"قررّت أن لا تقرر": قراءة في سياسة المحكمة الجديدة

مذكرة عدالة | مجلة عدالة الألكترونية، 101، شباط 2013
ما يدفعه المستهلك البدوي أضعاف ما يدفعه أي مستهلك آخر في البلاد

سياسات المحكمة العليا في إسرائيل
المحكمة العليا. "يستغلون سلطتهم لعدم القرار" 

 



في 13 شباط 2013، قررت المحكمة العليا شطب الالتماس الذي قدمه مركز عدالة عن النائبة حنين زعبي في العام 2010. فسّرت المحكمة قرارها بأن دخول الكنيست الجديدة ينهي صلاحيّة سحب الحقوق البرلمانيّة المشتقّة من الكنيست السابقة. وقد شددت الهيئة القضائية المكوّنة من سبعة قضاة، بأنه لا حاجة لـ"تخصيص الموارد المحدودة للبحث في مسألة نظريّة." يأتي هذا القرار الاستثنائي في أعقاب جلسات عديدة للبت في القضيّة على مدار عامين، والقضيّة عالقة لا تنتظر غير القرار. لو أن المحكمة اتخذت قرارها في الوقت المناسب، لكان من الممكن منع الممارسات غير القانونيّة وغير الديمقراطيّة التي اتخذتها الكنيست. في قرارها عدم اتخاذ أي قرار، تمتنع عن التدخّل في نطاق السلطة التشريعيّة في مثل هذه القضايا. هذه السياسة قد تعطي للكنيست الجديدة الضوء الأخضر لمواصلة ممارساتها العقابيّة بحق ممثلي الأقليّة.

 


 

في 4 شباط 2013، استخدمت المحكمة العليا ذات التبريرات لشطب التماس آخر لعدالة باسم النائب أحمد طيبي ضد قرار رئاسة الكنيست السابقة لمنع تقديم اقتراح قانون للنائب الطيبي وعدم عرضه أمام البرلمان. ورغم أن الالتماس وضع أمام المحكمة منذ تموز 2011، وحُددت جلسة الاستماع في شباط 2013، قررت المحكمة أن تنتظر الانتخابات ودخول الكنيست الجديدة حتى تحسم في هذا الالتماس المثير للجدل. المحكمة من جهتها اقترحت على النائب الطيبي أن يقدّم اقتراح القانون من جديد للكنيست الجديدة، وهو اقتراح قانون يفرض عقوبات على من لا يعترف بنكبة الفلسطينيين.


في 6 شباط 2013، شطبت المحكمة العليا التماس عدالة ومنظمات حقوقيّة أخرى، والذي قدّم في العام 2002، ضد تمديد سريان القانون الذي يعفي الشرطة وجهاز المخابرات الإسرائيليّة من توثيق التحقيقات مع الأسرى المتهمين بتهم أمنيّة بالصوت والصورة. في هذه القضيّة، قبلت المحكمة ادعاء وزارة العدل بأنها ستفحص إمكانيّة إيجاد بدائل لهذا الإعفاء حتى العام 2015، واعتمادًا على هذا الادعاء شطب المحكمة الالتماس بحجّة أنه لا حاجة للاستمرار بالبت في هذا الالتماس. هذا القرار الاستثنائي غير مسبوق، والذي تسمح فيه المحكمة باستمرار الممارسات العنيفة والخطيرة الي تنتهك حقوق المعتقلين الفلسطينيين، كما تسمح المحكمة للأجهزة الأمنية بمواصلة انتهاك القانون الدولي لسنوات.  يوم واحد قبل صدور هذا لاحكم، نشرت لجنة طيركل تقريرها الذي تأتي ضمنه توصيات لجهاز المخابرات بتوثيق التحقيقات الكاملة مع المعتقلين، وهي توصيات تتناقض بشكل تام مع قرار المحكمة. رئيس الشاباك السابق، يوفال ديسكين، صرّح في شهادته أمام لجنة طيركل، بأنه يجد التوثيق بالفيديو "ملائما".


 

تأجيل العدالة يلغي العدالة

في كل من هذه القضايا، تقرر المحكمة العليا بقيادة القاضي آشير غرونيس، الذي ترأس المحكمة قبل عام، أن تستخدم انتخاب الكنيست الجديدة والوعودات التي تعطيها الدولة بإعادة النظر بقراراتها من أجل أن تثبت سياسة "قرار اللا-قرار". سياسة النأي بالنفس الجديدة هذه تعفي المحكمة من اصدار احكام موضوعيّة حول القضايا المثيرة للجدل، والتي تثير مسألة الحقوق الدستوريّة.

 


 

عليه، فإن محكمة القاضي غرونيس العليا تضع استراتيجية جديدة في مواجهة القضايا الدستورية الموضوعة أمامها: تؤجل القضايا وتتفاداها كليًا. كانت المحكمة العليا بقيادة أهرون باراك ودوريت بينيش قد استخدمت الوقت بشكل مختلف، استخدمته لإفساح المجال للتغيير في الظروف السياسية المحيطة بهدف اتخاذ قرارات إيجابيّة في وقتٍ لاحق. هذه القضايا تكشف بأنه محكمة غرونيس تستغل سلطتها لعدم القرار.