مؤسسات حقوق الإنسان"عدالة" "مركز الميزان"، "ﭼيشاه – مسلك”، يطالبون بالتوقف عن عمليات الرش والكف عن تعريض حياة وممتلكات المواطنين والبيئة الطبيعية في غزة للخطر

 

شرعت الطائرات الإسرائيلية صباح الثلاثاء الموافق 14/1/2020، برش المبيدات الكيميائية من الجو في المناطق القريبة من السياج الشرقي الفاصل شرقي قطاع غزة، حيث تواصلت عمليات الرش لمدة ثلاثة ساعات ونصف تقريباً، وطالت الأراضي الزراعية في المناطق الشرقية الممتدة من شمال شرق البريج في محافظة الوسطى، وشرق محافظة غزة، وشرق مدينة بيت حانون في محافظة شمال غزة.

 

وأرسل كل من مركز “عدالة” ومركز “الميزان” لحقوق الإنسان وجمعية “غيشاه-مسلك” رسالة عاجلة لوزير الأمن الإسرائيلي والمستشار القضائي للحكومة والمستشار القضائي للجيش الإسرائيلي، يطالبون فيها بالامتناع الفوري عن رش المبيدات الكيميائية بالقرب من السياج الحدودي شرق قطاع غزة التي تسبب الضرر للمحاصيل الزراعية وتشكل خطرًا على حياة المواطنين الفلسطينيين الذين يعملون ويعيشون في تلك المناطق. 

 

وبحسب شهود العيان من المزارعين الذين تزامنت عمليات الرش مع تواجدهم للعمل في أراضيهم الزراعية بالقرب من السياج الشرقي الفاصل، فإن قوات الاحتلال أشعلت عند حوالي الساعة 7:20 من صباح اليوم نفسه ناراً كانت تصدر دخاناً أسوداً في الجانب الإسرائيلي شرق السياج الفاصل لمعرفة اتجاه الرياح، وهي عملية تقوم بها قوات الاحتلال دائماً وتسبق عمليات الرش بحسب المزارعين-، وبعد عدة دقائق، شرعت طائرة بالتحليق فوق السياج الفاصل وقامت برش المبيدات الكيميائية التي كان ينتشر رذاذها تجاه أراضي المزارعين الفلسطينيين في الجانب الغربي من السياج، من ثم شرعت في عمليات الرش في المنطقة الواقعة شمال شرق البريج في المحافظة الوسطى، لتتجه بعدها إلى شرق مدينة بيت حانون في محافظة شمال غزة. واستمرت عمليات الرش حتى الساعة 11:30 من صباح اليوم نفسه.

 

وعاودت الطائرات الإسرائيلية صباح الأربعاء الموافق 15/1/2020، عمليات الرش، حيث طالت المناطق التي كانت قد رشتها صباح أمس الثلاثاء، ، كما انها  وسعت رقعة الرش  في المحافظة الوسطى حتى  شرقي مدينة دير البلح، واستمرت عمليات الرش حتى الساعة 11:00 من صباح هذا اليوم .

 

تجدر الإشارة إلى أن عمليات الرش تجري بشكل مفاجئ  ودون تحذير أو إنذار مسبق، وتكون في الغالب في الجانب الإسرائيلي من السياج الشرقي الفاصل، وفي بعض الأحيان تقوم بعمليات الرش داخل أراضي القطاع، وقبل عمليات الرش تتأكد قوات الاحتلال من أن اتجاه الرياح يكون باتجاه أراضي القطاع غرب السياج الفاصل. كما تحلق الطائرات على ارتفاعات منخفضة، قد تصل لـمستوى 20 متراً فوق سطح الأرض، ويصل رذاذ رش المبيدات إلى عمق يتراوح ما بين (700 -1200) متر داخل أراضي قطاع غزة. وتتكرر عمليات الرش خلال فترتين سنوياً (نهاية ديسمبر أو بداية يناير- وشهر أبريل)، وهي بداية زراعة المحاصيل الشتوية والصيفية.

 

ويتكبد المزارعون الفلسطينيون خسائر كبيرة جراء هذه الممارسات، من خلال ما تخلفه عمليات الرش من تدمير للمحاصيل، كما تجعل المزارعين يترددون أو يحجمون عن زراعة أراضيهم الكائنة في تلك المناطق، نظراً لخطورة المنطقة، واحتمال تلف محاصيلهم في حالة وصول مواد الرش الجوي إليها.

 

وتشير عمليات الرصد والتوثيق التي تتابعها مؤسسات حقوق الإنسان، إلى أن قوات الاحتلال شرعت في عمليات الرش منذ العام 2014. وأن الأضرار الناتجة عن عمليات الرش طالت (7620000) متراً مربعاً من الأراضي الزراعية في قطاع غزة.

 

وفي هذا السياق، نشرت وكالة الأبحاث اللندنيّة "فورنسيك أركيتكتشر" (بنية الأدلة الجنائيّة)، في تموز/ يوليو من العام 2019، تقريرًا جديدًا يقدم تحليلاً لعمليات الرش الجويّ لمبيدات الأعشاب التي قامت بها إسرائيل بين الأعوام 2014 حتى 2018. ويعتمد التقرير بشكل كبير على أبحاث ميدانيّة ومعلومات نشرت في إطار جهود قانونيّة، قامت بها المؤسسات الحقوقيّة "ﭼيشاه – مسلك"، مركز الميزان لحقوق الإنسان ومركز عدالة على مدار سنوات. ويدعم البحث استنتاجات الجمعيات، ويقر أن عمليات الرش ألحقت أضرارًا بالغة بالحقول والمزروعات داخل أراضي القطاع.

 

في حين كشفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في عام 2016 " أن المواد المستخدمة في الرش الجوي هي: "جليفوسات، "أوكسيجال"، و"ديوريكس". وتصنّف إحدى هذه المواد على الأقل على أنها من المواد المسرطنة. حيث صنّفت وكالة أبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية في العام 2015، مادة الجليفوسات بأنها مسرطنة، وقد تسبب هذه المادة تشوهات خلقية للمواليد، لذا حرمت بعض هذه المركبات في عدد من دول العالم.

 

هذا وكانت المؤسسات الحقوقية الثلاث قد توجهت بتاريخ 9/1/2019،  برسالة عاجلة لرئيس الحكومة ووزير الأمن الإسرائيلي، ولاحقاً إلى المدعي العسكري العام والمستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، طالبتهم فيها بالتوقف والامتناع عن رش المبيدات من الجو في قطاع غزة وبالقرب من أراضيه، نظراً للأضرار الخطيرة التي تلحقها عمليات الرش بالمحاصيل الزراعية وصحة المواطنين. وقد شهد العام الماضي 2019، هدوءاً على هذا الصعيد، حيث لم تسجل أية عمليات لرش المبيدات، مما  انعكس بشكل إيجابي على المزارعين ومحاصيلهم.

 

تؤكد المؤسسات الحقوقية الموقعة أدناه على أن عمليات الرش التي تقوم بها سلطات الاحتلال مدمرة ومحظورة بحسب القانون الإسرائيلي والدولي، ولا يوجد أي تبرير أو أساس قانوني للاستمرار بهذه الأعمال التي تمس بحقوق الإنسان وتعرض حياة وممتلكات المواطنين في قطاع غزة للخطر.

 

وتشير المعطيات إلى شبهات قوية  بأن عمليات الرش تشكل خطراً على الحق في الحياة، وكل ما يتعلق بالأخيرة مثل الحق في الغذاء وتنفس هواء نظيف، والتي تم ترسيخها في البند 6 من الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

 

وعليه تطالب المؤسسات السلطات الإسرائيلية بالتوقف فوراً عن عمليات الرش، وما ينتج عنها من تدمير للإنسان والبيئة، وتعويض المتضررين، وضمان عدم تكرارها.

 

لقراءة الرسالة