عدالة تردّ على المدّعي العسكري العام: التحقيق بشبهة جرائم الحرب في غزّة يفتقد المهنيّة، الحياد والشفافيّة

المسار الوحيد للتحقيق بالعمليّات الخطيرة التي نفّذتها إسرائيل خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة هو التحقيق الدولي

تصوير: عزّ الزعانين
 

رد مركز عدالة، يوم الاثنين 15.9.2014، على قرارات المدّعي العسكري العام التي وصلت المركز يوم 10.9.2014، بشأن أربع توجهات كان قد أرسلها المركز للنيابة العسكرية مطالبًا بالفتح بتحقيقات مستقلة في شبهات لارتكاب جرائم حرب خلال العدوان على قطاع غزة. وتتطرق ردود عدالة إلى قرار النيابة العسكريّة التحقيق بمقتل أربعة أطفال عند شاطئ الصيادين في قطاع غزة بتاريخ 18.7.2014 وقصف خمس مواقع لوكالة غوث اللاجئين- أونروا، على امتداد فترة الحرب، حيث وصلت حصيلة القتلى في الغارات على منشآت الوكالة إلى 47 قتيلًا. كذلك تطرق عدالة إلى قرار المدعي العسكري بعدم فتح أي تحقيق بشأن قصف منزل عائلة كوارع في خان يونس بتاريخ 8.7.2014، وعدم التحقيق في قصف سيارة تابعة للصحافيين يوم 9.7.2014 في حيّ الرمال. وكانت هذه التوجهات الأربع ضمن 14 رسالة مفصلة طالب من خلالها عدالة ومركز الميزان لحقوق الإنسان في قطاع غزة بفتح تحقيق جنائيّ في حوادث مختلفة تثير شبهات جديّة لارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم حرب خلال العدوان على غزة. 

 

> غزة: تغطية خاصّة

وجاء في رسائل عدالة أن إسرائيل "لا تنفّذ واجباتها ولا التزاماتها اتجاه القانون الدولي، أي أنها تحقيقاتها لا تتماشى مع المعايير المطلوبة وفقًا للقانون الدولي وأهمها المهنيّة، الحياد والشفافيّة. إسرائيل، هكذا شددت الرسائل، لم تطبّق توصيات لجنة طركل الصادرة عام 2013، وهي لجنة عيّنتها الحكومة الإسرائيليّة لفحص أحداث سفينة مرمرة وتتضمن جزء خاص متعلّق بالتحقيقات التي يجريها الجيش بشبهات خرق القانون الدولي وجرائم الحرب، وعليه، فإن هذه الأساليب لا زالت غير فعّالة، لا تحقق العدالة للضحايا ولا تحاسب المسؤولين.

المحاميّة سوسن زهر من مركز عدالة وصفت التحقيقات في قصف منشآت الأنوروا على أنها "مصابة بتضارب واضح بالمصالح، فهي تتم بواسطة جهاز تحقيق غير مستقل، تابع للجيش وخاضع للهرميّة والتنظيم الداخليّ في الجيش، وذلك ما يثير الشكّ بأن التحقيقات منحازة تمامًا للجانب الإسرائيلي." كذلك أضافت المحاميّة زهر أن التحقيقات التي يجريها الجيش لا تعتمد على أعراف جنائيّة منصوصة ومعلنة بموجب قوانين الحرب. 

المحامي نديم شحادة من مركز عدالة استهجن في رسائله استخفاف النيابة العسكريّة بحادثة قصف منزل عائلة كوارع، والذي أدى إلى استشهاد 8 من أبناءها، من بينهم 6 أطفال، وبقصف سيارة الصحافة الذي أدى إلى استشهاد ثمانية صحافيين، حيث أعلنت النيابة العسكريّة عن أنها لن تحقق بالحوادث بناءً على "معلومات داخليّة لدى جهاز التحقيق العسكريّ"، دون أن توفّر أجوبة كافية حول هذا القرار، ولم تدل بأي من المعلومات التي تأسست عليها للوصول إلى مثل هذا القرار الخطير. في رسالته تساءل المحامي شحادة: "ما هي تلك المعلومات الاستخباراتيّة التي بموجبها تحوّلت سيارة الصحافيين بالنسبة لكم إلى هدفٍ عسكريّ؟ على ماذا اعتمدتم؟ ما هي الأدلة التي حوّلت الصحافيين الثمانية إلى أهداف عسكريّة؟ وما هي الإجراءات التي اتخذتموها لحماية الصحافيين الذين لم يكن لديهم أي علاقة بالعمليّات القتاليّة؟"

أما فيما يتعلّق بقصف منزل عائلة كوارع فقد تطرق المحامي شحادة إلى ادعاءات النيابة العامّة بأن الجيش قد حذّر السكّان المدنيين عبر مكالمة هاتفيّة وبواسطة الصواريخ التحذيريّة. حيث طلب من المدعي العسكري بأن يفصح عن "المهلة الزمنيّة التي أعطيت للسكّان لكيّ يخلوا المنزل قبل القصف، وإن كانت تكفي فعلًا لخروج جميع السكّان من المبنى." كذلك سأل النائب شحادة إن كان هناك وجود لأي مكان يمكن أن يهرب إليه السكّان دون التعرّض للقصف.

في رسائلهم الأربع تطرّق المحاميّان نديم شحادة وسوسن زهر إلى إشكاليّات جوهريّة تشكك بنجاعة وعمل تحقيقات المدعي العسكري العام. واحدة منها، على سبيل المثال، كانت قضيّة السقف الزمنيّ. حيث طالب عدالة بأن يُحدد ويُعلن سقف زمني، بموجب توصيات لجنة طركل، تنهي خلاله طواقم التحقيق عملها حول الأحداث المذكورة، منعًا للماطلة التي قد تمتد لسنوات طويلة.

هكذا أيضًا اعترض محامو عدالة على وضع مواد التحقيق والأدلة التي يعتمد عليها المدعي العام في قراره بعدم فتح التحقيقات، وفي جهاز التحقيق عمومًا، في إطار المواد السريّة التي من غير الممكن الإطلاع عليها إلا للجهاز العسكري. وجاء في الرسالة أن "منع الحقوقيين من الإطلاع على مواد التحقيق هو منع جارف وعام، يحجب كل الأدلة والمواد دون استثناء." وهو ما يشكك بصحة هذه المواد ودقّتها. 

في ختام رسائله طالب المحامي نديم شحادة أن يتلقّى معلومات إضافيّة حول الفحص الذي أجرته النيابة العسكريّة قبيل اتخاذ قرار فتح التحقيق أو عدم فتح التحقيق. حيث طالب بأن تفصح النيابة العسكريّة إن كانت قد التقت بشهود فلسطينيين من القطاع، وما علاقتها بهؤلاء الشهود وما عددهم.

ختامًا، جاء من مركز عدالة أن "المسار الوحيد للتحقيق بالعمليّات الخطيرة التي نفّذتها إسرائيل خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة هو مساء التحقيق الدولي، لطالما لا تجري إسرائيل أي تحقيق مستقل بشبه الانتهاكات الصارخة للقانون الإنساني الدولي وقوانين الحرب.