العليا تصادق على الأنظمة التي تمنع الغزيين المشتكين ضد الجيش الإسرائيلي من دخول البلاد لإتمام الإجراءات القضائية

دليلا قاطعًا على الإجحاف المطلق

رفضت المحكمة العليا بعد ظهر اليوم الثلاثاء، 16.12.2014، التماس مؤسسات حقوق الإنسان ضد السياسة الإسرائيلية التي تمنع من سكان قطاع غزة الذين تقدموا بدعاوى أضرار ضد الجيش الإسرائيلي ومن الشهود من طرفهم من دخول البلاد بهدف إتمام الإجراءات القضائية. وقد قدم مركز عدالة هذا الالتماس بالتعاون مع مركز الميزان لحقوق الإنسان-غزة والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وذلك باسم أربعة أشخاص من سكان قطاع غزة الذين قدموا دعاوى أضرار ضد الجيش الإسرائيلي، لكن طلباتهم للحصول على تصريح دخول إلى إسرائيل رفضت مرة تلو الأخرى.

ورغم رفض الالتماس، تطرق القضاة في قرارهم إلى تضارب المصالح الذي تخلقه هذه السياسة بين كون إسرائيل هي الجهة المشتكى ضدها وبين كونها هي من يقرر من بإمكانه الوصول إلى المحكمة ومن لا يستطيع ذلك. وذكرى القاضي روبينشطاين في قرار الحكم أن الدولة تعتمر قبعتين في آن واحد، "فهي المسؤولة عن الأمن من جهة، والمشتكى ضدها من جهة أخرى، وأنه عليها الاهتمام بقد الإمكان أن لا تخلط بين الأمرين".

يذكر أنه في أعقاب تقديم الالتماس، طرحت النيابة العامة أمام المحكمة العليا أنظمة جديدة "لفحص طلبات الدخول من قبل فلسطينيين سكان غزة بهدف إدارة الإجراءات القضائية في إسرائيل". وجاء في الأنظمة أنه على النيابة أن تفحص إمكانية تسهيل إدارة الملفات القضائية، طالما لا يضر ذلك بموقف الجيش في القضية!

وردًا على ادعاء الملتمسين أن هذه الأنظمة تؤدي إلى تضارب مصالح، ذكرت المحكمة اليوم أنه "لا ننكر أنه لدينا انتقادات على هذا الفصل، حتى وإن لم يكن هنالك نية مسبقة لذلك، والأمر يعود إلى القبعتين اللتان تعتمرهما الدولة في هذه الحالة كما أسلفنا".

وقد امتنعت المحكمة في قرار الحكم من التطرق إلى الانتهاك الخطير الناجم عن هذه السياسة للحقوق الدستورية للمشتكين ولحقهم بالحصول على تعويضات بسبب الأضرار التي لحقت بهم، حيث ذكر القاضي روبينشطاين أنه يجب رؤية هذه القضية ليس "من منظور دستوري مرموق بل بمنظور عملي..." وأضاف أن تقديم الشكاوى وإدارة الملف يجب أن لا تؤدي إلى "المس بالأمن".

وردًا على قرار الحكم جاء من مركز عدالة أنه "على الرغم من أن المحكمة تنتقد الأنظمة الجديدة فإنها تطلب من المشتكين العمل بموجبها، وذلك رغم أن النيابة لم تستطع أن تعطي مثالاً واحدًا لشخص حصل على تصريح دخول إلى البلاد بموجب هذه الأنظمة. قرار الحكم الصادر اليوم، يغلق عمليًا الإمكانية أمام سكان قطاع غزة من الوصول إلى المحاكم في البلاد، ويصادق على الأنظمة غير القانونية التي تمس بالحقوق الدستورية للمشتكين. كما أن هذه الأنظمة تغلق الطريق أمام محامين مواطني إسرائيل للقاء موكليهم في قطاع غزة. إن عدم وجود إمكانية فعلية للوصول إلى المحاكم، يؤدي اليوم إلى رفض دعاوى الأضرار في المحاكم الإسرائيلية بادعاء عدم حضور المشتكي أو الشهود من طرفه.

من جهته رأى المحامي حسن جبارين مدير عام مركز عدالة أن قرار المحكمة "يتناقض جذريًا مع مبادئ القانون الدولي الإنساني التي تقرّ بشكل واضح وحاسم حقّ ضحايا الاحتلال بالتقدّم بدعاوى أضرار أمام المحاكم التابعة للدولة المحتلّة، وأن يكون الإجراء القانونيّ متاحًا أمامهم بشكلٍ ناجعٍ وعادل. كذلك، فإن قرار المحكمة يتضارب مع الادعاءات التي عرضتها وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة أمام محاكم الدول الأوروبيّة، حيث ادعت الخارجيّة أنه بإمكان الفلسطينيين تقديم الدعاوى للمحاكم الإسرائيليّة ولا حاجة لبتّ المحاكم الأجنبيّة بهذا الشأن."

أما راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فعقّب على قرار المحكمة بأنه يأتي "بعد سلسلة من الإجراءات الإدارية والتشريعية، والتي تلخصت في التعديل رقم 8 لقانون الأضرار، وهو يشكل دليلا قاطعًا على الإجحاف المطلق وانعدام العدالة تجاه الفلسطينيين ضحايا جرائم الحرب الإسرائيلية. كما يشكل القرار إعلانًا واضحًا وبما لا يدع مكانًا للشك، ومن أعلى مستوى قضائي إسرائيلي أن المنظومة القضائية الإسرائيلية تقاطع الضحايا وليس العكس. بهذا القرار، تعلن المحكمة أنه بكل أسف، ليس أمام الفلسطينيين أي خيار آخر سوى آليات العدالة الدولية."

كذلك، شدد عصام يونس، مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة ردًا على قرار المحكمة بأنه قرار يؤكد مجددًا أن المنظومة القضائية في إسرائيل تعمل بالسياسة بدلا من العدالة، وتحرم ضحايا الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي من أي احتمال للحصول على تعويض. وأضاف يونس أن "العشرات من ضحايا هذه الانتهاكات في غزة وصلتهم رسالة واضحة من المحكمة العليا الإسرائيلية: لا يهم ما تعانيه، ليس هنالك أي احتمال للتحقيق العدالة في النظام القضائي الإسرائيلي. في هذا الوضع إما أن يتدخّل المجتمع الدولي من أجل حماية الفلسطينيين من هذه الانتهاكات للقانون الدولي، أو نتوقع ما هو أسوأ من الوضع الحالي."