الجيش الإسرائيليّ يُهدد عائلات في غزّة عبر فيسبوك

يهدّد الجيش الإسرائيلي بالهجوم على المدنيين والأهداف المدنيّة في منطقة مكتظة بالسكّان، بشكلٍ لا تبرير له، ودون أي معطياتٍ عن هجومٍ مرتقب، وبمسوّغات واهية. ويُمكن الاستنتاج من ذلك أن هدف هذه المنشورات هو التهديد ودبّ الذعر بين المدنيين.

نشر الجيش الإسرائيليّ منشورًا عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، يُهدد فيه عائلة فلسطينيّة في قطاع غزّة بتدمير بيتها وحياتها. وكان المنشور قد ظهر يوم (10.8.2017) في الصفحة العربيّة لمنسّق عمليّات الحكومة الإسرائيليّة في المناطق المحتلّة، يوآف مردخاي. وادّعى مردخاي في المنشور أن الجيش الإسرائيليّ كشف نفقين تابعين لحركة حماس، وأن فتحات الأنفاق وبنيتها التحتيّة قائمة، بحسب ادعاء المنسّق، تحت مسجد التقوى وتحت مبنى سكنيّ تسكنه عائلات غزيّة في بيت لاهيا. وقد أعلم مردخاي العائلات القاطنة بمحاذاة المسجد والمبنى السكنيّ، بأن حياتهم مهدّدة لأنّ إسرائيل ستقصف بيوتهم ردًا على أي هجومٍ ضدّها. وأرفق مردخاي بالمنشور صورًا يظهر فيها منزل عائلة السيّد محمّد حمّاد، ويتألف المبنى من 4 طوابق ويسكن فيه 21 نفرًا، من بينهم 12 طفلًا و-4 نساء.

 

 

 

ردًا على المنشور، بعث مركز عدالة ومركز الميزان لحقوق الإنسان (غزة) برسالة باسم محمّد حمّاد إلى المدّعي العسكريّ العام، شارون آفيك، وإلى منسّق عمليّات الحكومة في المناطق المحتلّة، يوآف مردخاي، مطالبين بإزالة المنشورات التي يظهر بها المبنى الذي تقطنه عائلة حمّاد كهدفٍ للقصف، وإزالة كل تهديدٍ له أو لأبناء عائلته أو بيتهم. كذلك، طالبت المنظّمات الحقوقيّة الجيش الإسرائيليّ بالامتناع عن أي نشرٍ مشابه مستقبلًا.

 

وجاء في الرسالة التي بعثت بها المحاميّة منى حدّاد من مركز عدالة، أن تهديدات الجيش الإسرائيليّ تدبّ الرعب بين أبناء العائلة وتمسّ بسير حياتهم: "منذ ظهرت هذه المنشورات ومكالمات التهديد الهاتفيّة، يعيش موكّلي وأبناء عائلته حالة هلعٍ ورعب، وتحت تهديدٍ مستمرٍ لحياتهم، وبإمكانيّة أن يُقصف ويُهدم بيتهم ويُقتلوا في أي لحظة. نتيجة هذا التهديد، غادر جزءًا من أبناء العائلة بيتهم وانتقلوا للعيش في أماكن أخرى، بينما لم يتمكّن آخرون من إيجاد سكنٍ بديلٍ ولا زالوا يعيشون تحت وطئة التهديد. ومن نافلة القول أن المباني السكنيّة ليس فيها أي مدخلٍ لأي نفقٍ، وليس لموكّلي أي علمٍ بمثل هذه الادعاءات."

 

كذلك جاء في رسالة المنظمات الحقوقيّة أن منشور الفيسبوك في صفحة المنسّق يشكّل انتهاكًا للقانون الإنسانيّ الدوليّ، والذي يتضمّن مبدأ التمييز بين الأهداف العسكريّة والأهداف المدنيّة: "لا يُمكن اعتبار أقوال المنسّق، أو المعلومات المنشورة في الصحافة، تحذيرًا للمدنيين. إذ يهدّد الجيش الإسرائيلي بالهجوم على المدنيين والأهداف المدنيّة في منطقة مكتظة بالسكّان، بشكلٍ لا تبرير له، ودون أي معطياتٍ عن هجومٍ مرتقب، وبمسوّغات واهية. ويُمكن الاستنتاج من ذلك أن هدف هذه المنشورات هو التهديد ودبّ الذعر بين المدنيين."

 

كذلك، جاء في الرسالة أن الهجوم الذي يهدد الجيش الإسرائيليّ بتنفيذها هي هجمة غير متناسبة: "حتّى وإن وُجد عدد كبير من المقاتلين، وهو ما قد يُعتبر مسوّغًا قانونيًا للهجوم، فإن ذلك لا يشكّل تبريرًا لقصف المدنيين بأي حالٍ من الأحوال. إذ أن الضرر الذي سيتسبب به القصف سيكون غير تناسبيًا. ويتناقض هذا الهجوم مع مبدأ التناسبيّة كما يضمنه القانون الإنسانيّ الدوليّ، والذي يمنع الجيش من تنفيذ عمليّات تتسبب بقتل المدنيين بما يضاهي التفوّق العسكريّ المنشود مباشرةً من العمليّة العينيّة."

 

على ضوء ذلك، طالب مركزا عدالة والميزان بإزالة هذه المنشورات، وبتوقّف الجيش الإسرائيليّ عن ممارسة أي تهديد ضدّ العائلات والامتناع عن أي خطوات مماثلة مستقبلًا.