هل يعتبر التعذيب في إسرائيل جريمة؟

تطالب المؤسسات في اقتراح القانون بأن يحدد أن العقوبة على من يرتكب جريمة تعذيب تكون 15 عام من السجن

رغم توقيع إسرائيل ومصادقتها على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب والمعاهدة الدولية للحقوق السياسية والمدنية قبل أكثر من عشرين عام، إلا أن إسرائيل لم تقم بملائمة قانونها المحلي لتعاليم الاتفاقيات، ولا يوجد في القانون الإسرائيلي أي ذكر لجريمة التعذيب كما تعرفها الاتفاقيات الدولية. في أكتوبر 2014، حثّت لجنة الأمم المتحدة للحقوق المدنية والسياسية في الأمم المتحدة إسرائيل أن تحظر بشكل واضح التعذيب وسوء المعاملة (الجسدية والنفسية) من خلال قوانين، والتوقف عن استخدام ذريعة "الضرورة" لتبرير استخدام التعذيب، وإنهاء استخدام "الضغط الجسدي المعتدل" كوسيلة تحقيق والقيام بتوثيق التحقيقات مع المشتبهين بتهم أمنية بالصوت والصورة.

كما أن القانون الإسرائيلي يتلاءم حتى مع قرار المحكمة الإسرائيلية العليا الصادر عام 1999 والذي يمنع ممارسة التعذيب في أغلب الحالات. فالقانون الإسرائيلي والأنظمة الداخلية التي تحكم عمل الجيش والشاباك وسلطة السجون في مليئة بالثغرات التي تتيح أنماط مختلفة من التعذيب والمعاملة المحظورة التي تستخدم خلال التحقيق مع المشتبهين الفلسطينيين بهدف انتزاع معلومات واعترافات منهم. كما أن الكثير من ممارسات سلطة السجون الإسرائيلية بحق السجناء الفلسطينيين تندرج ضمن نطاق التعذيب أو المعاملة المحظورة التي ينبغي أن يعاقب عليها القانون.


> إقرأوا النسخة الكاملة من اقتراح القانون باللغة العبريّة أو الإنجليزيّة



وفي محاولة لحمل إسرائيل على ملائمة قانونها لالتزاماتها وفقا للمواثيق الدولية لمناهضة التعذيب، بعث مركز عدالة إلى كافة أعضاء الكنيست والوزراء والجهات ذات الصلة اقتراح قانون، يشير إلى التعديلات الضرورية والتي على البرلمان الإسرائيلي سنها في هذا السياق. ويهدف اقتراح القانون إلى إنهاء انعدام المساءلة والإفلات من العقاب التي يتمتع بها حاليًا مرتكبي التعذيب، وإلى الحد من انتزاع الاعترافات القسرية.

و بالإضافة إلى أساليب التعذيب "التقليدية" والتي تتضمن الاعتداءات الجسدية، يعرف اقتراح القانون المعاملة القاسية واللا-إنسانية والمهينة كجريمة يعاقب عليها القانون، كما تنص المواثيق الدولية. ومن ضمن الأمثلة التي تقع ضمن هذا التعريف، معاناة الأسرى والمعتقلين خلال نقلهم في سيارات سلطة السجون من المعتقلات إلى المحاكم أو المستشفيات. فخلال هذه السفرات التي تستغرق ساعات طويلة وأضعاف الوقت الذي تحتاجه فعليًا، يمنعهم قضاء حاجاتهم ولا يتم تزويدهم بوجبات الطعام اللازمة بانتظام، ويضطرون الجلوس ساعات طويلة على المقاعد الحديدية التي تزيد من معاناتهم خلال السفرات. كما يعبر تهديد المعتقلين بالمساس بهم وبعائلاتهم بهدف إرهابهم ونزع اعترافات منهم أثناء التحقيق نوع من أنواع المعاملة المحظورة والي يجب أن يخالف عليها القانون.

ومن أبرز ما جاء في اقتراح القانون، تعريف التعذيب والمعاملة القاسية واللا-إنسانية والمهينة كجرائم يعاقب عليها القانون. ففي الوضع الراهن ليس هنالك بند في القانون الإسرائيلي يتطرق لهذه الجرائم. وتطالب المؤسسات في اقتراح القانون بأن يحدد أن العقوبة على من يرتكب جريمة تعذيب تكون 15 عام من السجن الفعلي أو السجن المؤبد إذا أدى التعذيب إلى مقتل الشخص. كما تقترح المؤسسات فرض عقوبة السجن الفعلي لمدة 7 أعوام ضد من يدان بتهمة المعاملة القاسية والمهينة.

كما تطالب المؤسسات في اقتراح القانون بإقامة وحدة خاصة، مستقلة ومهنية للتحقيق في شكاوى السجناء والمعتقلين عن تعرضهم للتعذيب. ومن المقترح أن تضم اللجنة مختصين في مجال القانون والطب والعلاج النفسي. وبموجب المقترح، تمنع هذه اللجنة من إغلاق أي من الملفات بحجة "عدم وجود مصلحة للجمهور". وينص الاقتراح على وجوب إقامة لجنة خاصة لدعم ومساعدة ضحايا التعذيب، على أن تكون اللجنة ذات المهنية والاختصاص المطلوب لمعالجة الحالات التي تنجم عن التعذيب. كما يجب على الحكومة أن ترصد ميزانية خاصة لتمويل عمل هذه اللجنة ولدفع تعويضات لمن يتعرض للتعذيب وفق ما تنص عليه المواثيق الدولية.