في سابقة هي الأخطر من نوعها، المحكمة العليا تمنح الحصانة الكاملة لإسرائيل وتحرم جميع ضحايا جرائم الحرب الفلسطينيين في قطاع غزة من سبل الانتصاف المدنية

يحرم هذا الحكم جميع سكان قطاع غزة من الحصول على أي نوع من التعويض والانتصاف، بغض النظر عن طبيعة الظروف، سواء خلال الحرب أو غير ذلك، ودون أي مراعاة لشدة الاصابة أو الأضرار التي لحقت بالضحايا
تحديث 25.8.2022: قام مركز عدالة بواسطة المحامي ربيع اغبارية بتقديم طلب للمحكمة العليا لإقامة جلسة استماع إضافية وإعادة النظر في قرارها الذي صدر في 5.7.2022، والذي أفاد بأن من حق اسرائيل اعفاء نفسها من أي مسؤولية مدنية ناتجة عن أضرار سببّها الجيش الإسرائيلي لأبرياء في قطاع غزة. يستند الطلّب المقدّم في الأمس على أن قرار المحكمة يثير صعوبات كبيرة بما يبرر عقد جلسة استماع أخرى ، كما ويتعارض أيضًا مع قرارات سابقة للمحكمة العليا صدرت في أوقات انعقاد هيئتها الموّسعة. 

لقراءة الطلب باللغة العبرية 
 

رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا الالتماس المشترك المقدم من مركز الميزان ومركز عدالة بخصوص قضية ا الطفل الفلسطيني الذي أصيب إصابة بالغة من قبل قوات الاحتلال

الميزان وعدالة: على المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق فوري بشأن هذا القرار

رفضت اللجنة المكونة من ثلاث قضاة: نيل هندل، نوام سولبيرج وعوفر غروسكوبف، في المحكمة العليا الإسرائيلية، الاستئناف الذي طالبت فيه المؤسسات الحقوقية بتعويض الضرر الذي لحق بالطفل الفلسطيني عطية النباهين، 15 عاما، جراء إطلاق قوات الاحتلال النار عليه واصابته إصابة خطيرة في تشرين ثان عام  2014. أطلق الاحتلال  النار على النباهين أثناء تواجده في أرض عائلته بالقرب من مخيم البريج على بعد 500 مترا من السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، مما  أدى الى إصابته بشلل رباعي وأصبحمقعدًا غير قادر على الحركة مدى الحياة. 

 

لقراءة قرار لمحكمة الإسرائيلية العليا (باللغة العبرية)

 

قدم مركز الميزان ومركز عدالة استئنافا للمحكمة العليا بشأن قرار المحكمة المركزية في بئر السبع في عام 2018،  ومخرجاتها بأن  إسرائيل غير مسؤولة عن الأضرار. قدم الاستئناف بواسطة المحامية سوسن زهر و د. حسن جبارين من مركز عدالة ومحامي مركز الميزان محمد جبارين.

 

 

موضوع الخلاف في القضية، هو مدى دستورية التعديل رقم (8) لقانون الأضرار المدنية (مسؤولية الدولة) لعام 1952، والذي تم تشريعه في عام 2012. وينص هذا القانون على أنه لا يحق لسكان منطقة تعتبرها إسرائيل "كيانًا معاديًا"وهو ما أعلنته إسرائيل حول قطاع غزة في عام 2007 أن يطالبوا بتعويضات من إسرائيل لأي سبب كان. أشار مركز الميزان ومؤسسة عدالة في الاستئناف المقدم إلى أن قرار محكمة بئر السبع والتعديل رقم (8) مخالفان للقانون الإسرائيلي والقانون الدولي والذين يكفلان للمدنيين المحميين حق الوصول الى تعويضات ملائمة، خاصة عند إصابتهم في ظروف لا تتعلق "بأعمال حرب".

 

وبحسب المحكمة العليا الإسرائيلية، فإن القانون لا يتعارض مع القانون الدولي، وحتى وإن تعارض، " لدى الكنيست ]البرلمان الإسرائيلي[ السلطة في تخطي أحكام القانون الدولي". أقرت المحكمة العليا الإسرائيلية أن القانون ينتهك الحقوق الأساسية للضحايا الفلسطينيين، خاصة الحق في الحياة، السلامة الجسدية، الكرامة، الحرية، الملكية والحق في سبل انتصاف قانونية فعالة. وبالرغم من ذلك، حكمت المحكمة أن مستوى الحماية للحقوق الأساسية للطفل النباهين محدودة بسبب إقامته في قطاع غزة_ "كيان معادي". كما حددت المحكمة أن القانون يخدم هدف مناسب: "منع تقديم المساعدة الاقتصادية أو المعنوية للعدو". ووفق المحكمة، فإن هذا الأساس المنطقي يبرر الانتهاك الجسيم للحقوق الأساسية للمدنيين الفلسطينيين الذين أصيبوا من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي.

 

 

 

ويضيف مركز الميزان ومركز عدالة على قرار المحكمة بالقول:

"إن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية ينتهك القانون الدولي الإنساني، ويبرر شروع محكمة الجنايات الدولية في التحقيق الفوري، حيث يحرم هذا القرار ضحايا جرائم الحرب الإسرائيلية من المدنيين الفلسطينيين من أي تعويضات قانونية، بما في ذلك التعويضات التي تندرج في إطار القانون المدني. إن تبرير المحكمة رفضها تعويض الفتى البريئ، والذي بات حبيس كرسي متحرك مدى الحياة  نتيجة الاعتداء الإسرائيلي غير القانوني عليه، تحت ذريعة" منع تقديم المساعدة الاقتصادية أو المعنوية للعدو"، يشكل انحطاطاً أخلاقياً غير مسبوق للمحكمة.

 

 

وعلاوة على منح الجيش الإسرائيلي حصانة شاملة لإصابة الفلسطينيين حيثما تواجدوا، فإن القرار يؤكد في خطوة جذرية على أن الرفض المتعمد للتعويض هو أداة مناسبة لإلحاق الأذى بالعدو. ولا يمنح هذا القرار قوات الاحتلال حصانة شاملة للتعرض للفلسطينيين أينما كانوا فحسب، بل يعتبر أيضا، في خطوة جذرية، أن الحرمان المتعمد من التعويض هو أداة مناسبة لإيذاء العدو. ليس هناك دليل أكثر وضوحا على حقيقة التزام النظام القضائي الإسرائيلي بشرعنة جرائم الحرب وبذله الجهود لمساعدة الجيش عبر رفض التعويضات القانونية للضحايا، خاصة وأن المحكمة ترفض في الوقت ذاته التدخل في قرار الدولة بإغلاق التحقيقات الجنائية في جرائم حرب مزعومة، وبالتالي توفر حصانة للجيش الإسرائيلي للإفلات من العقاب على الأعمال الإجرامية التي يرتكبها".

 

أقرت الجهات الدولية أهمية هذه القضية، وفي تقريرها في مارس 2019، خلصت لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة، التي شكلت عام 2018 للتحقيق في مسيرات العودة الكبرى في قطاع غزة، إلى ما يلي:

"يستثني قرار المحكمة المركزية والقانون الذي استندت إليه، سكان قطاع غزة من أهلية الحصول على تعويض بموجب القانون، دون النظر في الضرر نفسه. وبتطبيق ذلك، يحرم الضحايا الفلسطينيين من قطاع غزة من السبيل الرئيسي لضمان حقهم في سبل انتصاف قانونية فعالة’ من إسرائيل والمكفولة لهم بموجب القانون الدولي.

 

كما يتعارض قرار المحكمة العليا الإسرائيلية مع الأساسات القانونية المعمول بها لدى المحكمة. وبعد التماس مقدم من عدالة على التعديل رقم (7) عام 2006، قررت المحكمة العليا في حكم بالإجماع أصدره تسعة قضاة، أن دولة إسرائيل لا يمكنها اعفاء نفسها من دفع تعويضات للفلسطينيين في الضفة الغربية الذين تعرضوا للأذى من قبل قوات الاحتلال العسكرية الإسرائيلية، وأبطلت نصا من التعديل لقانون الأضرار المدنية (مسئولية الدولة). سيقدم مركز الميزان ومؤسسة عدالة طلبا لجلسة استماع ثانية للمحكمة العليا.