المحكمة ترفض طلب الدفاع بإلغاء لائحة الاتهام بحق الشيخ كمال خطيب

أكد مركز عدالة ومؤسسة ميزان أنّ قرار المحكمة يُشرعن مسارًا غير قانوني ويكرّس ازدواجية المعايير في التعامل مع الملفات ذات الطابع السياسي، مشيرَين إلى أن أي خلل إجرائي مماثل في قضايا أخرى كان سيؤدي إلى إبطال لائحة الاتهام فورًا.

 رفضت محكمة الصلح في مدينة الناصرة (نوف هجليل)، الأربعاء 15 تشرين الأول 2025، الطلب الذي تقدّم به طاقم الدفاع عن الشيخ كمال خطيب، والمكوَّن من مركز عدالة ومؤسسة ميزان لحقوق الإنسان، لإلغاء لائحة الاتهام بحقه، رغم الخروقات القانونية الجوهرية التي اتسم بها سير المحاكمة، خصوصًا بعد أن أصدرت القاضية الحكم بعد تقاعدها، مما يعد تجاوز واضح للصلاحيات المعطاة لها حسب القانون. 

 

 لقراءة القرار (باللغة العبرية)

 

خلفية القضية – ملف هبة الكرامة

 

أدانت محكمة الصلح في الناصرة الشيخ كمال خطيب في 30 حزيران 2025 بتهمتَي "التحريض على العنف" و"التحريض على الإرهاب"، وبرأته من تهمة "التماهي مع منظمة إرهابية"، على خلفية منشورين على "فيسبوك" وخطبة ألقاها خلال نشاط للجنة المتابعة العليا في سياق أحداث هبّة الكرامة في أيار 2021.

 

وادّعت النيابة أنّ أقوال الشيخ ومنشوراته يمثّلان "دعمًا لمنظمات إرهابية وتحريضًا على العنف"، بينما أكّد الدفاع أنّ جميع الأقوال والمنشورات تقع في إطار الخطاب السياسي والديني المشروع بين الفلسطينيين، وتشكل نقدًا مشروعًا لسياسات الدولة تجاه الفلسطينيين والمسجد الأقصى، وهي محمية بكونها تقع في صلب الحق الدستوري لحرية التعبير عن الرأي. 

 

خلال أربع سنوات من المحاكمة، قدّم طاقم الدفاع شهادات خبراء وشهادات سياسيين ونشطاء دعمت هذا الموقف والتي بيّنت على أنّ أقوال الشيخ خطيب تعبّر عن موقف سياسي وديني مشروع ومتداول

 

جُملة من الانتهاكات الدستورية والقانونية

 

خلال جلسة 15 تشرين الأول 2025، أوضح طاقم الدفاع أن طلبه استند إلى الخرق الجسيم لمبادئ العدالة الإجرائية والمحاكمة العادلة، وحق المتهم في أن تُستكمل محاكمته أمام قاضٍ تابع القضية منذ بدايتها حتى نهايتها. فقد أصدرت القاضية السابقة ملخّصًا لقرار الإدانة في 30 حزيران 2025 (اليوم الأخير قبل تقاعدها يوم 30 آذار 2025) دون نشر نص الحكم الكامل، ثم أصدرت لاحقًا، في 10 آب، نص الحكم المفصّل بعد انتهاء ولايتها القضائية، في مخالفة صريحة للقانون الذي يحدّد فترة أقصاها ثلاثة أشهر لإنهاء القضايا قبل التقاعد، وهي فترة انتهت فعليًا في الموعد المُشار إليه أعلاه.

 

وبيّن طاقم الدفاع أن هذا الإجراء يفقد الحكم صلاحيته القانونية ويشكّل خللًا جوهريًا غير قابل للتدارك مُستقبلًا، إذ إن القاضية التي سمعت الشهادات والأدلة لم تعد مخوّلة قانونيًا باتخاذ قرارات أو التوقيع على أحكام بعد تقاعدها. وأشار إلى أن استمرار المحاكمة بعد هذه المخالفة يمسّ بثقة المتهم والدفاع والجمهور في عدالة ونزاهة القضاء، ويحوّل المحاكمة إلى إجراء فاقد للمشروعية.

 

كما أشار الدفاع إلى أن المحكمة لم تراعِ الفجوة بين قراءتها "تلخيص الإدانة" دون تبرير مكتوب وبين نشرها لاحقًا "نصًا قضائيًا مطوّلًا" بعد التقاعد، مؤكدًا أن هذا الانفصال الزمني والإجرائي يضرب في الصميم مبدأ المحاكمة العادلة ويشكّل خرقًا لمبادئ العدالة والإنصاف. كما لفت الدفاع إلى الفجوة بين تقديم "ملخص الإدانة" دون أسباب مكتوبة ومفصلة، وبين نشر "نص قضائي مفصل" بعد التقاعد بقرابة الشهر ونصف، مؤكدًا أن هذه الفجوة الزمنية والإجرائية تنتهك مبدأ المحاكمة العادلة والمنصفة.

 

ورغم هذه الخروقات، رفضت المحكمة الطلب، معتبرة أن الخطوات التي اتخذتها القاضية السابقة لا تُبطل المسار القضائي، وأنّ "مُلخّص الحكم" الذي قُرئ قبل تقاعدها كافٍ لإثبات صدور القرار ضمن الفترة القانونية، بينما لا يُعدّ نشر الأسباب لاحقًا خللًا جوهريًا.

 

أكد مركز عدالة ومؤسسة ميزان أنّ قرار المحكمة يُشرعن مسارًا غير قانوني ويكرّس ازدواجية المعايير في التعامل مع الملفات ذات الطابع السياسي، مشيرَين إلى أن أي خلل إجرائي مماثل في قضايا أخرى كان سيؤدي إلى إبطال لائحة الاتهام فورًا.

 

وأضاف المركزان أنّ المحكمة تغاضت عن أهمية معيار وأحقية المُتهم بمتابعة ذات القاضي للملف باعتباره حقًا دستوريًا ومركزيًا في المحاكمة العادلة، مُعتبرين أن هذا القرار يعكس نهجًا سياسيًا مُتصاعدًا في ملاحقة القيادات الفلسطينية في الداخل.

 

كما شدّد مركز عدالة ومؤسسة ميزان على أنّ محاكمة الشيخ كمال خطيب منذ بدايتها تندرج في إطار الملاحقة السياسية للقيادات الوطنية الفلسطينية، وأنّ القرار الأخير برفض إلغاء لائحة الاتهام يمثل خطوة إضافية في شرعنة هذا المسار الخطير الذي يهدد العمل السياسي المشروع وحرية التعبير.