عدالة يُقدّم التماسًا ضد وزارة التربية وبلدية حيفا | 13 طالبًا عربيًا حُرموا من الالتحاق بالمسار العلمي للبجروت

الأزمة التي يواجهها الطلاب العرب في حيفا لم تعد مسألة إدارية عابرة، بل باتت دليلًا واضحًا على سياسة إقصاء متواصلة تجاه جهاز التعليم العربي في المدينة. بعد أن تخلّت وزارة التربية وبلدية حيفا عن مسؤولياتهما في إقامة أطر تعليمية مناسبة، وجد 13 طالبًا أنفسهم مضطرين إلى اللجوء للقضاء لنيل حقهم. إن الواقع الذي خلقته بلدية حيفا يكشف عن خلل بينوي عميق يمس الحق الأساسي في التعليم

 قدّم مركز عدالة الحقوقي، الثلاثاء 09/09/2025، التماسًا إداريًا باسم 13 طالبًا من مدينة حيفا وضواحيها، وبمشاركة لجان أولياء أمور المدارس العربية في المدينة ولجنة مُتابعة قضايا التعليم العربي القطري، ضد وزارة التربية والتعليم وبلدية حيفا. يأتي الالتماس في اعقاب حرمان الطلاب من أي إمكانية للالتحاق بالمسار العلمي الكامل المؤهّل لشهادة البجروت (5 وحدات في الرياضيات والعلوم الدقيقة) مع بداية العام الدراسي الجديد 2025/2026.

 

لقراءة الالتماس (باللغة العبرية)

 

ورغم استيفاء الطلاب لجميع شروط القبول في المسار العلمي بمدرسة "الكرمة" الثانوية (المدرسة العربية الحكومية الوحيدة في حيفا التي تتيح هذا المسار) جرى إقصائهم عبر استخدام آلية قرعة إدارية اعتمدتها البلدية لاختيار الطلاب، وفرضت بلدية حيفا تسجيلهم في مدرسة "شيزاف"، التي لا توفر مسارًا علميًا معترفًا به في شهادة البجروت.

 

زعمت وزارة التربية والتعليم وبلدية حيفا قبل عدة أشهر أمام الأهالي بأنّ مدرسة "شيزاف" ستفتتح "صف علمي – تخصص ذكاء اصطناعي" باعتباره بديلا معترف به  لإتمام المسار العلمي. إلا أنّ فحصًا معمّقًا، شمل تحقيقًا من قبل رؤساء لجان اولياء امور الطلاب في حيفا وتحقيقا صحفيًا أجرته صحيفة هآرتس، كشف أنّ هذا الصف لا يُعتبر مسارًا علميًا حقيقيًا، ولا يتيح الحصول على بجروت كامل في الفيزياء، الكيمياء أو الأحياء، ولا حتى في عدد الوحدات المتقدّمة في الرياضيات.

 

على ضوء ذلك، ومع بداية السنة الدراسية، بقي 13 طالبًا بلا إطار علمي ملائم، رغم تفوقهم وميولهم الواضحة للعلوم. هؤلاء الطلاب هم الوحيدون تقريبًا في حيفا، وربما في البلاد، الذين حُرموا من حقهم الطبيعي في الالتحاق بالمسار العلمي رغم استيفائهم جميع الشروط، الأمر الذي يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوقهم الأساسية.

 

الأهالي  توجّهوا مرارًا منذ تموز 2025 إلى وزارة التربية وبلدية حيفا طلبًا لحل ملائم قبل بداية العام الدراسي، لكن البلديّة اكتفت بعرض مضلّل بشأن إنشاء مسار وصف على انّه صف "علمي - تخصص ذكاء اصطناعي" في "شيزاف"، دون تقديم اي تفاصيل أوفى. وقد اتضح لاحقا ان هذا الصف لا يستوفي شروط المسار العلمي.

 

ويُوضح الالتماس أنّ ما تمارسه السلطات يعتبر انتهاكًا مباشرًا للحق في التعليم المتكافئ والملائم، ويخالف مبدأ المساواة، إذ قبل جزء من الطلاب لمسار علمي كامل واستُبعد الآخر قسرًا، ناهيك عن التمييز مقارنة بالطلاب في المدارس اليهودية في المدينة، والذين يتمتعون بخيارات متعددة لمسارات علمية.

 

كما يمس هذا بحق لأهالي في اختيار التعليم المناسب لأولادهم، و يتعارض مع مبدأ مصلحة الطفل العليا، إذ يوجب أن تبنى القرارات التعليمية على حاجات الطالب ورغباته وقدراته، لا على اعتبارات إدارية أو تقنية بحتة.

 

بالإضافة إلى ذلك، فإن القرارات استندت على معلومات ناقصة ومضلّلة حول وجود مسار علمي في "شيزاف"، كما أنّه قد شابها انعدام معقولية ونقص في النزاهة الإدارية، بل ووصل الامر الى اقتراح على الاهالي اللجوء إلى مدارس خاصة، في تخلٍّ واضح عن المسؤولة القانونية للساطات.

 

وعلّقت المحامية لبنى توما من مركز عدالة، والتي قدّمت الالتماس، قائلة: "الأزمة التي يواجهها الطلاب العرب في حيفا لم تعد مسألة إدارية عابرة، بل باتت دليلًا واضحًا على سياسة إقصاء متواصلة تجاه جهاز التعليم العربي في المدينة. بعد أن تخلّت وزارة التربية وبلدية حيفا عن مسؤولياتهما في إقامة أطر تعليمية مناسبة، وجد 13 طالبًا أنفسهم مضطرين إلى اللجوء للقضاء لنيل حقهم. إن الواقع الذي خلقته بلدية حيفا يكشف عن خلل بينوي عميق يمس الحق الأساسي في التعليم".

 

وعليه فقد طالب الالتماس المحكمة بإلزام وزارة التربية والتعليم وبلدية حيفا بتوفير مقاعد فورية لهؤلاء الطلاب في مسار علمي معترف به على مستوى البجروت، كما هو متاح لجميع الطلاب الآخرين في البلاد. 

 

مدرسة الكرمة حيفا
(وفق البند 27 أ لقانون حقوق النشر 2007)