيد طرحه يشكّل آليّة لقمع الاضراب عن الطعام وتجريد الأسرى من سلاحهم الوحيد في مواجهة  المعاملة غير الإنسانيّة التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيّون وظروف السجن الصعبة التي يفاقمها منع الزيارات العائليّة واستمرار سياسات العزل الإنفرادي والتفتيش العاري وغيرها من وسائل القمع المستخدمة داخل السجون الإسرائيلية.

 

هذا ويدخل الأسير خضر عدنان يومه الـ 52 للإضراب عن الطعام وقد نُقل إلى مستشفى آساف هاروفي. على خلاف إضراباته السابقة، يتّخذ نموذج الاضراب الذي يُسمّى "الاضراب الإيرلندي"، ومن خلاله يمتنع عن تناول أي شيء غير الماء، بما في ذلك الأملاح. بحسب الأدبيّات الطبيّة، فإن هذا النوع من الإضراب غالبًا ما تلحقه تعقيدات طبيّة بالغة تشكّل خطرًا جسيمًا على حياة المُضرب بعد اليوم الـ 42 للإضراب.

 

تم اعتقال خضر عدنان مجددًا يوم 8 تمّوز 2014 بعد أن أطلق سراحه من السجن الإداريّ في العام 2012 على أثر إضرابه عن الطعام. وقد بدأ عدنان إضرابه الجاري عن الطعام على أثر تمديد اعتقاله الإداريّ لستة أشهر إضافيّة بعد أن تم تمديده عدّة مرّات في السابق.

 

الاعتقال الإداريّ : حتّى حزيران 2015، يقبع أكثر من 410 معتقل فلسطينيّ من الأراضي المحتلّة عام 1967 تحت الاعتقال الإداريّ داخل إسرائيل. يتم احتجاز المعتقلين الإداريين لفترات تتراوح بين ستة أشهر وحتّى سنوات عديدة، حيث يتم حرمانهم من حقهم في المحاكمة العادلة إلى حدّ عدم إعلامهم بالتهم الموجهة إليهم.

 

ورغم أن القانون الدولي لا يسمح باستخدام الاعتقال الإداري إلا في حالات محددة جدًا ونادرة جدًا، استخدمت إسرائيل وتستخدم هذا الإجراء ضدّ آلاف الفلسطينيين. عدد المعتقلين الفلسطينيين الذين يقبعون تحت الاعتقال الإداري زاد عن السنة الماضية بأكثر من الضعف، ومن بين هؤلاء المعتقلين خمسة من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني ومن بينهم النائبة خالدة جرّار التي تعكس قصّة اعتقالها التعسّف في الاعتقال الإداري واستخدامه لأغراض سياسيّة مثل ملاحقة ممثلي الجمهور المنتخبين.

 

هيئات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بما في ذلك لجنة مناهضة التعذيب ومجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، كانت قد وجّهت لإسرائيل نداءً لوقف استخدام الاعتقال الإداري. الاتحاد الأوروبي أعرب كذلك عن قلقه اتجاه استمرار هذه السياسة الإسرائيليّة.

 

تسجيل التحقيقات بالصوت والصورة: صادقت الكنيست بالقراءة الأولى على تمديد بند قانون مؤقّت يُعفي السلطات الإسرائيليّة من تسجيل التحقيقات بالصوت والصورة حين يكون التحقيق مع معتقلٍ بتهمٍ تعرّفها السلطات على أنها "أمنيّة". البند المؤقّت هو عبارة عن "أمر ساعة" يتم تمديده منذ العام 2002، وستنتهي صلاحيّته الحاليّة في 4 تمّوز 2015. في شباط 2013 رفضت المحكمة العليا الالتماس الذي قدّمته المؤسسات الحقوقيّة من أجل إلغاء هذا الاعفاء.

 

ويثير هذا التشريع مخاوف جديّة تتعلق بحماية المعتقلين من التعذيب والمعاملة غير الإنسانيّة أثناء التحقيقات، كما يثير شكوك جديّة حول انتزاع الاعترافات الكاذبة من خلال الضغط على المعتقلين، وهي اعترافات قد لا تمت للحقيقة بصلة لكنها تستخدم في محاكمة المعتقلين، كما تثير هذه الخطوة مخاوف حول عدالة الإجراء الجنائي المتّخذ ضد المعتقلين. الاعفاء من التوثيق بالصوت والصورة هو انتهاك صارخ لحق المعتقلين ويطلق يد الأمن الإسرائيلي في ممارسة التعذيب دون القدرة على إثباته أو محاسبة مرتكبيه تحت الذرائع الأمنيّة.

 

لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتّحدة عبّرت عن نقدها اللاذع لهذا الإعفاء المجحف في تلخيصها لمراقبة إسرائيل في عام 2009، كما وجّهت أسئلة حول هذه القضية من بين قائمة القضايا التي وجّهت بخصوصها أسئلة لإسرائيل في حزيران 2012.

 

التعذيب والمعاملة اللا-إنسانيّة: في سياق الحصار غير القانونيّ المفروض على قطاع غزّة منذ العام 2007، تستمر المنظّمات الحقوقيّة في توثيق حالات تأخير ومنع الغزيين من تلقّي العلاج الطبيّ الذي يحتاجونه خارج غزّة، وذلك من خلال القيود الإسرائيليّة على حرية الحركة والتنقل. علاوةً على ذلك، يتم اعتقال المرضى عند معبر إيريز عند محاولتهم الدخول إلى إسرائيل لتلقّي العلاج الطبيّ الأساسيّ، أو إكراههم على تزويد المخابرات بمعلومات حول أصدقاءهم أو أقرباءهم مقابل الحصول على تصريحٍ للخروج من غزّة من أجل تلقّي العلاج. هذه العوائق المنهجيّة التي تراكمها إسرائيل أمام تلقّي العلاج الطبّي الأساسي من شأنه أن يصل حدّ التعذيب والمعاملة غير الإنسانيّة. كذلك – لقد سجّل مركز الميزان لحقوق الإنسان خلال العدوان الإسرائيليّ الأخير على قطاع غزّة في صيف 2014، حالات اعتقال (81 حالة) شملت تعذيب جسديّ ووسائل أخرى للضغط النفسي والجسدي خلال الاعتقال والتحقيق من أجل انتزاع الاعترافات.

 

مؤسسات حقوق الإنسان تجدد تأكيدها على أن استخدام العنف والمعاملة اللا-إنسانيّة والتعذيب مرفوض وممنوع بشكلٍ مطلق ودون أيّ مبررات ودون أي استثناء، وذلك بموجب القانون الدوليّ.

 

كذلك، جاء في تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتّحدة في الحرب على غزّة أن الحصار المفروض على القطاع آن له أن ينتهي فورًا، وأن تتوقف إسرائيل عن استخدام العراقيل المنهجيّة أمام حركة الفلسطينيين خاصةً فيما يتعلّق بالخدمات الطبيّة الأساسيّة. كذلك، تطالب المؤسسات الحقوقيّة بإنهاء سياسة الاعتقال الإداري وتطالب بسحب اقتراح قانون التغذية القسريّة واقتراح تمديد الاعفاء من تسجيل التحقيقات بالصوت والصورة، كما وتطالب بأن يتم احترام القواعد الأساسيّة لحقوق الإنسان وحق المعتقلين بالكرامة بما يتفق مع القانون الدولي الإنساني.