عدالة والضمير يستأنفان ضد إغلاق ملف التحقيق في إعدام الفتى مصطفى خطيب

يظهر من مواد التحقيق أن محققي "ماحاش" لم ينفّذوا أيّ عمليّة تحقيق مستقلة في إطار الملف. وأغلاق الملف اعتمد على المواد التي وصلت إلى الوحدة من الشرطة، بما في ذلك الافادات التي قدّمها رجال الشرطة لمحققي الشرطة في موقع الحادثة.

قدّم مركز عدالة والضمير استئنافًا لوحدة التحقيق مع رجال الشرطة ("ماحاش") ضد قرارها إغلاق ملفّ التحقيق في ملابسات استشهاد الفتى المقدسيّ مصطفى خطيب (17 عامًا) برصاص حرس الحدود في شهر تشرين أوّل/أكتوبر 2015، في منطقة باب الاسباط في القدس. وكانت الشرطة الإسرائيليّة قد ادّعت أنها أطلقت النار باتجاه الفتى اثر محاولته طعن أحد رجالها. هذا وقدّم مركز عدالة الاستئناف باسم عادل خطيب، والد الشهيد، مطالبًا بإعادة فتح ملف التحقيق بعد أن أعلنت "ماحاش" عن إغلاقه "لعدم وجود أساس من الحقائق التي تدلّ على ارتكاب مخالفة جنائيّة من قبل رجال الشرطة".

 

وجاء في الاستئناف الذي قدّمه المحاميّان آرام محاميد وفادي خوري من مركز عدالة أنّه "من النظر في ملف التحقيق لدى "ماحاش"، وملف الشرطة، وكذلك من التوثيق البصري الذي حصلنا عليه في الأشرطة الجزئيّة التي وصلت إلينا من قبل الشرطة، تظهر صورة تثير شبهات فعليّة حول صحّة المبررات التي استخدمتها "ماحاش" لإغلاق الملف، كما تظهر شبهات جديّة جدًا حول قانونيّة إطلاق النار الذي أدى إلى مقتل المرحوم. ليس ذلك فقط، إنما هناك شبهات جديّة حول طبيعة معالجة "ماحاش" لهذا الملف والتي تعاني من إخفاقات تحقيقٍ جديّة".

 

وجاء في توجّه عدالة أن وحدة "ماحاش" لم تحقق بالحادثة بشكلٍ عمليّ إذ "يظهر من مواد التحقيق أن محققي "ماحاش" لم ينفّذوا أيّ عمليّة تحقيق مستقلة في إطار الملف. قرار "ماحاش" بإغلاق الملف اعتمد على المواد التي وصلت إلى الوحدة من الشرطة، بما في ذلك الافادات التي قدّمها رجال الشرطة لمحققي الشرطة في موقع الحادثة. لم تقم الوحدة بأي عمليّات أخرى، وذلك رغم وجود عدد من الأسئلة التي لم تقدم لها أي إجابة كافية حتّى الآن. إعتماد  "ماحاش" بشكلٍ حصريّ على المواد التي قدّمتها الشرطة، يُشير إلى عطبٍ جذريٍ في أجهزة واداء "ماحاش". الشرطة في حالة تضارب واضحٍ للمصالح ولا يمكنها أن تكون الهيئة التي تحقق مع رجالها (رجال الشرطة المتورطين بالحادثة). وهو ما يعمّق شكوكنا بشأن استقلاليّة "ماحاش"، نجاعتها وموضعيّتها في إدارة ملفّات التحقيق".

 

هذا واستعرض المحاميّان خوري ومحاميد عددًا من الثغرات في التحقيق والتي تثير شبهات جديّة بأنّ التحقيق لم يكن إلا صوريًا: "مثلًا، فإن "تقرير العمليّة" (وهو التقرير الذي يعبئه رجال الشرطة بعد كل عملية يقومون بها) الذي يصف الحادثة مأخوذ من حادثة أخرى حصلت قبل يومين، وليس في ملف تحقيق أي تقرير عمليّاتي متعلّق بالحادثة الذي يجري التحقيق فيها؛ كذلك، فإن السكّين التي يدّعي رجال الشرطة أن الفتى حاول الطعن بواسطتها، ليس لها صورة بين صور الموجودات التي في ملف التحقيق كما وصلنا؛ ورغم أنّ المواد التي نُقلت من الشرطة إلى "ماحاش" لا يوجد بها أي صور تم تصويرها في موقع الحادثة، لم تطلب ماحاش من الشرطة أن تكشف هذه الصور، وليس من الواضح بحسب ملف التحقيق إن كان الشرطي قد طُعن فعلًا، وما شكل إصابته. ويظهر كذلك أن رجال الشرطة الذي أطلقوا النار لما يُسألوا أبدًا عن سبب إطلاقهم للنيران القاتلة للقسم العلويّ من جسد المرحوم، في الوقت الذي لم يشكّل فيه أي خطرٍ على حياتهم، وهو ما يظهر من مشاهدة تسجيلات الحادثة. كذلك، لم تجمع "ماحاش" أي شهادات شهود عيان من المارة، وليس من الواضح لما تنازلت الشرطة عن عمليات تحقيق ناجعة مثل تشريح جثّمان المرحوم، فحص خارجي للجثمان، وتمثيل CT."

 

بالإضافة لذلك، فقد جاء في الاستئناف الذي قدّمه عدالة أن ما يعرضه تسجيل الفيديو للحادثة يتناقض تمامًا مع استنتاجات ماحاش بأنّ رجال الشرطة كانوا "بحاجة لإطلاق النار من أجل إحباط محاولة الطعن وإيقاف الخطر". وذكر المحاميّان خوري ومحاميد أن "تسجيلات الفيديو التي أُرفقت لملف التحقيق من قبل الشرطة، يمكن أن نشاهد فيها رجل حرس الحدود يقع أرضًا بينما يركض المرحوم يسارًا. بعد أن ابتعد المرحوم مسافة أمتار من رجال الشرطة، بدأوا بإطلاق النار عليه من الخلف. ويظهر من التسجيل بوضوح أن المرحوم كان بحالة هربٍ خلال اطلاق النار عليه، ولم يكن يشكل أي خطر فعليّ، وخاصةً ما يبرر إطلاق الرصاص القاتل"، أضف إلى ذلك، وبحسب تقرير الطبيب الشرعي د. صابر العالول من معهد الطب الشرعي في جامعة القدس، والذي شرح جثمان الشهيد، فإن أغلبية العيارات النارية الساحقة وجهت نحو القسم العلويّ من جسده، ومن جانبه الخلفيّ.

 

وخلص المحاميّان خوري ومحاميد  في استئنافهما إلى أن "هذه الملابسات، بما في ذلك تسجيل الفيديو الذي يوثق الحادثة والموجود في ملف الشرطة، تدلّ بوضوح على أن اطلاق النار نحو المرحوم لم يكن مبررًا". وأضافا: "هناك شُبهات، وذلك بالحد الأدنى، بأن اطلاق النار نحو المرحوم قد تم بما يتناقض مع أوامر إطلاق النار، وعليه فهو يشكّل مخالفة للقانون. هذه الشبهات تجبر "ماحاش" على القيام بعمليات تحقيق جديّة ومستقلّة، وعدم الاكتفاء بمواد التحقيق الجزئيّة التي جمعتها الشرطة بعد الحادثة."

 

بناءً على ما تقدّم، طالب مركز عدالة بإعادة فتح ملف التحقيق بشأن قتل مصطفى خطيب، وإدارة التحقيق بشكلٍ مهنيّ، موضوعيّ، سريع وناجع.