المُطالبة بالعدالة للمُعتقلين محمّد جبارين وأحمد خليفة في أعقاب مُشاركتهما بمُظاهرة بأُم الفحم

تهتمّ هذه الصفحة بتتبّع سيرورة مُحاكمة كل من الشابّين محمّد جبارين وأحمد خليفة، الذين اعتُقلَا في أعقاب مُشاركتهما في المُظاهرة المُندّدة بالحرب على غزّة في أُم الفحم، وذلكَ في التاسع عشر من أكتوبر 2023. بعد فضّ المُظاهرة واعتقال 11 مُتظاهرًا، نجحَ طاقم الدفاع عن المعتقلين المكون من محاميين عن مركز عدالة ومجموعة من المحامين المُتطوّعين بإطلاق سراح 9 مُتظاهرين منهم (للاطّلاع على عمل عدالة في الدفاع عن الحقّ في التظاهر بشكل عام، اضغط\ي هنا)، فيما مَدَّدت اعتقال اثنين منهم بعد إضافة شُبهات بالتحريض والتماهي مع الإرهاب. لاحقًا، قَدَّمت النيابة العامّة لائحة اتّهام ضدّهما بناءً على التُهم ذاتها. تأتي مُلاحقة هذين الشابّين كجزء من سياسة عامّة تنتهجها الشُرطة الإسرائيليّة، ومُؤسّسات أُخرى، لمُلاحقة النشاط السياسيّ والنشطاء السياسيّين في الداخل الفلسطينيّ، وهي ما اتّخذت منحًى أكثر تطرُّفًا وشراسةً منذُ بداية الحرب مع غزّة في السابع من أكتوبر 2023،  من خلال قمع كُل أشكال حُرّيّة التعبير عن الرأي.

 

نستعرض في هذه الصفحة مَضامين وتفاصيل الجلسات في قضيّة جبارين وخليفة، وهُما فردان ناشطان وفعّالان بمجالَي العمل الاجتماعيّ والإنسانيّ بالداخل الفلسطينيّ؛ يُمثّلهما في الإجراءات الجنائيّة مركز عدالة مع المُحامية أفنان خليفة ( يدعمها صندوق المُدافعين عن حقوق الإنسان). 

 

تصوير: محمّد خليليّة

 

سيرورة مُحاكمة جبارين وخليفة

(١) الاعتقال

 

يوم الخميس|19.10.2023| الشرطة تفضُّ مُظاهرة أُم الفحم وتعتقل 12 متظاهرًا (منهم 4 قاصرين)، ومن ثمّ أحالت 11 منهم إلى المحكمة لتمديد الاعتقال في اليوم التالي.

 

يوم الجمعة|20.10.2023| محكمة الصلح في حيفا تُمدّد اعتقال جميع المُعتقلين حتّى يوم السبت بدون عقد جلسة استماع أو أي مُداولات جدّيّة في جلسة المحكمة بحجّة دخول عطلة يوم السبت اليهوديّ. 

 
ليلة يوم السبت| 21.10.2023| - |فجر يوم الأحد|22.10.2023|  محكمة الصلح في حيفا تُقرَّ إطلاق سراح تسعة مُتظاهرين (من بينهم الأربعة القاصرين) بشروط مُختلفة، فيما مدّدت اعتقال محمد جبارين واحمد خليفة حتّى 25 أكتوبر بعد إضافة شُبهات بالتحريض إلى ملفّهما. 
 

للاطّلاع على المزيد من التفاصيل حول عمل عدالة في الأيّام الثلاث الأولى بعد اعتقال مُتظاهري أُم الفحم في السياق الأوسع والأعمّ لقمع المُظاهرات في الداخل الفلسطينيّ، اضغط\ي هنا.


 

الأربعاء|25.10.2023| مَحكمة الصُلح في عَكَّا، تُقرّر تمديد اعتقال المُتظاهرين محمّد طاهر جبارين والمُحامي أحمد خليفة، على خلفيّة مُشاركتهما في مُظاهرة أُم الفحم، وذلكَ حتّى التاسع والعشرين من أكتوبر لأنّه وبحدّ زعم الشرطة فهما من قيادات المُظاهرة. وكانَ قد مَثَّلَ المُعتقلين في هذه الجلسة كلّ من المحامي د. حسن جبارين من مركز "عدالة"، والمحامي محمد فوزي محاجنة، والمحامي خالد رسلان محاجنة والمحامية أفنان خليفة. وفي تعليقه على قرار المحكمة، أشارَ د. حسن جبارين، المُدير العام لمركز عدالة إلى أنّ هذا الاعتقال ما هُوَ إلّا شكل من أشكال المُلاحقة السياسيّة على خلفيّة التعبير عن الرأي، ذلكَ أنَّهُ وإن صَحَّ ادّعاء الشرطة، بكون المُعتقلين من قيادات المُظاهرة، فهذة ليست بجريمة كما  أنّهما لم يُسبّبا الأذى لأيّ شخص كان ولم يَمُسَّا بمُمتلكات جماهيريّة، وهو ما يَنقُض شرعيّة الاعتقال.

تصوير: مصطفى زعبي
 

الخميس|26.10.2023| المَحكمة المَركزيّة في حيفا تَرفض الاستئناف بشأن تمديد اعتقال محمّد طاهر جبارين، وتُبقي على قرار محكمة الصلح في عكّا الذي صدرَ قبلَ يوم بتمديد الاعتقال ليوم الأحد 29.10.2023.

 

الأحد|29.10.2023| محكمة الصُلح في عكّا تُقرّر تمديد اعتقال مُعتقليْ مُظاهرة أم الفحم، مُجدّدًا، حتّى يوم الخميس المُوافق 02.11.2023.

 

الخميس|02.11.2023| الشرطة الإسرائيليّة تُطالب مَحكَمة الصُلح في عكّا، بتمديد اعتقال محمّد طاهر جبارين وأحمد خليفة لمُدّة خمسة أيّام، حتّى يتسنّى لها تقديم لوائح اتّهام ضدّ المُعتقلَين، بتهم "التماهي مع مُنظّمة إرهابية" و"التحريض على عمل إرهابيّ". في دفاعه، ادّعى طاقم الدّفاع، المُكوّن من المُحامي د. حسن جبارين والمحامية ميسانة موراني عن مركز عدالة، والمُحامية أفنان خليفة، عدم وجود أي مُبرّر\مُسَوّغ للتُهم المنسوبة للمُعتقلَين إذ أنّ اعتقالهم جرى من الأساس على خلفيّة مُشاركتهم في مُظاهرة لا غير. وأوضحَ الطاقم، أنّ لا مُبرّر قانونيّ لفترة الاعتقال الطويلة، إذ أَمكنَ للمحكمة الاكتفاء ببدائل أُخرى للاعتقال، مثل الاعتقال المنزليّ أو غيرها من التقييدات الضروريّة حتّى انتهاء القضيّة. إلّا أنّ المحكمة؛ والتي صادقت على طلب الشرطة ومدّدت الاعتقال حتّى السادس من نوفمبر؛ بَرَّرت قرارها بأنّ الحرب التي تمرُّ بها الدولة، تمنح أساسًا قانونيًّا للاعتقال ولهذه التُهم، إذ أنّ بدائل الاعتقال غير كافية للتعامل مع "الخطورة" المنسوبة لهما حسب تعبير المحكمة.

 

(2) تقديم لائحة الاتهام

 

الإثنين|06.11.2023| بعد 18 يومًا من الاعتقال، النيابة العامّة تُقدّم لائحة اتّهام بحق مُعتقلَيْ مُظاهرة أُم الفحم التي خرجت دعمًا لغزة، تشمل تُهمًا "بالتحريض على الإرهاب" وَ"التماهي مع تنظيم إرهابيّ" مُعتبرةً إيّاهُما من قيادات المُظاهرة وَمُدّعِيَةً أنّ الشعارات التي قيلت في المظاهرة تُشكِّلً تحريضًا على الإرهاب ودعمًا له. كما وطالبت النيابة العامّة بتمديد اعتقال المُتّهمين حتّى انتهاء الإجراءات القضائيّة بحقّهما. وتشكل لائحة الاتهام هذه خُطوة غير مَسبوقة لاعتقال ومُحاكمة أي شخص على خلفيّة مشاركته في مُظاهرة أو ترديده لشعارات فيها. 

 
 
موقف عدالة من لائحة الاتّهام| إنّ تقديم لائحة اتّهام بحقّ الشابّين محمّد جبارين وأحمد خليفة هي حالة استثنائيّة وغير مسبوقة إذ عادةً ما تنتهي قضايا المُظاهرات بفترة اعتقال قصيرة جدًّا لا غير. هذه هي الحالة الأولى المعروفة لنا والتي تقوم بها النيابة بتقديم لائحة اتّهام على المشاركة بمظاهرة لم يكن بها أي أعمال يمكن أن تعتبرها الشرطة عنيفة أو مُخلّة بالأمن العام، إذ تدورُ لائحة الاتّهام كلها حول شعارات رُدِّدَت في مُظاهرة وهي ليست بشعارات جديدة إنّما شعارات يتمّ ترديدها، منذ النكبة، في كُل مظاهرة مناهضة للعدوان على غزة. وعليه فإنّ لائحة الاتّهام هذه ما هي إلّا مُحاكمة للخطاب السياسيّ الفلسطينيّ في الداخل. 

بالإضافة، لا يُمكن فهم لائحة الاتّهام هذه إلّا بسياق الدور الناشط على المستوى الاجتماعيّ والسياسيّ المحليّ، الذي يلعبه كُل من أحمد خليفة ومحمّد الطاهر، وبالذات نشاطهما ضمن "الحراك الفحماويّ" والمُظاهرات المُناهضة للجريمة في المدينة.

تجدرُ الإشارة أنّ تقديم لائحة الاتّهام غير المسبوقة هذه يتوافق مع سياسة الشرطة والنيابة العامّة منذُ السابع من أكتوبر بتجريم الخطاب السياسيّ الفلسطينيّ عن طريق تقديم لوائح اتّهام بتُهم التحريض والتماهي مع الإرهاب بأعقاب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي ومحاولة قمع أي نشاط سياسي ينتقد سياسات الحرب ويطالب بإيقاف الحرب على غزة.
 
 
الصورة من حساب التويتر "أم الفحم نت"
 

(3) تمديد الاعتقال حتى نهاية الإجراءات

 

قدّمت النيابة طلبًا لاعتقال خليفة وجبارين حتّى نهاية الإجراءات بشكل يتماشى مع التعليمات التي أَصدرها المُدَّعي العامّ للشرطة مُنذُ بِداية الحرب بأنّ عليها مُطالبة المحاكم بتمديد اعتقال أي مُتَّهم بقضايا التحريض حَتّى نهاية الإجراءات بحقّه.

 

الإثنين|13.11.2023| محكمة الصلح في حيفا تعقد جلسة في طلب النيابة تمديد الاعتقال حتى نهاية الإجراءات.  ادّعى طاقم الدفاع في هذه الجلسة أن لا أدلّة أوّليّة تُثبت تهم التحريض والتماهي مع الإرهاب، ذلكَ أن هتافات المُظاهرة المعنيّة لم يكن فيها أي تحريض أو مدح للإرهاب، ولا حتّى أي ذكر لأي تنظيم إرهابيّ كان. إضافةً إلى أنّ هذه الهتافات هي هتافات عامّة ومُتكرّرة في كُل مُظاهرة، ولا ترتبط ارتباطًا خاصًّا بأحداث السابع من أكتوبر. كما وادّعى طاقم الدفاع أنّهُ لا يُوجد أي مُسَوِّغ لاستمرار اعتقالهما، إذ ليس هنالك خُطورة متأصّلة في جرائم حرية التعبير كما ولا خطورة تنبع منهما بشكل خاص. لذلك، اقترحَ طاقم الدفاع إمكانية الاكتفاء ببدائل للاعتقال، كالاعتقال المنزليّ، والتي من شأنها الحدّ من الخُطورة المزعومة، إلَّا أنّ محكمة الصلح أرجأت اتّخاذ قرارها لمُدّة أسبوع

 

الثلاثاء|21.11.2023| مَحكمة الصُلح في حيفا تُحيل مَلف مُعتقليْ مُظاهرة أُم الفحم إِلى مكتب مُراقب سلوك الأحداث من أجل الحصول على رأي مُختص بشأن اقتراح بدائل لاعتقال الشابّين حتّى انتهاء الإجراءات القانونيّة بحقّهما. من أجل التداول برأي المُختصّ ونتائج هذا الإجراء، عيَّنتْ المحكمة جلسة إضافيّة في تاريخ 28 كانون أول\ديسمبر للعام 2023. عَلَّلت المحكمة قرارها هذا وَشرعيّة الاعتقال، أنَّهُ وعلى الرغم من أنّ حركة حماس لم تُذكر صراحةً بالهتافات التي خرجَ بها المُشاركون في المُظاهرة المَعنيّة، إلّا أنّ الظروف والتوقيت اللذين هُتِفَت بهما هذه الشعارات يضعانها في موضع مُساءلة، حول إمكانيّة أن تعني وتقصد حماس بشكل مُضمّن.

 

الخميس|28.12.2023| في جلسة بمَحكمة الصُلح بحيفا، والتي امتدّت لثلاث ساعات، استعرضَ طاقم الدفاع الإشكاليّات بتقرير مكتب رقابة سُلوك البالغين. هذا واطّلع طاقم الدفاع على التقرير في اليوم السابق للجلسة، 27.12.2924، فيه أَوصى ضابط السلوك باستمرار اعتقال خليفة وجبارين حتّى نهاية الإجراءات القانونيّة بحقّهما، ذلكَ أنّه يَرَى بأنَّ بدائل الاعتقال لا تكفي باعتقاده لتُجنَّب "الخطورة" التي يُشكّلها المُعتقلين في ظروف الحرب الراهنة.    في مرافعته، ادّعى طاقم الدفاع بأنّ على المحكمة أن تنسب وزنًا أقل لتوصية ضابط السلوك بالمُقارنة مع مضمون التقرير، ذلكَ أنَّ وصف المُعتقلين بالتقارير جاءَ إيجابيًّا بالمُجمل، إلّا أنَّ التوصية النهائيّة جاءت سلبيّة بشكل لا يتناسب بالمرّة مع المضمون. 

 

بالإضافة، ادّعى طاقم الدفاع أنّ على المحكمة الأخذ بعين الاعتبار شروط الاعتقال الصعبة التي يُعاني منها المُعتقلان منذ أكثر من شهرين. في هذا السياق، يجدر التنويه إلى أنّ هذه كانت الجلسة الأولى التي يحضرها المُعتقلان منذُ اعتقالهما قبل أكثر من شهرين، وذلكَ بسبب أنظمة الطوارئ؛ وهوَ ما ساهمَ في إدلائهما بشهادتهما وتسليط الضوء على ظروف اعتقال الأسرى القاسية، المُهينة واللا إنسانيّة في سجن مجيدو وحرمانهم من أبسط مقوّمات الحياة الأساسيّة. على ضوء الشهادات الصعبة طالبت المحكمة مصلحة السجون والدولة بالردّ على شهادات المُعتقلَين.

 
في الختام قررت المحكمة، تمديد اعتقال جَبارين وخليفة حتّى الرابع من كانون الثاني للعام 2024 لفحص بدائل لاعتقالهما حتّى انتهاء الإجراءات بحقّهما، مثل وضعهما تحت الحجز المنزليّ المشروط بمُلازمة مُراقبين لهما إلى جانب تقييدات أُخرى تُحدّدها المحكمة. بالنسبة لجبارين، طلبت المحكمة تقريرا جديدا من مكتب ضابط السلوك حول الكُفلاء الجدد المُقترحين، ممّا أَدَّى إلى تأجيل جلسة جبارين لعدّة أَيّام، وعقد جلساتهما بشكل منفرد.
 
يوم الخميس|04.01.2024| استمعت المحكمة خلال الجلسة إلى الكُفلاء المُقترحين لمُرافقة خليفة خلال الحجز المنزليّ؛ قبلَ أن تطلب في نهايتها اقتراح كُفلاء إِضافيِّين والحصول على تقرير من مُراقب السلوك بشأنهم.
 
يوم الأربعاء| 10.01.2024| استمعت المحكمة إلى الكُفلاء المُقترحين لمُرافقة جبارين خلال الحجز المنزليّ، قبلَ أن تُرجِئ نطقها بالحكم بهذا الشأن حتّى السادس عشر من الشهر الجاري.
 
يوم الخميس|11.01.2024| محكمة الصُلح في حيفا تُقِرُّ بالتناقض في تقرير ضابط السلوك بين توصيفه للمُعتقل وتوصياته النهائيّة بحقّه، وعليه قرّرت إحالة المُحامي أحمد خليفة للحجز المنزليّ بعد مرور أكثر من ثمانين يومًا على اعتقاله. في ردّها على قرار المحكمة، سارعت النيابة العامّة إلى تقديم استئناف على قرار محكمة الصلح إلى المحكمة المركزيّة. 
 

يوم الجمعة| 12.01.2024| عقدت المحكمة المَركَزِيّة في حيفا جلسة في الاستئناف الذي قَدَّمَته النيابة العامّة في اليوم السابق، قبلَ أن تُرجِئ موعد النطق بالقرار حَتَّى يوم الإثنين 15.01.2024.

 

يوم الاثنين|15.01.2024| المحكمة المركزيّة في حيفا تنقض قرار محكمة الصلح وتُقرّر قبول استئناف النيابة العامّة وتُمدّد اعتقال المحامي أحمد خليفة حتّى نهاية الإجراءات بحقّه، مُعلّلةً ذلك "بالخطورة" التي يُشكّلها خليفة على الجمهور العامّ بسبب الظروف الأمنيّة الراهنة، التي تزيد من فُرص انتهاك شروط اعتقاله المنزليّ، أَو حتّى استمراره "بالتحريض" على الإرهاب من خلال تواصله مع مُحيطه. 

 

يوم الثلاثاء|16.01.2024| محكمة الصلح في حيفا تُقرّر تمديد اعتقال محمّد طاهر جبارين حتّى نهاية الإجراءات القانونيّة بحقّه، ذلكَ بادّعاء أَنّها لم تقتنع بالبديل المُقترح للاعتقال.

 

 

موقف عدالة من الاعتقال حتّى نهاية الإجراءات في ملفّات التحريض 

منذ بداية الحرب، وفي أعقاب تعليمات النائب العامّ، جرى تَقدِيم طلبات لتمديد الاعتقال حتّى نهاية الإجراءات في الأغلبيّة الساحقة من مَلَفَّات التحريض. يُعَدُّ تطبيق هذهِ التعليمات في قضايا تتعلّق بالتعبير (كالتحريض والتماهي مع الإرهاب…) إشكاليّة جِدًَا بسبب خُصوصيّة هذة المُخالفات، إذ أنّ تعريفها في القانون جاءَ فضفاضًا للغاية بشكل لا يُمكن معه معرفة حدود التعبيرات القانونيّة بالمُقارنة بتلكَ غير القانونية مُسبقًا. بالإضافة لذلك، فإنَّ "الضرر" الناتج عن هذه المُخالفات -إن حصل- فهوَ غير مباشر أو واضح، خاصّة أنَّ تعريف بعض هذه المُخالفات لا يعتمد على أكثر من تكهّنات أو احتمالات حصول ضرر ما. هذا عدا عن أنّ الضبابيّة في هذه تعريف هذه المُخالفات تَسمح لسُلطات الدولة استعمالها بشكل مُسَيَّس كَأَداة للقمع بالأخصّ ضدّ المُجتمع العربي، كما أُثبِتَ في الفترة الأخيرة. 

 

علاوةً على ذلك، يُمكن أن نستشفّ من تقارير مكتب مُراقب السلوك، إلى استناد ضُبَّاط السلوك في توصياتهم إلى تقديراتهم الشخصيّة حول احتماليّة أن تَنبع "خُطورة" ما من هذه المخالفات بسبب الأوضاع الأمنيّة والحرب وهي اعتبارات خارجيّة لا تمتّ للمُتَّهَمَين بِصِلَة، وهوَ ما يُناقض مَبدَأ الأساس بالقانون الجنائيّ، والذي يَقضي بالامتناع عن التعميم والتعامل مع كُل حالة عينيّة لكُل مُعتقل على حدا. هذا كُلُّه يُفضي إلى تَساؤُلَات حولَ قَانُونيَّة تقارير مُراقب السلوك بشأن جميع المُعتقلين في هذه الفترة، ما يُوَلِّد خشيةمن تداعيات هذا السياسات الذي تُشَكِّل استهدافًا مُباشِرً للخطاب الفلسطينيّ العامّ وتُصعّد من الملاحقات السياسيّة للناشطين والسياسيّين الفلسطينيين في الداخل وتمهّد لإحكام القبضة البوليسية على المجتمع الفلسطيني اتّباع سياسة تكميم الأفواه. 

 

فضلًا عن أنّ قرارات المحاكم وسياسات النائب العامّ هذه تفضح العُنصريّة المُتجذّرة في النظام القضائيّ والشُرطيّ ذلكَ أنَّ تطبيق هذه القرارات وقعَ بشكل حَصريّ على المُواطنين الفلسطينيّين في إسرائيل، دونَ المواطنين اليهود الذين لم يَتوَانوا عن التحريض علنًا على إبادة الغزّيّين أو التحريض على الفلسطينيّين مُواطني إسرائيل.

 
 

(4) الاستئناف للعليا على تمديد اعتقال خليفة

 

يوم الجمعة| 25.01.2024| طاقم الدفاع عن المُحامي أحمد خليفة، يُقَدِّم استئنافًا للمحكمة العليا في القدس على قرار المحكمة المركزيّة. اعتمد طاقم الدفاع في طلبه بالاستئناف على ادّعائين مركزيّين: في الادّعاء الأوّل، بَيَّنَ الاستئناف أنّ من شأن تقرير ضابط السلوك الذي يجزم بأنّ خطورة المُعتقل تنبع من الوضع الأمنيّ للبلاد، أن ينتهك حقّ المُعتقل في الحُرّيّة وفي الحصول على مُحاكمة عادلة؛ ذلكَ أنّ هذا التوصيف الجازم بحقّ المُعتقل يظلُّ ثابتًا وَفاصلًا في كُل الأوقات حتّى وإن تَحسّنَ الوضع الأمنيّ، وقَلَّت خطورة المُعتقل المزعومة في أعقاب ذلك، ما يُوسّع نطاق السُلطة القضائيّة التقديريّة للمحكمة فيما يتعلّق بتجاوز توصية ضابط السلوك. 

 

في الادّعاء الثاني، أشارَ طاقم الدفاع إلى عِدَّة أخطاء في قرار المحكمة المركزيّة، بالذات حين أَقَرَّتْ "خُطورة" خليفة:  أوَّلًا، تجاهل المركزيّة للاشكاليات التي أشارت إليها محكمة الصلح بتقرير ضابط السلوك دونَ تدعيم قرارها هذا بِشَكلٍ كافٍ، ثانيًا؛ تجاهلت المحكمة أنّ الخطورة المنسوبة للمُعتقل ترتبط بمُتغيّرات خارجيّة مثل الوضع الأمنيّ الراهن للحرب وليسَ بمُسبّبات تتعلّق بشخصه، ثالثًا؛ أخطأت المحكمة حينَ نَسبَتْ صفة الخطورة إلى خليفة بسبب مواقفه وآرائه الأيديولوجيّة مُتجاهلةً ظروف الأسر القاسية التي يمرُّ بها المُعتقل، رابعًا؛  أخطات المحكمة حين تجاهلت أنّ التُهمة المُوجّهة للمُعتقل ترتبط بالتعبير عن الرأي، وبالتالي لا تتحقق بها "قرينة الخطورة"، وفوقَ ذلك أَصَرَّت على اعتبار المُتَّهَم بمُخالفات التعبير خَطرًا ما دامَ قادرًا على التعبير والتواصل مع الآخرين. 

 
 
 
 

مُستندات:

  • للاطّلاع على عمل عدالة في الدفاع عن الحقّ في التظاهر في الداخل الفلسطينيّ، اضغط\ي هنا.
  • للاطّلاع على قرار المحكمة برفض استئناف عدالة بشأن تمديد اعتقال محمّد طاهر جبارين، اضغط\ي هنا
  • لقراءة لائحة الاتّهام بحقّ جبارين وخليفة، اضغط\ي هنا.
  • لقراءة طلب النيابة بتمديد اعتقال جبارين وخليفة حتّى نهاية الإجراءات الجنائيّة بحقّهما، اضغط\ي هنا.
  • لقراءة مَحضر الجلسة بطلب تمديد الاعتقال حتّى نهاية الإجراءات، اضغط\ي هنا.
  • لقراءة قرار المحكمة المركزيّة بتمديد اعتقال خليفة حتّى نهاية الإجراءات القانونيّة بحقّه [15.01.2024]، اضغط\ي هنا.
  • لقراءة قرار مَحكمة الصلح بتمديد اعتقال جبارين حتّى نهاية الإجراءات القانونيّة بحقّه [16.01.2024]، اضغط\ي هنا.
  • لقراءة طلب الاستئناف للمحكمة العليا على قرار اعتقال خليفة حتّى نهاية الإجراءات القانونيّة بحقّه [25.01.2024]،  اضغط\ي هنا.
  • لتوجيه رسالة داعمة لهما ولقضيّتهما، رجاءً اترك\ي تعليقًا في قسم التعليقات أدناه.